فوجهه: أن النون حرف له غنة، والباء حرف شفوي، يلزم إطباق الشفتين عند نطقه، والإتيان بالنون من طرف اللسان، مع إظهار غنتها، ثم الانتقال مباشرة إلى إطباق الشفتين للإتيان بالباء من مخرجها، أمر فيه كلفة، فلا يحسن إظهارهما معا في نفس الوقت لثقل ذلك.
فإن قال قائل: إذا تعذر الإظهار، فالإدغام يحل محله، والجواب:
أن إدغام النون الساكنة في الباء، أمر غير مستحسن، لقلة التناسب بينهما، فالمخرج مختلف، فالنون من طرف اللسان، والباء شفوية، والصفات مختلفة، فالأولى تغن، والثانية لا غنة فيها، والباء من حروف الشدة، التي يجمعها قولك: (أجد قط بكت)، والنون من الحروف المتوسطة، التي يجمعها قولك: (لن عمر)، فلا هي بالشديدة ولا الرخوة.
فلم يبق إلا قلب النون إلى حرف يشترك معها بعض الخصائص، ويشترك مع الباء في خصائص أخرى، فكأنه قنطرة يعبر اللسان عليها من النون إلى الباء دون كلفة أو مشقة، فناسب أن نأتي بحرف الميم:
لأنه يشترك مع النون في صفة الغنة، بل هما الحرفان الوحيدان اللذان يختصان بها، فلا غنة في سواهما، ويشترك مع الباء في المخرج، لأن الميم من الحروف الشفوية كالباء، فسهل بذلك الانتقال من النون الساكنة إلى الباء دون كلفة أو مشقة.
ولكن الميم الساكنة، سواء كانت أصلية، كما في أحكام الميم الساكنة، كما سيأتي إن شاء الله، أو منقلبة عن نون ساكنة أو تنوين، كما في أحكام النون الساكنة، الميم الساكنة إذا أتى بعدها باء، فإنها تخفى إخفاء شفويا، ويأتي شرح الإخفاء الشفوي تفصيلا إن شاء الله.
ومع يلزمنا معرفته هنا، أمران:
الأمر الأول: التنبيه على الإتيان بالغنة، فهي صفة ملازمة للإخفاء سواء كان حقيقيا، في النون الساكنة والتنوين، أو شفويا في الميم الساكنة.
الأمر الثاني: أنه يجب على القارئ الاحتراز من كز الشفتين على الميم المنقلبة عن النون أو التنوين في اللفظ، لئلا يتولد من كزهما غنة ممططة، (من المط)، من الخيشوم، والنطق السليم، كما ذكر الشيخ الضباع رحمه الله، يكون بتسكين الميم بتلطف من غير ثقل أو تعسف. اهـ.
ويضاف إلى ذلك أنه كما يجب الاحتراز من كز الشفتين، فإنه يجب الاحتراز أيضا من انفراجهما، فالصحيح هو ضمهما ضما لطيفا، مع إبقاء فرجة صغيرة بينهما تسمح باندفاع لطيف للهواء الخارج من تجويف الفم، والله أعلم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 Mar 2006, 01:49 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
أعتذر عن خطئي في إدراج حكم الإقلاب قبل حكم الإدغام
وعودة للإدغام حيث شرع الناظم، رحمه الله، في بيانه فقال:
والثان: إدغام بستة أتت ******* في (يرملون) عندهم قد ثبتت.
وبداية مع تعريف الإدغام:
فهو لغة: الإدخال، يقال أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه، وأدغمت الميت في اللحد إذا جعلته فيه.
واصطلاحا: التقاء حرف ساكن (وهو النون الساكنة أو التنوين) بمتحرك (وهو أحد حروف الإدغام)، بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا يرتفع اللسان عنه ارتفاعة واحدة.
والعلاقة بين التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي، واضحة، فصورة المسألة: إدغام أو إدخال حرف في حرف، بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا، لأن الساكن إذا أدغم في متحرك، آل اللفظ إلى النطق بحرف مشدد، فالحرف المشدد، في لغة العرب، هو عبارة عن حرفين أولهما ساكن، وثانيهما متحرك، فالدال في لفظ دابة، على سبيل المثال، هي دالان، أولاهما ساكنة، والثانية متحركة، فكأن أصل الكلمة: (ددابة)، بدالين ساكنة ومتحركة، كما تقدم، والله أعلم.
ومن تعاريفه الموجزة: النطق بالحرفين كالثاني مشددا، وهذا تعريف جيد، مع وجازته، لأن حقيقة الإدغام تؤول إلى ذلك، فإدغام النون الساكنة في الياء، على سبيل المثال، كما في قوله تعالى: (من يقول)، يؤول عند النطق إلى النطق بياء مشددة، فجسم الحرف الساكن، قد أدغم في جسم الحرف المتحرك، فزالت حركة اللسان به، فلم نعد نحتاج لحركتين: حركة اللسان بالحرف الساكن، ثم حركته بالحرف المتحرك، وإنما يكفينا في هذه الحالة حركة واحدة ينتج عنها النطق بالحرف الثاني مشددا، فالأمر هنا خلاف الإظهار، هناك إبقاء كامل لجسم الحرف الساكن، (النون الساكنة أو التنوين)، وهنا زوال كامل لجسم الحرف،
¥