أو جملة، كقوله تعالى في سورة الروم: (ويومئذ يفرح المؤمنون)، فتقدير الكلام: فيوم إذ ينتصر الروم، أهل الكتاب، على الفرس، عبدة النار، يفرح المؤمنون بنصر الله، لأن أهل الكتاب أقرب للمسلمين من الفرس الوثنيين، فكانوا أحق بتأييد المسلمين من هذه الجهة، ولا شك أن دليل الإعجاز هنا أبلغ وأوضح منه في حالة الكلمة، لأن التعويض عن جملة كاملة بحركة واحدة، أبلغ من التعويض عن كلمة بنفس الحركة، والله أعلم.
تنوين الترنم: وهو يقع في الشعر ضرورة، أي لضرورة النظم، ويلحق الأفعال، والأصل فيها ألا تنون، لأن التنوين من علامات الاسم، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وتفصيل ما سبق يطلب من كتب النحو، والله أعلم.
ومن مسائل هذا البيت:
الفرق بين النون الساكنة والتنوين:
أولا: أن النون الساكنة تظهر كتابة ولفظا، خلاف التنوين، فهو لا يظهر إلا لفظا.
ثانيا: أن النون الساكنة قد تتوسط، "أي تأتي في وسط الكلمة"، وقد تتطرف، "أي تأتي في طرف الكلمة"، خلاف التنوين فهو لا يقع إلا متطرفا، فلا يتصور تنوين في وسط كلمة.
ثالثا: أن النون تقع في الأسماء، كقولك: "نعمان"، والأفعال، كقولك: "نصلي"، بينما التنوين لا يقع إلا في الأسماء فقط، فهو من العلامات التي يعرف بها الاسم، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
.
رابعا: أن النون لا تسقط وقفا، أي عند الوقوف عليها، إن كانت متطرفة، كالوقوف عليها، في كلمة: "من"، في قوله تعالى " (من هاد)، أو وصلا.
بينما التنوين يسقط وقفا، كما في لفظ "أترابا"، في قوله تعالى: (وكواعب أترابا)، إن وقفت عليه، ويعوض عنه بمد يعرف بـ: "مد العوض"، ومقداره حركتان، ولا يسقط التنوين وصلا بطبيعة الحال، والله أعلم.
وقوله: "والمدود":
يعلم منه أن الشيخ، رحمه الله، قد تعرض لمسألة المدود، وقد أفرد لها، الجزء الأخير من المنظومة، كما سيأتي بيانه تفصيلا إن شاء الله.
والمد لغة: الزيادة، ومنه قيل لمد البحر "مد" لأنه زيادة في موج البحر حتى يصل إلى الشاطئ، وعكسه: "القصر"، وهو النقص.
واصطلاحا: زيادة المد في حروف اللين لأجل همزة أو ساكن، هكذا عرفه الشيخ علي محمد الصباغ، رحمه الله، وقد يرد على التعريف أمران:
الأول: أنه طبقا لقواعد علم النطق في صناعة التعاريف والحدود، لا بد أن يكون الحد المعرف خاليا من أي كلمة تدل على "المعرف"، بفتح الراء، صيغة اسم مفعول، وقد ذكر الشيخ، رحمه الله، هنا، كلمة "المد"، في تعريف "المد"، فلزم منه الدور، وهو توقف الشيء على نفسه، وهذا غير جائز في اصطلاح أهل المنطق، وعليه فإنه يمكن أن يستبدل لفظ: المد، بـ: زيادة الصوت، فيقال بأن المد: هو زيادة الصوت في حروف اللين لأجل همزة أو ساكن، والخلاف يهون إذا ما أردنا بالتعريف مجرد إيصال المعنى لذهن الناظر، بأي صيغة كانت، دون التقيد بهذه الحدود المنطقية الدقيقة، فعلى سبيل المثال: التعريف بالمثال قد يكون أبلغ من التعريف بالحد المنطقي، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام، رحمه الله، فلو سئلت عن تعريف الخبز، على سبيل المثال، فأيهما أسهل: أن تأتي للسائل برغيف خبز، وتقول له هذا هو الخبز، أم أن تعرفه بقولك: هو ذلك القرص المستدير المصنوع من الدقيق .......... الخ، لا شك أن الأول أسهل وأبلغ في إفهام السائل، والله أعلم.
والثاني: أن الشيخ، رحمه الله، قال: (في حروف اللين)، والمد يكون في حروف المد (الألف والواو والياء)، وحروف اللين: (الواو والياء إن سكنتا وفتح ما قبلهما)، فاكتفى الشيخ، رحمه الله، بذكر حروف اللين فقط، وقد يخرج قول الشيخ، رحمه الله، بأنه قصد بحروف اللين، حروف المد جميعها، لأن المتأمل في حرف الألف، يجد أنه ساكن في نفسه، وما قبله لا بد أن يكون مفتوحا فلا يعقل في اللغة أن تأتي ألف بعد ضم أو كسر، وعليه يكون حرف الألف حرف مد ولين في نفس الوقت، ويكون قول الشيخ: (حروف اللين)، شاملا لحروف المد، وزيادة، فيشمل: حروف المد: (الألف الساكنة، المفتوح ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة، المكسور ما قبلها، وقد جاءت كلها في كلمة: "نوحيها")، وحروف اللين: (الواو والياء إن سكنتا وفتح ما قبلهما،
¥