ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:51 م]ـ
(2) سعد بن محمد بن الحسن العوفي، تلميذ حفص:
انتقل حفص بن سليمان الأسدي القارئ من الكوفة إلى بغداد، ولعل ذلك حصل في منتصف القرن الثاني الهجري أو بعده بقليل، وكان له من العمر قريباً من ستين سنة، ونزل في الجانب الشرقي منها، ونقل الخطيب البغدادي عن ابن مجاهد (ت 324هـ) قوله:"حدثنا محمد بن سعد العوفي، حدثنا أبي، حدثنا حفص بن سليمان، وكان ينزل سُوَيْقَةَ نصر، لو رأيته لَقَرَّتْ عَيْنُكَ به علماً وفهماً.
وسعد بن محمد العوفي هذا أحد تلامذة حفص بن سليمان القارئ في بغداد، وأخذ عنه قراءة عاصم، قال ابن مجاهد في كتابه السبعة:" حدثني محمد بن سعد العوفي، عن أبيه، عن حفص، عن عاصم: أنه كان لاينقص نحو (هزواً) و (كفواً)، ويقول: أكره أن تذهب مني عشر حسنات بحرف أدَعُهُ إذا هَمَزْتُهُ ")) اهـ.
قلت: هو أحد تلاميذ حفص في القراءة، لكنه كحال شيخه لين في الحديث، زد على ذلك أنه مطعون عليه في عدالته.
قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله أخبرني اليوم أنسان بشيء عجب! زعم أن فلانًا أمر بالكتاب عن سعد بن العوفي، وقال: هو أوثق الناس في الحديث، فاستعظم ذاك أبو عبد الله جدًا، وقال: لا اله الا الله سبحان الله! ذاك جهمى امتحن أول شيء قبل أن يخوفوا وقبل أن يكون ترهيب فأجابهم، قلت لأبي عبد الله: فهذا جهمى إذًا؟ فقال: فأى شيء، ثم قال أبو عبد الله: لو لم يكن هذا أيضًا لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه ولا كان موضعًا لذاك ([1]).
فهذا الرجل لم يسلم من الطعن عليه في عدالته وفي روايته، فكيف نقبل تعديله وليس بأهل لذلك.
ولو سلمنا فقبلناه فهو لا يعني الثقة في الرواية إنما هو ثناء عليه في علمه وفهمه، وهذا لا يتجه إلا فيما أشتهربه حفص وأخذه عنه تلميذه ألا وهو علم القراءة، وهذا لا نجادل فيه.
----الحواشي ------
([1]) انظر ترجمته في تاريخ بغداد (9/ 126)، اللسان (3/ 18).
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:54 م]ـ
(3) الإمام أحمد بن حنبل (ت241 هـ):
ذكر الخطيب البغدادي أربع روايات منقولة عن الإمام أحمد، في ترجمة حفص بن سليمان الأسدي المقرئ، ثلاث منها فيها توثيق، ورواية فيها تضعيف، والروايات المُوَثَّقَةُ له هي قوله:
أ- هو صالح.
ب ـ ما كان بحفص بن سليمان المقرئ بأس.
ج- عن حنبل، قال سألته، ي عني أباه، عن حفص بن سليمان المقرئ، فقال هو صالح، وقوله: (أباه) يعني عمه أحمد بن حنبل.
أما الرواية التي ورد فيها تضعيف لحفص فقال فيها عنه وأبو عمر البزاز متروك الحديث.
ونقل ابن أبي حاتم رواية التضعيف على هذا النحو:" أنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، في ما كتب إليَّ، قال سمعت أبي يقول: حفص بن سليمان، يعني أبا عمر القارئ، متروك الحديث".
ويبدو لي أن عبارة (يعني أبا عمر القارئ) مما أضافه ابن أبي حاتم إلى الرواية، حتى لا ينصرف الذهن إلى حفص آخر، ولكن من المحتمل أن يكون ابن أبي حاتم قد وَهِمَ في إضافة هذه العبارة، كما وَهِمَ في نسبة قول شعبة في استعارة حفص للكتب إلى حفص بن سليمان القارئ في الموضع نفسه، فقد يكون المقصود بذلك حفص بن سليمان المنقري)) اهـ.
قلت: يلزمنا هنا تحرير القول في نسبة هذه الروايات إلى الإمام أحمد وبيان من المقصود بها وما المقصود منها:
فقوله: (هو صالح) .. رواها الخطيب ([1]): أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق، أنبأنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سألته (يعني أباه) عن حفص بن سليمان المقرئ، فقال: هو صالح.
وقال: روى عمر بن محمد الصابوني عن حنبل قال سألته (يعني أباه) عن حفص بن سليمان المقرئ، فقال: هو صالح ([2]).
وقوله: (ما به بأس) .. رواها الخطيب ([3]): أنبأنا بن رزق، أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا حنبل بن إسحاق، قال: قال أبو عبد الله: وما كان بحفص بن سليمان المقرئ بأس.
هذه الروايات الثلاث المذكورة عن الإمام أحمد التي عدل فيها حفص بن سليمان لا تسلم من الشك والتشكيك في أن تكون في حفص بن سليمان المقرئ، وقد ثبت عندي ما يمكن به رد الرواية الأولى فهي في سميه حفص المنقري بلا شك، فالذي في (العلل): سألته عن حفص بن سليمان المنقري، فقال: هو صالح ([4]).
¥