- ويكتبون عن بعض الرواة للاعتبار برواياتهم.
- ويكتبون عن البعض للمعرفة فحسب.
والضرب الأخير في عداد من لا يروى عنه ولا يحتج بحديثه.
ولا ينتفع الراوي برواية الثقة عنه إلا إذا كان في عداد المجهولين، أما إذا كان ضعيفًا لم تنفعه رواية الثقة عنه، اللهم إلا إن كان ممن عرف عنه أنه لا يحدث إلا عن ثقة .. كعبدالرحمن بن مهدي والقطان وغيرهما ([1]).
وقد عقد ابن ابن أبي حاتم لهذه القضية بابًا في كتاب (الجرح والتعديل) .. فقال:
(باب في رواية الثقه عن غير المطعون عليه أنها تقويه، وعن المطعون عليه أنها لا تقويه)
وقال فيه: ((سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقه مما يقويه؟ قال: إذا كان معروفًا بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولاً نفعه رواية الثقة عنه.
وقال: سألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوى حديثه؟ قال: أى لعمرى ! قلت: الكلبي روى عنه الثوري؟! قال: إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم فيه، قال أبو زرعه: حدثنا أبو نعيم، نا سفيان، نا محمد بن السائب الكلبي (وتبسم الثوري).
قال أبو محمد: قلت لأبي ما معنى رواية الثوري عن الكلبي وهو غير ثقة عنده؟ فقال: كان الثوري يذكر الرواية عن الكلبي على الإنكار والتعجب، فتعلقوا عنه روايته عنه، وإن لم تكن روايته عن الكلبي قبوله له)) ([2]). اهـ.
والنتيجة الصحيحة لهذا الحصر مقلوبة على الأستاذ، وذلك أن حفص بن سليمان المقرئ إذا كان بين ثقتين أو عدلين في الإسناد، وكان الحديث فردًا أو مما يستنكر، فلا يكون لحمل إلا عليه لما استقر في أذهان المحدثين منذ زمن الرواية إلى يومنا هذا أنه ضعيف الحديث.
وهذه النتيجة هي التي عرف بها المحدثون أهل الاستقرا والتتبع ضعف حفص المقرئ.
هذا إذا سلمنا بصحة استنتاج الأستاذ فإن فيه نظراً؛ إذ لم يستوعب الشيوخ والتلاميذ.
---الحواشي -----
([1]) انظر زوائد رجال صحيح ابن حبان (المدخل) (1/ 168 ـ 187) ذكرت هناك (43) راويًا ممن قيل لا يروي إلا عن ثقة .. وفي بعضهم بحث ونظر.
([2]) انظر الجرح والتعديل (2/ 36).
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:34 ص]ـ
لعل مما يُعَزِّزُ هذه النتيجة أن تُعْقَدَ دراسة لمرويات حفص بن سليمان القارئ من الأحاديث، ومروياتِ مَن يشاركه في الاسم، ويُدْرَسَ حال رجالها، وتُوَازَنَ بمرويات غيرهم من المحدثين، للتحقق مما ورد عند ابن حبان من أن حفصاً كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، أو نحو ذلك مما نسبه إليه بعض العلماء بعد أن صنفوه في الضعفاء والمتروكين، وأرجو أن أتمكن من القيام بمثل هذه الدراسة في المستقبل، أو يقوم بها غيري ممن هو أكثر معرفة مني بعلم الحديث.
إذا كان الراوي متروكًا، أو غلب على مروياته المناكير فإنه لا فائدة كبيرة ترجى من دراسة حديثة .. وهذا ما أراه في حال حفص بن سليمان إذ أنه لو كان حديثه صالحًا للاحتجاج لذكر في دوواين السنة المشهورة، فلا يوجد له في الستة إلا حديثين: واحد في (سنن الترمذي) ([1]) وضعفه، وآخر في (سنن ابن ماجه) ([2]) ..
وليس له في (المسند) على سعته شيء يذكر.
ولكن لأجل الإشكالات التي أثارها بحث الأستاذ الدكتور غانم، فلربما بقيت تهمة الخطأ موجههة إلى المحدثين في تضعيفهم له.
ولربما أخطأت في بعض ما ذهبت إليه في الدراسة النظرية، فلا بد والحالة هذه من دراسة مروياته حتى نقطع الشك باليقين وهو ما ستراه بإذن الله تعالى في (ملتقى أهل التفسير) على حلقات.
---الحواشي---
([1]) السنن (5: 171/ برقم2905).
([2]) السنن (1: 81/ برقم 224).
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[04 Dec 2005, 12:39 ص]ـ
(5) والخلاصة التي يمكن ننتهي إليها من العرض السابق ونختم بها هي القول: إن حفص بن سليمان الأسدي كان إماماً في القراءة، ضابطاً لها، أفنى عمره في تعليمها، بدءاً ببلدته الكوفة التي نشأ فيها، ومروراً ببغداد التي صارت عاصمة الخلافة، وانتهاء بمكة المكرمة مجاوراً بيت الله الحرام فيها، وهو في أثناء ذلك أبدى اهتماماً برواية الحديث النبوي الشريف، لكنه لم يتفرغ له تفرغه للقراءة، ومن غير أن يتخصص فيه، لكن ذلك لا يقلل من شأنه أو يكون سبباً للطعن في عدالته، بعد أن اتضح أن تضعيفه في الحديث كان نتيجة البناء على وَهْمٍ وقع فيه بعض العلماء المتقدمين، ويكفيه فخراً أن
¥