تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الغريب أنه لم يطعن فيه بالرفض أحد ممن يعتمد قوله ممن أدركه من النقاد الكبار البخاري ومسلم وأبو زرعة وأبو حاتم وابن وارة الرازيين، وغيرهم .. فهم أعرف به، ولا من أهل بغداد ونقادهم الكبار. فلو كان رافضيًا غاليًا فماذا عساه يصنع بحديث أهل السنة ورواتهم من التبحر في ذلك والتقدم فيه بل والتصنيف فيه، فهل للرافضة من حديث وعلل ورجال، هذا ليس لهم ولا كرامة من هذا العلم شيء يذكر إلا الكذب .. وهذا لم يجرب عليه شيء من ذلك} قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين {.

فلو وجد عليه أدنى شيء مما رمي به لذكره ابن عدي في (كامله) .. فهو أول من صنفه في الضعفاء وحط عليه تبعًا لشيخه عبدان الأهوازي.

وعبدان من الكبار الذين يقبل قولهم في الرواة جرحًا وتعديلاً، إلا أنه كانت فيه جلافة وشدة على الكبار ([10])، فما بالك بابن خراش الذي يخالفه في المذهب.

فالذي أراه أن يدرس حال هذا الرجل وينظر في كلامه في الرواة هل فيه حط على أهل السنة وخاصة أهل الشام، وموقفه من ضعفاء الشيعة، حتى نتبين أمره فقد رأيت ابن حجر عرض به في مقدمة كتاب (اللسان) ([11])، فقال: ((وممن ينبغي أن يتوقف في قبول قوله في الجرح من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب؛ وذلك لشدة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة وعبارة طلقة، حتى أنه أخذ يلين مثل: الأعمش، وأبي نعيم، وعبيد الله بن موسى، وإساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثق رجلاً ضعفه، قبل التوثيق.

ويلتحق به عبد الرحمن بن يوسف بن خراش المحدث الحافظ فإنه من غلاة الشيعة بل نسب الى الرفض فيتأنى في جرحه لأهل الشام للعداوة البينة في الاعتقاد)). اهـ.

قلت: ومن هذا ثلب عبدان الأهوازي لعبدالرحمن بن يوسف بن خراش، وتفرده بذكر معايبه وتتبع هناته وسقطاته في الأسانيد التي لم يذكرها سواه.

وليته إذا أشار إليه ذكر أدلته على ذلك، كما ذكر منتقدوه أدلة خطأه هو! ..

أما كونه من غلاة الشيعة فهذا إنما أخذه ابن حجر من كلام عبدان فيه ليس إلا، وعليه مشى الذهبي ([12]) وابن ناصر الدين ([13]).

وقد استوقفني سؤال وجهه حمزة السهمي في (سؤالاته) للحافظ الثقة أحمد بن عبدان محدث الأهواز (388هـ)، فقال: سألت أحمد بن عبدان عن عبدالرحمن بن يوسف بن خراش يقبل قوله: قال لم أسمع فيه شيئًا ([14]).

فقوله: (يقبل قوله) .. هذا ظاهر أن السؤال نابع عن معرفة السائل والمسؤول بحاله في التشيع، فحن على قبول قوله في الجرح والتعديل حتى يتبين لنا خلافه، ولم أجد الخطيب وهو من أهل بلده طرحه بل ملء كتابه بأقواله ومن بعده كافة المؤرخين حتى الذين غمزوه ولينوه.

أما كونه (أتى بألفاظ في تجريح حفص لم يأت بها أحد من قبله، وهي تطعن في عدالته وتنسبه إلى الكذب ووضع الحديث. وهذا أمر لا يوجد ما يشير إليه في أقوال المعاصرين لحفص أو يدل عليه).

فهذا لا شك فيه أنه جرح شديد، وقد سبقه به ابن معين ولعله مشى على منواله، وإن كان هو له بصر ومعرفة ويمكن أن يؤول كلامه على ما ذكرناه من وقوفه على أحاديث باطلة ومنكرة فاتهم بها حفصًا.

أما أنه هو الذي كذب واختلق الموضوعات فهذا شيء لا يقر عليه ابن خراش بتاتًا .. ولا يقبل منه ذلك.

---الحواشي---

([1]) نقلتها هنا لتكون ضمن ما قيل فيه من جرح، ولتتم المناقشة في سياق واحد.

([2]) الكامل (4/ 321).

([3]) سؤالات السهمي برقم (341).

([4]) الكامل (4/ 321).

([5]) الكامل (4/ 321).

([6]) تاريخ بغداد (10/ 280).

([7]) تاريخ بغداد (10/ 280).

([8]) الكامل (4/ 321).

([9]) ذكر من يعتمد قوله برقم (364).

([10]) ترجمت له ترجمة محررة وموسعة في كتابي (زوائد رجال ابن حبان) (3/ 1421 ـ 1439) ونقلت فيها بعض ما ورد في شأنه من جرح مردود، فنحن هنا كذلك لا نقبل ما حط به على ابن خراش.

([11]) اللسان (1/ 95).

([12]) في الميزان (2/ 600).

([13]) بديعة الزمان (ص121).

([14]) سؤالات السهمي برقم (341).

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:30 م]ـ

((والخلاصة هي: أن علماء الجرح والتعديل نسبوا حفص بن سليمان القارئ إلى الضعف في الحديث، مستندين إلى قول شعبة: إنه كان يستعير كتب الناس فينسخها، ولا يردها. وإلى قول أيوب: أبو بكر أوثق من أبي عمر. وكلا الأمرين لا يصلح أن يكون علة لتضعيفه، أما الأول فقد بان أنه وَهْمٌ، وأما الثاني فإن قول أيوب يمكن أن يعني أن حفصاً ثقة لكن شعبة أوثق منه. وسوف أعود لمناقشة ذلك بعد عرض أقوال الموثقين لحفص)) اهـ.

سبق أن بينا أن الرواية المذكورة عن شعبة ليست بجرح في حق من قيلت فيه وهو (حفص المنقري) بأدلة ذكرناه هناك، فنقلها إلى ترجمة حفص القارئ على سبيل الوهم لا يجعلها سببًا لجرحه كذلك.

وما ذكره من أن علماء الجرح والتعديل نسبوا حفص للضعف في الحديث من أجل هذه الرواية غير صحيح، هذا لو تنزلنا بأنها من قبيل الجرح، وذلك أني لم أر من ساقها واعتمدها في تضعيف الرجل سوى البخاري في (الضعفاء الصغير)، وتبعه في ذلك العقيلي في (الضعفاء)، وابن حبان في (المجروحين)، وابن عدي في (الكامل) .. وهؤلاء الثلاثة إنماهم في المرتبة الثانية بعد أهل النقد الأوائل، وربما يقع لهم الوهم بالتقليد.

وأصرح من جعلها جرحًا في الرجل هو ابن حبان بقوله: ((وكان يأخذ كتب الناس فينسخها، ويرويها من غير سماع)) ([1]). ولا نقره على هذا الفهم! فأين ذهبت أقوال بقية النقاد الكبار؟ الذين لهم اجتهادهم الخاص المعروف .. هو ما تراه في الوقفة التالية.

وأما ما فهمه الأستاذ من كلام أيوب فهي قراءة ظاهرية للفظه، ولم يقرأها ضمن سياق العبارة فالذي أراه أن قوله: (أبو عمر البزاز أصح قراءة من أبي بكر بن عياش) واضح أنه خاص بالقرآة.

وأن عبارة: (وأبو بكر أوثق من أبي عمر) عبارة مستأنفة أراد بها بيان حاله، وهي غير صريحة، فكما أنها تحتمل التوثيق، تحتمل ضعفه كذلك! والقرائن تدل على ذلك.

---الحواشي----

([1]) المجروحين (1/ 255).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير