والناظر في بعض كتب التجويد المعاصرة يجد فيها بعض التناقض الشديد والتضاد في كثير من المسائل بينها وبين مصنفات الأئمة المعتبرين القدامى ومرجع الترجيح في ذلك عند الخلاف لما سطره الأوائل مع ضبط ذلك بالتلقي من الشيوخ المتصل سندهم بالنبي ?.
قال الدكتور مساعد طيار حفظه الله:
((بل إنني أدعو إلى صياغة علم التجويد صياغة تتناسب مع التطبيق، وتقلل من التنظيرات والعلل التي ليست من صلب هذا العلم، وكذا ما دخله من اجتهادات متأخرة صار العمل عليها عند بعض المقرئين، وليس فيها سند عن المتقدمين ممن ألف في هذا العلم، وهذه مسألة أراها مهمة للغاية للتجديد في طرح هذا العلم، وتقريبه بصورة واضحة مشرقة بعيدة عن التعقيد والتطويل الذي لا يفيد كثيرين ممن يريدون تعلم هذا العلم))
وأعلم وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى أن المراجع البحثية المتعلقة بعلوم التجويد تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أولا مراجع أصلية ثانيا مراجع ثانوية ثالثا مراجع يستأنس بها لا تقدم ولا تأخر في إثبات أي قضية بحثية تجويدية.
فالمراجع الأصلية: مثل أقوال الأئمة المعتبرين سواء كانوا من علماء المائة الثانية إلى المائة العاشرة مثل أقول أئمة القراء العشرة وابن مجاهد وأبو مزاحم الخاقاني والداني ومكي وعبد الوهاب القرطبي والشاطبي والسخاوي والجزري ومن في عصرهم أقوالهم حجة تثبت بأقوالهم أي قضية في التجويد.
والمراجع الثانوية: مثل أقوال علماء المائة الحادية عشر إلى المائة الثالثة عشر.
والمراجع التي يستأنس بها: أقوال علماء المائة الرابعة عشر إلى وقتنا المعاصر وإن كان كلامهم لا يقدم أو يؤخر في القضية شيئا. وذلك لأن علم علماء السلف أفضل من علماء الخلف بكثير لقوبهم من عصر النبوة ومن أراد المزيد في بحث هذه المسألة عليه بكتاب العلامة ابن رجب (فضل علم السلف على علم الخلف) ففيه الفائدة لمن كان له قلب
ومن مناهج البحث التي تعلمتها في كلية القرآن بالمدينة المنورة لو كانت هناك مسألة خلافية بين المتقدمين والمتأخرين نقدم أقوال المتقدمين لأنهم عرب فصحاء وليس كما يزعم من باعه في التجويد أقل من شبر من قوله: " أقوال الورق الأصفر الذي عفا عليه الزمن لا يؤخذ بقولهم ".
والحذر كل الحذر من تطوير وتجديد قواعد التجويد وهذا التجديد قد وقعت فيه بعض الكتب المعاصرة من قولهم بالفرجة وتقدير زمن الغنة بحركتين وتعريف الحركة بقبض الإصبع أو بسطه وإمالة القلقلة ناحية الحركة.
وتعتبر كتب التجويد القديمة رافدا من الروافد الثرية في ثبوت أي قضية من قضايا التجويد , ويجب على القارئ أن يعرض ما يتلقاه عن شيخه على الأصول المقررة في كتب التجويد للأئمة الأوائل خشية أن يكون شيخك وهِم في بعض ما يلقنك إياه , وإياك أن تأخذ كل ما يقوله شيخك بالمسلمات , فإن بعض الشيوخ يصيبهم الكبرياء في الرجوع عن بعض أقواله وعند سؤاله عن الدليل لما يقول يستدل بأنه تلقها هكذا , حتى ولو جاءه النص عن ابن الجزري فيما يخالف قوله لا يقبل به ’ ويلزم من يقرأ عليه برأيه ولا يقبل المساومة عليه وهذا العمل أشبه ما يكون بنظرية فرعون في الاستدلال " ما أريكم إلا ما أرى " وقد غلب على العصور المتأخرة نزعة التقليد وجمود العبارة وغموضها في بعض الأحيان , ولا يساورك شك في أن ما سطره العلماء الأوائل تقعيد لكيفية قراءة النبي ?. وهذا الكلام الأخير مسوق للاستدلال به على أن ما في بعض كتب التجويد المعاصرة ليس بالمسلمات , بل يجب عرض هذه القواعد على كلام وقواعد الأوائل فما وافق أخذنا وما خالف رددنا بالتي هي أحسن بلسان الأوائل لا بلساننا.
وفي الآخر , ليس هدفي بهذا البحث لنيل رسالة الماجستير أو الدكتوراه بل لأنال به رضى الله تعالى , وأسأله تعالى أن يتقبله مني خالصا وجهه , وأن يضع له القبول عند الناس , فإن القبول عند الناس رزق يوسعه الله – تعالى – على قوم , ويضيقه على آخرين , ولا معقب لحكمه. والله تعالى أسأله التوفيق والسداد آمين.
أ/ فرغلي سيد عرباوي
باحث في علم الأصوات التجويدية
{التعريف بالشفتين مخرج صوت الميم}
¥