تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:00 م]ـ

قال أ. د.غانم وفقه الله: (وسوف أعرض عناصر الموضوع الأساسية على نحو مختصر من خلال بحث الفقرات الآتية:

(1) ترجمة حفص بن سليمان القارئ.

(2) أشهر أقاويل المجرحين.

(3) أقوال الموثقين.

(4) مناقشة واستنتاج.

أولاً ـ ترجمة حفص بن سليمان القارئ

لعل من المفيد للقارئ الاطلاع على ترجمة ملخصة لحفص بن سليمان، قبل عرض فقرات الموضوع المتعلقة بتوثيقه وتجريحه، وسوف أقتصر على إيراد نصين لترجمته يمثلان وجهتي نظر متقابلتين لكل من علماء القراءة وعلماء الحديث، الأول من كتاب غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري الذي حاول إبراز النقاط المضيئة في شخصية حفص، والثاني من كتاب الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي، الذي جمع فيه من أقوال التجريح التي يمكن أن تُخْرِجَ حفصاً - لو صحت - من الدين!

قال ابن الجزري: " حفص بن سليمان بن المغيرة، أبو عمر الأسدي الغاضري البزَّاز، ويعرف بحُفَيْص، أخذ القراءة عرضاً وتلقيناً عن عاصم، وكان ربيبه ابن زوجته، وُلِدَ سنة تسعين، قال الداني: وهو الذي أخذ قراءة عاصم على الناس تلاوة، ونزل بغداد فأقرأ بها، وجاور بمكة فأقرأ أيضاً بها، وقال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت عن عاصم رواية أبي عمر حفص بن سليمان، وقال أبو هشام الرفاعي: كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم، وقال الذهبي: أما القراءة فثقة ثَبْتٌ ضابط لها، بخلاف حاله في الحديث، قلت: يشير إلى أنه تُكُلِّمَ فيه من جهة الحديث، قال ابن المنادي: قرأ على عاصم مراراً، وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش، ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ على عاصم ... توفي سنة ثمانين ومئة على الصحيح، وقيل بين الثمانين والتسعين ... ".

وقال ابن الجوزي: " حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي القارئ البزَّاز، وهو صاحب عاصم، ويقال له الغاضري، وهو حفص بن أبي داود، كوفي، حدَّث عن سماك بن حرب، وليث، وعاصم بن بهدلة، وعلقمة بن مرثد، قال: يحيى: ضعيف، وقال مرَّة: ليس بثقة، وقال مرة: كذَّاب. وقال أحمد ومسلم والنسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: تركوه، وقال السعدي: قد فُرِغَ منه منذ دهر، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كذَّاب متروك يَضَعُ الحديث، وقال ابن حبان: كان يَقْلِبُ الأسانيد ويرفعُ المراسيل، وقال أبو زرعة والدارقطني: ضعيف "). اهـ.

قلت: طريقة الترجمة المجملة غير الموثقة في مثل هذه القضية الشائكة غير سليمة، ولكن يعذر الأستاذ غانم في هذا فإنما أراد إبراز وجه الاختلاف بين ترجمة حفص بن سليمان الحديثية وترجمته القرائية.

ولذا اقتصر على كتابين من كتب التراجم، لكن يعيبهما أنهما من المراجع الوسيطة والمتأخرة، التي لا تسلم في الأغلب من اختصار في الألفاظ، وربما أدى هذا إلى الأوهام التي حذر منها الأستاذ،‍ وكلاهما لا أراه سلم من ذلك .. في هذه الترجمة بخصوصها.

فأولهما: كتاب (غاية النهاية) لابن الجزري.

والكتاب كتاب تخصصي تركيزه في تراجمه على جوانب تتعلق بأخذ القراءات وتلقنها وعرضها، وما تفرد به كل راو من الأحرف. ولم يول جوانب الجرح والتعديل عناية تذكر في كتابه، فلا جرم لم يذكر ما ذكره المحدثون في حفص بن سليمان سواءً ما كان من قبيل الجرح أو ما كان من قبيل التعديل.

مع ملاحظة أنه يتصرف في العبارات، وليس في تحليل الألفاظ وفهمها كحال الذهبي في (طبقاته) .. أين هذا من ذاك؟. كما أن الذهبي لم يبلغ مرتبة ابن الجزري في الاهتمام بالترجمة القرائية لرواة كتابه، إذ خلطه بالترجمة الحديثية.

وثانيهما: كتاب (الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي) وهو لا يعدُّ من الكتب الأصيلة عند أهل الحديث .. فإن ابن الجوزي وإن كان من مشاهير الأئمة الفحول ولكنه مشارك متفنن فلذا كثرت عنده الأوهام في الحديث وعلله وجرح الرواة وتعديلهم، وهو مثال لما ذكرنا عن الأعلام المتفننين.

ثم وقفت على قول الذهبي في (الميزان) ([1]) في شأن أبان بن يزيد العطار: ((وقد أورده أيضا العلامة أبو الفرج بن الجوزي في (الضعفاء) ([2]) ولم يذكر فيه أقوال من وثقة، وهذا من عيوب كتابه يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق، ولو لا ان ابن عدي وابن الجوزي ذكر أبان بن يزيد لما اوردته اصلا)). اهـ.

وقال ابن حجر في (التهذيب) ([3]) في ترجمته: ((وقد ذكره ابن الجوزي في (الضعفاء) ([4]) وحكى من طريق الكديمي: عن ابن المديني، عن القطان، قال: أنا لا أروي عنه. ولم يذكر من وثقه، وهذا من عيوب كتابه يذكر من طعن الراوي ولا يذكر من وثقه)). اهـ.

فيكون صنيعه مع حفص بن سليمان من هذا الباب، فلا يصلح دليلاً يستدل به على حال الرجل ولا على واقع كتب التراجم فإنه تفرد بهذا المنهج.

الخلاصة: أن الكتابين لا يعبران بصورة صحيحة عن حال أي راو من الرواة، وكلاهما على طرفي نقيض .. فابن الجوزي ذكر الجرح وسكت عن التعديل، وابن الجزري ذكر التعديل وسكت عن الجرح، فلن يكونا مصدرًا لمعرفة ترجمة هذا الراوي على الحقيقة المبتغاة.

ومع هذا فلم ألحظ في نقله ما لحظه الدكتور غانم في قوله: (جمع فيه من أقوال التجريح التي يمكن أن تخرج حفصًا ـ لو صحت ـ من الدين).

فهذه مبالغة ظاهرة ‍ .. ‍ فلو كان كذلك لخرج آلاف الرواة ممن جرح من الدين، وابن الجوزي ليس إلا ناقل، والعهدة ليست عليه، ويمكن شرح الألفاظ وتوجيهها، وعدم قبول ما كان فيه تعنت منها كقول ابن خراش: (كذاب متروك يضع الحديث).

ولنا مع هذه الأقوال والنقول وقفات في حينها وأوانها.

----الحواشي ----

([1]) الميزان (1/ 16).

([2]) الضعفاء والمتروكين (1: 20/ برقم 18).

([3]) التهذيب (1/ 87).

([4]) الضعفاء والمتروكين (1: 20/ برقم 18).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير