تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:58 م]ـ

هذه الوقفة حول استنتاج أ. د. غانم الأول الذي يدور حول المطالبة بترجيح أقوال المعدلين على المجرحين .. بعد أن بين خطأ من ضعفه وفق ما ظهر له.

((رابعاً: مناقشة واستنتاج:إن ما تقدم من بيان لأقاويل المُجَرِّحِينَ لحفص بن سليمان الأسدي، وأقوال المُعَدِّلِينَ له، يقتضي إعادة النظر في الموضوع كله، في ضوء الحقائق التي تكشفت من خلال البحث، وعلى النحو الآتي:

(1) إن تضعيف حفص بن سليمان القارئ في الحديث يحتاج إلى مراجعة، بل قد يحتاج إلى تعديل وتصحيح، وذلك بتغليب أقوال المعدِّلين له، لأن التعديل يُقبل من غير ذكر سببه، على الصحيح المشهور، ولا يُقبل الجرح إلا مُبَيَّن السبب.

وقد اتضح أن سبب تضعيف حفص بن سليمان القارئ الرئيس هو قول شعبة بن الحجاج، وقد بان أن شعبة كان يعني حفص بن سليمان المنقري البصري، ويؤكد ذلك أن ابن سعد نقل عن شعبة أن حفصاً المنقري كانت لديه كتب استفاد منها أخو زوجته أشعث بن عبد الملك في معرفة مسائل الحسن، لأن حفصاً هذا كان أعلمهم بقول الحسن)) اهـ.

هذا السبب الذي بنى عليه الأستاذ هذا لاستنتاج قد تمت مناقشته باستفاضة فيما تقدم .. ولكن الذي أود التعقيب عليه في هذه الوقفة هي القاعدة التي اعتمدها في ترجيح تعديل حفص على جرحه وهي قوله: (التعديل يُقبل من غير ذكر سببه، على الصحيح المشهور، ولا يُقبل الجرح إلا مُبَيَّن السبب).

وهذا هو الصحيح المقرر عندهم، ولكن ذلك في حال حفص لا يستقيم لأنا لم نجد تعديلاً صريحًا يفزع إليه في حاله ويمكن أن يرجح على قول أئمة النقد الذين جرحوه، وما ذكر الأستاذ معترض عليه، كما أنه صدر بعضه ممن ليس من النقاد الذين يقبل قولهم في جرح الرجال وتعديلهم إما بسبب ضعف البعض أو عدم الأهلية أو التوسع والتكلف في فهم عبارات الثناء .. على ما بيناه في مواضعه.

ثم إن الأستاذ بكلامه هذا كأنه يقرر أن جرح حفص غير مفسر وهو في الواقع مفسر في كلام غير واحد ممن جرحه.

فكل من قال فيه (ضعيف الحديث) أو (منكر الحديث) أو (متروك الحديث) .. دل قوله على أن سبب ضعفه وتركه النكارة الواردة في مروياته بل صرح بعضهم بذلك فقال: (أحاديثه كلها مناكير).

وأصرحهم في ذلك زكريا الساجي إذ فصل بقوله: (يحدث عن سماك، وعلقمة بن مرثد، وكذلك عن قيس بن مسلم، وعاصم بن بهدلة أحاديث بواطيل).

وابن حبان في قوله: (كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل).

وابن عدي في قوله: (عامة حديثه عن من روى عنهم غير صحيحة).

وفي قوله: (روى عن علقمة أحاديث مناكير لا يرويها غيره).

وهؤلاء جميعًا من أهل السبر والتتبع.

فهذا جميعه من الجرح المفسر الذي تعلقه بضبط الرواية لا بالعدالة كما قد يفهم .. ورددناه في موضع من هذا الوقفات.

وسنؤكد ذلك أو ننفيه بتتبع مروياته جميعها وبيان ما فيها من نكارة أو بطلان .. (هذا إن كان في العمر بقية) ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولو سلمنا أن هذا الجرح غير مفسر، فلا نسلم بأن ما ذكر فيه من تعديل هو توثيق صريح على ما بينا في مناقشاتنا السابقة، فنجري على حفص قاعدة (أن من خلا من المجروحين من تعديل قبل الجرح فيه مجملاً غير مبين السبب إذا صدر من عارف) وهو هنا صدر من أئمة الناس في هذا الباب.

والراجح في مسألة تعارض الجرح والتعديل تقديم الجرح، قال الخطيب ([1]): ((اتفق أهل العلم على أن من جرحه الواحد والاثنان وعد له مثل عدد من جرحه، فإن الجرح به أولى؛ والعلة في ذلك ان الجارح يخبر عن أمر باطن، قد علمه ويصدق المعدل ويقول له: قد علمت من حاله الظاهرة ما علمتها، وتفردت بعلم لم تعلمه من اختبار امره، وإخبار المعدل عن العدالة الظاهرة لا ينفى صدق قول الجارح فيما أخبر به فوجب لذلك أن يكون الجرح أولى من التعديل)). اهـ.

قال السخاوي في (فتح المغيث) ([2]): قال ابن عساكر: ((أجمع أهل العلم على تقديم قول من جرح راويًا على قول من عدله)). اهـ.

قلت: ولهم في ذلك تفصيلات ليس هذا مجال ذكرها.

----الحواشي-----

([1]) الكفاية (ص105ـ106).

([2]) فتح المغيث (1/ 308 ـ 309).

ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 11:59 م]ـ

((ولا يخفى أن تضعيف يحيى بن معين لحفص القارئ كان مبنيًا على فهم غير دقيق لقول أيوب بن المتوكل، على نحو ما بيَّنت من قبل. وبناء على ذلك ينبغي أن يعتمد قول الإمام أحمد بن حنبل في توثيق حفص القارئ، ويحمل ما ورد من تضعيف على حفص آخر، لأن وجود عدد من الأشخاص يحملون اسم حفص بن سليمان قد أوقع بعض العلماء في الخلط بينهم، على نحو ما سنوضح بعد قليل)) اهـ.

أثبتنا فيما سبق بما لا يدع مجالاً للشك أن قول ابن معين مبني على حقائق وليس على قراءة غير دقيقة .. فلا نعيد مناقشته هنا، لكن لي تعقيب على اعتماد قول أحمد ووصفه بأنه (توثيق) وما قاله أحمد في حفص لا يصل إلى درجة التوثيق هذا لو سلمنا به وقبلناه، مع أنا قد تحفظنا عليه فيما مضى، ورجحنا ما يتفق مع أقوال غيره من النقاد ليستقيم الحال ولا يكون هناك نوع تناقض في أقوال الإمام أحمد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير