رابعا: المد المنفصل: وسببه، كما تقدم، مجيء الهمز بعد حرف المد في كلمتين بحيث يكون حرف المد آخر كلمة والهمز في أول الكلمة التالية، كما في قوله تعالى: (بما أنزل)، ومقداره: 2 أو 4 أو 5 حركات، وسبب تأخر هذا المد في الرتبة: أن حرف المد وسببه قد انفصلا بحيث أتى حرف المد في كلمة وسبب المد في كلمة أخرى، بخلاف الأنواع السابقة التي اجتمع فيها حرف المد مع سببه في كلمة واحدة، ولو وقف القارئ على الكلمة الأولى "التي تنتهي بحرف المد"، كـ: (بما) في هذه الآية، لسقط المد وتحول إلى مد طبيعي.
خامسا: مد البدل: وسببه كما تقدم، تقدم الهمز على حرف المد، كما في قوله تعالى: (ءامنوا)، ومقداره حركتان، وهو أضعف أنواع المد، لمخالفته الصورة الأصلية للمد الفرعي: وهي تقدم حرف المد على سببه لا العكس كما هو حاصل هنا، والله أعلم.
وبهذا الترتيب قال الناظم:
أقوى المدود لازم فما اتصل ******* فعارض فذو انفصال فبدل.
وفائدة الترتيب السابق تظهر في أمرين:
أولا: عند اجتماع نوعين من المد في آية واحدة:
فإذا جاء مد منفصل بعد مد متصل في آية واحدة، على سبيل المثال، فمد القارئ المتصل: 4 حركات، فإنه لا يصح أن يمد المنفصل بعده بمقدار 5 حركات، وإن كان هذا جائز في الأصل، لأن المنفصل يمد: 2 أو 4 أو 5 حركات، كما تقدم، لأن هذا يوهم السامع أن المنفصل أقوى من المتصل، لأن الأول مد بمقدار: 5 حركات والثاني بمقدار 4 حركات، وهذا أمر غير صحيح، بطبيعة الحال، وعليه يمد المنفصل في هذه الحالة بمقدار: 2 أو 4 حركات.
والعكس بالعكس، فإذا جاء المتصل بعد المنفصل، ومد القارئ المنفصل: 5 حركات، فإن القارئ يمد المتصل: 5 حركات، على الأقل، أيضا ولا يمده: 4 حركات، وإن كان هذا جائزا في الأصل، لئلا يظن السامع أن المتصل أضعف من المنفصل حيث مد الأول 4 حركات والثاني 5 حركات.
ثانيا: عند اجتماع سببين للمد في كلمة واحدة، فيقدم سبب المد الأقوى، وسبقت الإشارة إلى ذلك، كما في قوله تعالى: (ءآمين): حيث اجتمع سبب مد البدل "بتقدم الهمز على حرف المد"، وسبب المد اللازم "بمجيء سكون أصلي بعد حرف المد"، فيقدم الثاني على الأول لأنه أقوى.
وكما في قوله تعالى: (وجاءوا أباهم)، حيث اجتمع سببان للمد: سبب المد المنفصل "بمجيء الهمز بعد واو المد في كلمتين" وسبب مد البدل "بتقدم الهمز على واو المد"، فيقدم المنفصل لأنه أقوى، والله أعلم.
وبقيت بعض أنواع المد التي يذكرها علماء التجويد في كتبهم ومن أبرزها:
مد هاء الصلة، وهو ينقسم إلى نوعين:
مد هاء الصلة الصغرى: وفيه تأتي هاء ضمير الغائب بين متحركين، ليس الثاني منهما، أي الذي يأتي بعدها، همزا، ومقداره: حركتان، كما في:
قوله تعالى: (به قبل)، فهاء ضمير الغائب وقعت بين باء وقاف متحركتين، والثاني بطبيعة الحال ليس همزا، والله أعلم.
وقد وقعت بعض الحالات الاستثنائية التي تحققت فيها صورة مد الصلة الصغرى، ومع ذلك لا يمده القارئ، كما في:
قوله تعالى: (يرضه لكم)، فهاء الضمير وقعت بين ضاد ولام متحركتين، ومع ذلك لم يحصل مد الصلة الصغرى في هذه الآية، فتحقق السبب وتخلف المسبب، ولا يسأل في هذا الموضع عن سبب تخلف المد رغم تحقق صورته مراعاة لسنة القراءة، فهي الضابط الأول في هذا الأمر، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وقوله تعالى: (أرجه وأخاه): فهاء الضمير وقعت بين جيم وواو متحركتين، ومع ذلك لم يحصل مد الصلة الصغرى، والله أعلم.
والنوع الثاني هو: مد هاء الصلة الكبرى: وفيه تأتي هاء الضمير بين متحركين ثانيهما، أي الحرف الذي يأتي بعد الهاء: همز، ومقداره: 2 أو 4 أو 6 حركات، كما في:
قوله تعالى: (مقداره ألف)، فهاء الضمير وقعت بين راء وهمزة متحركتين، والهمزة هي التي وقعت بعد الهاء.
وكمد هاء الصلة الصغرى، وقعت بعض الحالات الاستثنائية، التي تحقق فيها السبب وتخلف المسبب مراعاة لسنة القراءة، كما في:
قوله تعالى: (فألقه إليهم)، فهاء الضمير وقعت بين قاف وهمزة متحركتين، والهمزة هي الواقعة بعد الهاء، ومع ذلك لا يمد القارئ لعدم مجيء الرواية بالمد.
¥