وقد ذكر أبو عمر الداني (ت444) في وقته قلّة المهرة من أهل الأداء حيث قال في مقدمة كتابه التحديد " أمّا بعد فقد حداني ما رأيته من إهمال قرّاء عصرنا ومقرئي دهرنا تجويد التلاوة وتحقيق القراءة ...... " التحديد ص66. وقال القرطبي (ت461) " ولمّا رأيت من قرأة هذا الزمان وكثيراً من منتهيهم قد أغفلوا اصطلاح ألفاظهم من شوائب اللحن الخفيّ وأهملوا تصفيتها من كَدَرِهِ وتخلّصها من دَرَنِهِ ..... " الموضح ص54. أقول: إن كان المنتهي من القراء في ذلك الزمان قد وصِف بالغفلة والإهمال فمابالك اليوم، وفي ذلك الزمان كان هذا العلم لا يؤخذ إلاّ بالمشافهة ولما كان التلقّى قد اعتراه شيء من النقص بالإهمال والغفلة قام الجهابذة كمكّي القيسي والداني والقرطبي والهمذاني وغيرهم رحم الله الجميع بتدوين هذا العلم لتصليح ألستنهم فكانت هذه النصوص سبب في أصلاح الكثير من اللحن الذي قد اعترى أهل الإقراء في تلك الأزمنة والأزمنة التي بعدها. فإن كانت هذه النصوص سبباً في أصلاح ألسنة أهل الإقراء في ذلك الزمان ألا يكون ذلك في زماننا من باب أولي؟ إن كان القرّاء في ذلك الزمان قد اعرتهم الغفلة والإهمال ألا يكون ذلك في زماننا من باب أولى؟ وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نعتمد على المشافهة مائة بالمائة لأجل ما سبق من البيان فكان لزاماً علينا أن نعرض ما تلقيّناه عن مشايخنا على نصوص أئمّتنا فما وافق أخذنا به وما خالف تركناه. ولأجل هذا كان النصّ مقدّماً على المشافهة.
وهذا مايؤيّده قول المرعشي رحمه الله تعالى حيث قال:" .... لكن لما طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء أكثر شيوخ الأداء، والشيخ الماهر الجامع بين الرواية والدراية المتفطّن لدقائق الخلل في المخارج والصفات أعزّ من الكبريت الأحمر، فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد، بل نتامّل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان المسائل هذا الفنّ، ونفيس ما سمعنا من الشيوخ على ما اودع في الكتب، فما وافق فهو الحقّ، وما خالفه فالحق ما في الكتب. اه " بيان جهد المقل ص 18 في هامش جهد المقل تحقيق أبوعاصم حسن بن عباس بن قطب طبعة مؤسسة قرطبة.
وعلى ما تقدّم من البيان فأقول أنّ المشافهة هي الأصل ولكن هذا الأصل قد يعتريه شيء من تغيير مع مرّالزمان وما نشاهده اليوم من الخلاف في بعض المسائل التطبيقية أكبردليل على ذلك والكلّ يستتر بالمشافهة والسند مع أنّ المصدر واحدٌ ولأجل ذلك فإنّ النصّ مقدّم على المشافهة ولا عبرة بما تواتر عند القراء اليوم على حساب النصوص، فالعبرة بما تواتر وأجمع عليه القدامى. والعلم عند الله.
ولا أريد أن يفهم من كلامي انعدام القراء المتقنين فقد قال النبيّ عليه الصلاة والسلام " لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم ". أقول لو بقىي سند واحدٌ للضاد القديمة لكفى ذلك لأنّ كلمة "طائفة" قد تطلق على الواحد.
وأخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
محمد يحيى شريف الجزائري
ـ[الجكني]ــــــــ[05 Jun 2006, 09:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
لى تعليق بسيط على التعليق البسيط:
كل ما ذكره الأخ محمد يحي الجزائري حفظنى الله وإياه فيه نظر:
1 - ماذكره أولا وثانيأ لايمكن بحال من الأحوال أن يكون فيصلأفى المسألة لأسباب،منها:أن هؤلاء المذكورين ليسوا عرباً أصلا،وهذا ليس تقليلأ منهم وليس عنصرية،معاذ الله تعالى ‘فلا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، ولكن المسألة هي فى حرف العرب الأقحاح الذين هم أهل الفصاحة واللسان كان من ينطق هذا الحرف منهم يكون مبرزأ فيهم،وهذا فى ذاك الزمان الذى هوهو والعرب هم هم
فما يدرينا عن هؤلاء الأفاضل كيف كان نطقهم للعربية،وأقول مرة أخرى ليس هذا من العنصرية ولاالتقليل منهم،ولكن لتستدل على نفي ما هو (مشهور) حتى بلغ التواتريجب أن تكون أدلتك غير قابلة للطعن،
2 - أما ما ذكرت ثانيأ بخصوص استدراك العلماء على الشاطبى رحمه الله تعالى فلا شك عندى أن الحق معه دونهم في كثير من المسائل،ولا أبالغ إذا قلت إن المتأخرين ممن يبالغ فى ما سموه (التحريرات) بنوا مذهبهم هذا على منهج مضطرب منخرم فى كثير من مسائله،وأيضا فتحوا باب الآجتهاد فى القراءة،حتى رأينا ما كتبته أنت من أن كل واحد أصبح يستدرك على من جاء بعده،والكلام فى هذه القضية لايسعه هذا المحل
3 - أما قولك رابعاً:إن من اطلع على النشر 000الخ فابن الجزري رحمه الله لم يسند كل وجه من أوجه القراءات والروايات إلى نص من النصوص،بل فيه كثير من المسائل هي من اختياراته وآرائه التى خالف فيها من سبقه
4 - رغم كل ذلك نحتاج إلى دليل حسي يؤكد لنا أن النطق الذي اختاره هؤلاء المشايخ والعلماء الذين ذكرتهم هو النطق الذي كان ينطق به ابن الجزري والداني والعرب قبلهم،
5 - أتفق معك أن نطق الضاد دالا أو طاء خطأ أيأ كان فاعله،ولكن الذي لاينطقه لادالا ولاطاء هل يجوز له نطقه ظاء؟ ما هكذا القسمة يا أخى0
6 - أما القول بلا عبرة بما تواتر عند القراء اليوم ‘فهذه طامة كبري تحتاج إلى نفس طويل فى البحث 0
والله من وراء القصد
¥