ـ[مهاجر]ــــــــ[10 Apr 2006, 03:50 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
ثم شرع الناظم، رحمه الله، في الكلام على المد اللازم، وهو أقوى المد، وأعلاها مقدارا، فقال:
ولازم إن السكون أصلا ******* وصلا ووقفا بعد مد طولا
فالمد اللازم، كما يظهر من البيت السابق، شرطه: أن يأتي بعد حرف المد السكون، وهو السبب الثاني من أسباب المد، فخرج بذلك المد المتصل والمنفصل لأن حرف المد فيهما يأتي بعده السبب الأول من أسباب المد وهو الهمز، ولكن هذا السكون مقيد بكونه "أصليا"، أي أنه من نفس بنية الكلمة لا عارض عليها بسبب الوقف، فخرج بهذا القيد المد العارض للسكون ومد اللين العارض للسكون لأن السكون التالي لحرف المد فيهما سكون عارض نتيجة الوقف كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وهو ما أكده الناظم، رحمه الله، بقوله: وصلا ووقفا، ليشير إلى أن السكون هنا من نفس بنية الكلمة لا كسكون المد العارض الذي يثبت وقفا لا وصلا، والله أعلم.
وهو أقوى أنواع المد، كما تقدم، وحكمه: الوجوب، ومقداره: 6 حركات، ومن ذلك:
قوله تعالى: (الصاخة)، فألف المد متبوعة بخاء مشددة، والخاء المشددة في حقيقتها: خاء ساكنة متبوعة بخاء متحركة، فتحصل لدينا: ألف مد ساكنة متبوعة بخاء ساكنة سكونا أصليا، والتقاء ساكنين أمر مستقبح، كما تقدم، فيجتنب في هذه الصورة بالمد، وبما أن السكون التالي لحرف المد هنا أصلي، وقفا ووصلا، فالمد حتم لازم في جميع الحالات، والله أعلم.
وقوله تعالى: (الطامة)، وما قيل في الآية السابقة يقال في هذه الآية، إلا أن الحرف المشدد التالي لألف المد هنا هو الميم المشددة، فنتج لدينا، تبعا للتفصيل السابق، ألف مد ساكنة متبوعة بميم ساكنة سكونا أصليا، وعليه لزم المد.
وقوله تعالى: (الضالين)، وقد اجتمع فيه نوعان من المد سببهما السكون:
فالأول: هو المد اللازم، الذي سببه مجيء اللام المشددة بعد ألف المد الساكنة، فنتج لدينا: ألف مد ساكنة متبوعة بلام ساكنة سكونا أصليا، وهذا هو سبب المد اللازم، فيمد القارئ وجوبا 6 حركات.
والثاني: مد عارض للسكون، عند الوقوف على آخر الكلمة، فينتج لدينا ياء مد ساكنة متبوعة بسكون غير أصلي، وهذا قيد مهم جدا يتبين به الفرق بين النوعين، كما تقدم، وهذه صورة المد العارض، ولكن لما كان سببه هنا غير أصلي، أي أنه ليس من نفس بنية الكلمة، كما هو الحال في اللازم، جاز فيه المد والتوسط والقصر، 2 أو 4 أو 6 حركات، على التفصيل السابق في المد العارض، والله أعلم.
وقوله تعالى: (أتحاجوني)، وقد وقع فيه المد اللازم في موضعين:
الموضع الأول: ألف المد الساكنة المتبوعة بالجيم المشددة، فينتج لدينا ألف مد ساكنة متبوعة بجيم ساكنة، على التفصيل السابق.
والموضع الثاني: واو المد الساكنة المتبوعة بالنون المشددة، فينتج لدينا واو مد ساكنة متبوعة بنون ساكنة، على التفصيل السابق.
ويضيف الشيخ الضباع، رحمه الله، قيدا مهما لالتقاء الساكنين في هذا النوع، فيقول:
ويشترط أن يكون الساكن متصلا بحرف المد في كلمته، كما مثلنا، فإن انفصل عنه تعين حذف المد لفظا نحو:
قوله تعالى: (وقالوا اتخذ)، فواو المد الساكنة في "قالوا" منفصلة عن ألف الوصل الساكنة في "اتخذ"، لذا يكون المد هنا مدا طبيعيا مقداره حركتان.
وقوله تعالى: (والمقيمي الصلاة)، فياء المد الساكنة في "المقيمي" منفصلة عن ألف الوصل الساكنة في "الصلاة"، لذا يكون المد هنا، أيضا، مدا طبيعيا مقداره حركتان.
وقوله تعالى: (إذا السماء)، فألف المد الساكنة في "إذا" منفصلة عن ألف الوصل الساكنة في "السماء"، لذا يكون المد هنا، أيضا، مدا طبيعيا مقداره حركتان.
بتصرف من منحة الجليل ص107_108.
ثم شرع الناظم، رحمه الله، في بيان أقسام هذا المد فقال:
أقسام لازم لديهم أربعة ******* وتلك كلمي وحرفي معه
كلاهما "مخفف مثقل" ******* فهذه "أربعة" تفصل
فتبين لنا من البيتين السابقين أن أقسام المد اللازم تؤول إلى 4 أقسام:
المد اللازم الكلمي، ويتفرع عنه نوعان: كلمي مخفف وكلمي مثقل.
والمد اللازم الحرفي: ويتفرع عنه نوعان: حرفي مخفف وحرفي مثقل.
ثم شرع، رحمه الله، في بيان المد الكلمي، بصفة عامة دون التطرق لأنواعه، فقال:
فإن بكلمة سكون اجتمع ******* مع حرف مد فهو كلمي وقع
فشرطه، كما تبين من الأمثلة السابقة، أن يجتمع سكون أصلي مع حرف المد، في كلمة واحدة، ولذا سمي بالكلمي، نحو:
قوله تعالى: (دابة)، فلفظ: "دابة" كلمة تتكون من أكثر من حرف من حروف المعجم، وقد وقعت فيها باء مشددة بعد ألف المد الساكنة، فنتج لدينا اجتماع ساكنين أصليين: ألف المد والباء الأولى من بائي الباء المشددة، فلزم المد، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أكثر من موضع.
وثناه ببيان المد الحرفي، بصفة عامة أيضا دون التطرق لأنواعه، فقال:
أو في ثلاثي الحروف وجدا ******* والمد وسطه فحرفي بدا
فهو يقع في الحروف المقطعة الموجودة في أول السور بشرط: أن يكون هجاء الحرف على ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد، كما في:
قوله تعالى: (ن)، فهجاء حرف (ن): نون، وهو كما يظهر يتكون من 3 أحرف، أوسطها حرف مد وهو "الواو"، وهو حرف ساكن جاء بعده نون ساكنة سكونا أصليا، باعتبار أن الحروف المقطعة تقرأ منفصلة حرفا حرفا، ولازم ذلك الوقوف على كل حرف، فيتولد سكون في آخر هجائه، كما هو الحال في النون التالية لواو المد في هذا المثال، وعليه تتحقق صورة المد اللازم: اجتماع ساكنين أصليين، أولهما حرف مد، فيمده القارئ 6 حركات، كما تقدم، والله أعلم.
ومنه قوله تعالى: (ص)، فهجاء حرف (ص): صاد، فهو أيضا ثلاثي، وسطه ألف مد ساكنة متبوعة بدال ساكنة سكونا أصليا، على التفصيل السابق، وعليه تتحقق صورة المد اللازم، فيمده القارئ 6 حركات، والله أعلم.
بتصرف من منحة ذي الجلال ص110_111.
والله أعلى وأعلم
يتبع إن شاء الله
¥