ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:03 م]ـ
قال أ. د.غانم وفقه الله: (ثانياً: أشهر أقاويل المُجَرِّحين:
قال ابن كثير: " إنَّ أول مَن تصدَّى للكلام على الرواة شعبة بن الحجاج، وتبعه يحيى بن سعيد القطَّان، ثم تلامذته: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وعمرو بن الفلاس، وغيرهم". ويكاد معظم الأقاويل في تجريح حفص القارئ يستند إلى ما قاله هؤلاء العلماء الأعلام الذين ذكرهم ابن كثير، وسوف أعرض ما نُقِلَ عن شعبة ويحيى بن معين خاصة، لأن اللاحقين اعتمدوا على أقوالهما، أما الإمام أحمد فإنه وَثَّقَ حفصاً في ثلاث روايات وضَعَّفَهُ في أخرى، وسوف أعرض أقواله عند الكلام على المُوَثِّقين) اهـ.
قلت: معنى تصدى للكلام على الرواة، يعني بحث عن أحوالهم وتتبع مروياتهم، وعدل وجرِّح، وبجهود شعبة والقطان وعبدالرحمن بن مهدي (رحمهم الله) أصبح الجرح والتعديل علمًا يسأل عنه، وتعقد له الحلقات والمناظرات، وبرز هذا في القرن الثالث بروزًا واضحًا، في طبقة تلاميذ المذكورين.
وما ذكره الأستاذ غانم من اعتماد اللاحقين على أقوال شعبة وابن معين فيه نظر؛ لأن ما ذكره شعبة لا يعد جرحًا صريحًا إلا عند المتعنتين والمتشددين من النقاد.
فلا أتصور أن ابن المديني قلد ابن معين، ولا الإمام أحمد كذلك، ولا أبي زرعة وأبي حاتم الرازيين. فربط جميع أقوال النقاد بكلام شعبة لا يستقيم ولا يتوافق مع منهج المحدثين في جرح الرواة وتعديلهم.
أما ابن معين فلم يقلده أحد لا ابن خراش الذي تشدد في رميه لحفص بالكذب والوضع، ولا غيره ممن رماه برواية الأباطيل والمناكير.
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:07 م]ـ
قال أ. د.غانم وفقه الله: ((1) شعبة بن الحجاج الواسطي، نزيل البصرة (ت 160هـ): نقل محمد بن سعد البصري نزيل بغداد، كاتب الواقدي، (ت 230 هـ) وأحمد بن حنبل البغدادي (ت 241هـ) عن يحيى بن سعيد القطان البصري (ت 168هـ) رواية عن شعبة بن الحجاج تتعلق بحفص بن سليمان المِنْقَرِيِّ البصري، لكنها نُسبت بعد ذلك إلى حفص بن سليمان الأسدي القارئ الكوفي الأصل، راوية عاصم.
ذكر ابن سعد في كتاب الطبقات مَن نزل البصرة مِن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –ومَن كان بها بعدهم من التابعين وأهل العلم والفقه، وذكر في الطبقة الرابعة منهم:" حفص بن سليمان مولى لبني مِنْقَر، ويكنى أبا الحسن، وكان أعلمهم بقول الحسن، قال يحيى بن سعيد، قال شعبة: أخذ مني حفص بن سليمان كتاباً فلم يَرُدَّهُ عليَّ، وكان يأخذ كتب الناس فينسخها " (وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل:" حدثني أبي، قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: عطاء بن أبي ميمون مات بعد الطاعون، وكان يرى القَدَرَ، وحفص بن سليمان قبل الطاعون بقليل، فأخبرني شعبة قال: أخذ مني حفص بن سليمان كتاباً فلم يَرُدَّهُ، وكان يأخذ كتب الناس فينسخها".
ولا يخفى على القارئ أن حفص بن سليمان المذكور في قول شعبة هو المنقري، وليس حفص بن سليمان الأسدي راوي قراءة عاصم، لكن بعض العلماء نقل هذا القول في ترجمة حفص بن سليمان الأسدي بعد ذلك، وصار دليلاً على ضعفه في الحديث، ولعل الإمام محمد بن إسماعيل البخاري هو أقدم من وقع في هذا الوَهْمِ، في ما اطلعت عليه من المصادر، وذلك في كتاب الضعفاء الصغير، حيث قال:"حفص بن سليمان الأسدي أبو عمر، عن علقمة بن مرثد، تركوه، وقال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، قال يحيى: أخبرني شعبة قال: أخذ مني حفص كتاباً فلم يرده، قال وكان يأخذ كتب الناس فينسخها".
واستقرت هذه الرواية في ترجمة حفص بن سليمان الأسدي القارئ بعد ذلك، ولم يتنبه المؤلفون إلى أنها رواية بصرية تخص أحد رواة الحديث من البصريين، كيف لا وقد اعتمدها شيخ المحدثين البخاري، معتمداً على روايته عن الإمام أحمد بن حنبل، عن يحيى بن سعيد القطان، عن شعبة بن الحجاج)) اهـ.
قلت: الروايتان الواردتان عند ابن سعد في (الطبقات) ([1])، وعند عبدالله بن أحمد في (العلل) ([2]) صحيحة، وتخص حفص بن سليمان المنقري البصري بلا شك، ويشكر الأستاذ الفاضل في تحريره لهذا الإشكال الذي وقع حول هذه الرواية كما هو موضح في كلامه أعلاه.
¥