تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا غير صحيح، فعامة الاختلاف من جهة ابن معين نفسه، ويندر أن تجد في ذلك اختلاف تضاد، بل مؤدى هذه الألفاظ واحد، ويندر أن يكون بين ألفاظ الناقد الواحد تضاد، وما كان كذلك فيكون مرجعه لتغير الاجتهاد، أو ذلك راجع لطريقة السؤال عن الراوي، أو بالمناسبة التي قيل فيها ذلك القول.

والغريب أن أستاذنا الدكتور غانم يشير إلى القراءة غير الصحيحة لابن معين أو تلامذيه، ويهمل التصرف الواضح البين من ابن الجزري في شطب ما يتعلق بضعف حفص من كلام ابن معين.

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:28 م]ـ

قال الأستاذ غانم في التعليقة الأخيرة ([1]): (ولا يخفى على القارئ أن ابن خراش قد أتى بألفاظ في تجريح حفص لم يأت بها أحد من قبله، وهي تطعن في عدالته وتنسبه إلى الكذب ووضع الحديث. وهذا أمر لا يوجد ما يشير إليه في أقوال المعاصرين لحفص أو يدل عليه. ولعل من المناسب أن نذكر هنا أن ابن خراش هذا كان رافضياً يطعن على الشيخين، فما بالك بمن هو دونهما (ينظر: السيوطي: طبقات الحفاظ ص 297)) اهـ.

قلت: عبدالرحمن بن يوسف بن خراش (283هـ) اتهم بالرفض وجدت هذا عن الحافظ عبدان الأهوازي (306هـ)، فيما رواه ابن عدي في (الكامل) ([2])، قال: سمعت عبدان يقول: وحمل بن خراش الى بندار عندنا جزأين صنفهما في مثالب الشيخين، فأجازه بألفي درهم فبنى بذلك حجرة ببغداد ليحدث فيها فما متع بها، ومات حين فرغ منها.

وتبعه محمد بن يوسف الحافظ (390هـ) فيما رواه حمزة السهمي (427هـ)، قال: سألت أبا زرعة محمد بن يوسف الجرجاني عن عبد الرحمن بن خراش، فقال: كان خرج مثالب الشيخين، وكان رافضيًا ([3]).

وهذا لا شك أنه منقول عن قول عبدان فيه .. فلم يدركه ولم يعاصره.

وهذا ضرب من الجرح المردود، فابن خراش من الحفاظ الكبار الذين كانت تعقد لهم مجالس التحديث والمذاكرة، وكان يقرن في زمانه بأبي حاتم وأبي زرعة، وربما حضر مجالسهما وذاكرهما وغيرهما من حفاظ زمانه.

فقد سلم له معاصروه ومن بعدهم بتمام المعرفة بهذا الشأن أما ما رمي به من التشيع فهذا ثابت عنه، ولا أرى أنه وصل إلى درجة الرفض، والقصة التي رواها عبدان من أنه صنف مثالب الشيخين، لم يذكرها كبار النقاد، ولست أدري ما الذي حصل بينه وبين عبدان، فقد غمزه في حفظه وروايته واتهمه بتصنيف المثالب، وهو متعنت كذلك متشدد، والخلاف في المذهب قد يؤدي إلى أكثر من ذلك.

ومما رماه به قوله: قلت لابن خراش: حديث (لا نورث ما تركناه صدقة)، قال: باطل! قلت: من تتهم في هذا الإسناد؟ رواه الزهري، وأبو الزبير، وعكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أتتهم هؤلاء؟ قال: لا إنما أتهم مالك بن أوس.

عقب الذهبي على هذا بقوله: لعل هذا بدر منه وهو شاب؛ فإني رأيته ذكر مالك بن أوس بن الحدثان في (تاريخه)، فقال: ثقة.

فانظر كيف حصل من التثبت ما يشكك في القصة الآنفة.

وقال ابن عدي: وسمعت أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة يقول كان بن خراش في الكوفة إذا كتب شيئا من باب التشيع يقول لي هذا لا ينفق الا عندي وعندك يا أبا العباس ([4]).

فهذا ثابت عليه التشيع ولكنه في حد ذاته ليس جرحًا ترد به الرواية إذا سلم معتنقه من الرفض أو الطعن في الصحابة، فمثل هذا يخرج عن حد العدالة .. ولكن في مثل شأن هذا الرجل جليل القدر ينبغي أن يتأنى في أمره.

فهذا ابن عدي ينقل عن شيخه الناقد أبي نعيم عبد الملك بن محمد (323هـ): أنه سمعه يثني على بن خراش هذا، وقال: ما رأيت أحفظ منه لا يذكر له شيخ من الشيوخ والأبواب إلا مر فيه ([5]).

وقال الخطيب: كان أحد الرحالين في الحديث إلى الأمصار، وممن يوصف بالحفظ والمعرفة ([6]).

وقال ابن المنادي: كان من المعدودين المذكورين بالحفظ والفهم للحديث والرجال ([7]).

وهذا ابن عدي يبرأه من تهمة الكذب الذي هو دين الشيعة الغلاة .. قال ابن عدي: وابن خراش هذا هو أحد من يذكر بحفظ الحديث من حفاظ العراق، وكان له مجلس مذاكرة لنفسه على حدة، إنما ذكر عنه شيء من التشيع كما ذكره عبدان فأما الحديث فأرجو أنه لا يتعمد الكذب ([8]).

وهذا هو الحق في شأنه، كما أنه لا يمكن أن يتهم في شأن الرواة، فهو ممن يعتمد قوله في جرحهم وتعديلهم ([9]) .. وقد صنف تاريخًا حافلاً اعتمده المؤرخون من أهل السنة، وهذا اعتراف منهم بتقدمه في هذه الصنعة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير