وقد تبين من الفتوى المتقدمة أن قراء الشام قرؤوا ويقرئون بالإطباق لم يجاوزوه إلى غيره وبعض تلامذتهم الذين قرؤوا عليهم أول حياتهم بالإطباق حسب ما تلقوه لا يزالون أحياء فالتلقي بالإطباق، وجاءت الفرجة اجتهادا من غير تلقي، نسأل الله تعالى أن يجزل الأجر لجميع هؤلاء العلماء الأفذاذ، ويجزيهم عنا أفضل الجزاء ... اهـ.
{الشيخ محمد مكي نصر الجريسي قال بإطباق}
قال الشيخ محمد مكي نصر الجريسي من تلاميذ الشيخ محمد المتولي ومن طبقة الشيخ الضباع في كتابه نهاية القول المفيد: " ... وتجعل المنطبق من الشفتين في الباء أدخل من المنطبق في الميم , فزمان انطباقهما في) أَنْ بُورِكَ) أطول من زمان انطباقهما في الباء لأجل الغنة ... " فقوله فزمان انطباقهما. يدل أن التلقي في عصره كان بالإطباق وعلل ذلك أن زمن الغنة كان هو العامل في طول زمن انطباق الشفتين على الميم أكثر من الباء ,.
ففي كلامه نص صريح بالإطباق , وكتابه من الكتب ا لمنشرة بين المدرسين وطلاب العلم. وكذلك كتاب السلسبيل الشافي للشيخ عثمان بن سليمان مراد تلميذ حسن الجريسي الكبير لم يصرح في منظومته الرائعة بأي شئ عن ترك الفرجة والشيخ عثمان مراد أصله تركي و ممن أخذ عنه وتتلمذ عليه الشيخ محمود على البنا القارئ المشهور والشيخ المشهور أبو العنين شعيشع. وكذلك كتاب غاية المريد في علم التجويد لم يصرح مصنفه بترك الفرجة بل ذكر الاحتراز المسمى"بالكز "
{العلامة الصفاقسي في تنبيه الغافلين قال بالإطباق}
وقال الشيخ علي النوري الصفاقسي كتاب صاحب غيث النفع المتوفى سنة 1053 هـ في كتابه الرائع تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين:" وأما القلب فعند حرف واحد وهو الباء نحو انبعث، أن بورك، صم بكم فيقلبان ميما خالصة مع الغنة فهو في الحقيقة إخفاء الميم المقلوبة لأجل الباء قال في النشر فلا فرق حينئذ في اللفظ بين (أَنْ بُورِكَ) وبين (يَعْتَصِمْ بِاللَّه) " فهذا العلامة الصفاقسي قال ميما خاصة ولم يشر أدنى إشارة للفرجة. وكذلك لم يشرح بذلك في كتابه غيث النفع في القراءات السبع , وهو من الشروح الرائعة لمنظومة الشاطبي.
{الدكتور غانم قدوري الحمد شيخ المحققين قال بالإطباق}
ذكر الشيخ الدكتور غانم قدوري الحمد خير من ابرز وأخرج مخطوطات التجويد القديمة للنور والطباعة في رسالته لنيل درجة الدكتوراه قال الآتي: " يفسر بعض المجودين المعاصرين إخفاء النون عند الباء على نحو لا يتضح له أصل في كلام علاء التجويد الذين اطلعت على كتبهم , وهو أنهم يرون أن الإخفاء هو أن تجافي بين شفتيك حين تنطق بالميم شيئا قليلا , ثم تطبقهما عند الباء بعدها. وكان الشيخ عامر السيد عثمان , هو أحد علماء القراءة في الأزهر , ومحقق الجزء الأول من كتاب (لطائف الإشارات لفنون القراءات) للقسطلاني بالاشتراك مع الدكتور عبد الصبور شاهين – لا يقبل ممن يقرأ عنده إطباق الشفتين عند نطق الميم قبل الباء ويأبى إلا انفراجهما , وذلك عند ترددي عليه للقراءة سنة 1975 م وقت إقامتي في القاهرة لدراسة الماجستير. ولكني لم أجد في كتب التجويد ما يؤكد هذا الاتجاه في فهم إخفاء الميم "
وإليكم هذا البحث أيضا في حكم الميم مع الباء للدكتور غانم قدوري الحمد من أهل العراق البارزين والمحققين العارفين في علم الأصوات والتجويد وله قصب السبق في تحقيق مصنفات التجويد القديمة المخطوطة فقد نفض غبار الأتربة عنها وأخرجها للنور ليعلم القاصي والداني دقة ما سطره العلماء الأوائل.
قال الدكتور غانم في كتابه" أبحاث في علم التجويد " طبعة دار عمَّار عمان الأردن:
مبحث في حقيقة النطق بالميم الساكنة قبل الباء:
المتأمل لنطق المجيدين من قراء القرآن في زماننا يجد أنهم ينقسمون على قسمين في كيفية النطق بالميم المخفاة قبل الباء:فمنهم من يجافي بين شفتيه قليلا عند النطق بالميم، ثم يُطبق شفتيه إذا انتقل إلى نطق الباء بعدها، وهو المشهور في الديار المصرية ومن أخذ القراءة عن قرائها. ومنهم من لا يجافي بين شفتيه عند النطق بالميم ويُطبق شفتيه للميم والباء، وهو المشهور في الديار العراقية. وقد تحققتُ من ذلك بالأخذ عن الشيوخ والسؤال عنه، ففي سنة 1975، وقت إقامتي في القاهرة لدراسة الماجستير، حيث أتردد على الشيخ عامر السيد عثمان، أحد
¥