الجواب: ألا تعلم أنّ الأعاجم قد حملوا هذا العلم على أكتافهم خاصّة علم القراءات وهم علماء أصبهان وهمذان والأتراك والمغاربة والأندلسيين وغيرهم حتّى إمام النحو سيبويه فهو أعجميّ. إن كان نطق الأعجميّ يوافق نصوص الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى أيؤاخذ على عجمته؟. ثانيا: هذا القول قال به الشيخ السيّد عامر عثمان شيخ عموم المقارئ المصرية والشيخ إبراهيم شحاته السمنودي والشيخ إبراهيم الشاعر شيخ قراء المسجد النبوي سابقاً ويقول به الكثير من علماء العرب، فلماذا لا تردّ على هؤلاء؟. ففي القرن الواحد العشرين ما نزلنا نتكلم عن العجمة مع أنّ في القرن الثالث جمع البخاري أصحّ كتاب بعد كتاب الله تعالى وهو أعجميّ. لو كنت تعرف منزلة الشيخ الأفغاني والباكستاني في العلوم العربية لما تسرّعت في الكلام.
قولكم: " 2 - أما ما ذكرت ثانيأ بخصوص استدراك العلماء على الشاطبى رحمه الله تعالى فلا شك عندى أن الحق معه دونهم في كثير من المسائل،ولا أبالغ إذا قلت إن المتأخرين ممن يبالغ فى ما سموه (التحريرات) بنوا مذهبهم هذا على منهج مضطرب منخرم فى كثير من مسائله،وأيضا فتحوا باب الآجتهاد فى القراءة،حتى رأينا ما كتبته أنت من أن كل واحد أصبح يستدرك على من جاء بعده،والكلام فى هذه القضية لايسعه هذا المحل "
الجواب: تسميتك للتحريرات منهج مضطرب يدلّ على عدم فهمكم لهذه الأمر لا من قريب ولا من بعيد وسأبيّن ذلك فأقول وبالله التوفيق:
أوّلاً: لقد أبطلت جميع ما قام به المحققون في القراءات من عهد ابن الجزري إلى يومنا هذا.
ثانياُ: لقد خالفت جهابذة الإقراء الذين يأخذون بهذه التحريرات كابن الجزري والمنصوري والأزميري والطباخ والميهي والخليجي والمتولي والضباع والشيخ عبد الفتاح القاضي والشيخ عامر والشيخ الزيات ومشايخ دمشق ومشايخ استنبول وحتى مشايخ الهند وباكستان، لم ينقل عن هؤلاء الأفذاذ الاستهانة بهذه التحريرات.
رابعاً: هذه التحريرات ليست مبنية على الجتهاد بل هي مبنية على النصوص فقد يذكر ابن الجزري وجهاً في النشر وينسبه إلى إمام أو كتاب، وعند الرجوع إلى الكتاب المخطوط نجد خلاف ما ذكر وهي قليلة جداً لأنّ الإنسان مجبورٌ على الوهم، فيؤخذ بالأصل وهذا يعدّ من التحقيق والرجوع إلى النصوص كما فعل الشيخ غانم قدوري الحمد حفظه الله تعالى في مسائل التجويد وهذا النهج هو الذي سار عليه المحققون قديماً وحديثاً. وهذا الخلافات هي خلافات يكمّل بعضها بعضاً لا تمسّ قداسة القرءان حيث نقل إلينا من تلك النصوص بالتواتر الذي يفيد القطع. والاجتهاد لا يكون إلاّ في المسائل التي فيها غموض ولم يرد فيها نصّ كما ذكر ابن الجزري في نشره بخلاف التحريرات فأساسها النصوص. قال الشاطبي رحمه الله تعالى:
وما لقياس في القراءة مدخل ..... فدونك ما فيه الرضا متكفلا.
قولكم: "3 - أما قولك رابعاً:إن من اطلع على النشر 000الخ فابن الجزري رحمه الله لم يسند كل وجه من أوجه القراءات والروايات إلى نص من النصوص،بل فيه كثير من المسائل هي من اختياراته وآرائه التى خالف فيها من سبقه "
الجواب: كلّ الأوجه المذكورة في النشر منبعها نصوص للقدامى ويستثنى من ذلك الترجيع في بعض المسائل الخلافية، تقديم وجهٍ على آخر لقوّته قياساً، الاجتهاد فيما لا نصّ فيه. أريد منك مثالاً حياً في مسألةٍ قد خالف فيها ابن الجزري جميع من سبقه على أساس اجتهادٍ محض. وأنا في اتنظار الجواب.
قولكم:" 4 - رغم كل ذلك نحتاج إلى دليل حسي يؤكد لنا أن النطق الذي اختاره هؤلاء المشايخ والعلماء الذين ذكرتهم هو النطق الذي كان ينطق به ابن الجزري والداني والعرب قبلهم،"
الجواب: النطق الذي قرأ به القدامى هو الموافق لما دوّنوه في كتبهم فيستحيل أن يخالف تطبيقهم تدوينهم إلاّ إذا اتهمناهم أنهم ما عبرّوا عن الكيفية التي تلقوها عن مشايخهم وحاشاهم رحمهم الله تعالى فالعيب فينا وليس فيهم فقد نقلوا لنا القرءان وعلومه على أحسن وجه رحمهم الله جميعاً.
قولكم: "5 - أتفق معك أن نطق الضاد دالا أو طاء خطأ أيأ كان فاعله،ولكن الذي لاينطقه لادالا ولاطاء هل يجوز له نطقه ظاء؟ ما هكذا القسمة يا أخى"
الجواب: أقول نطقها ظاءاً خالصة أولى من نطقها دالاً أو طاءاً لأنّ الظاء هي أقرب الحروف إلى الضاد ولأجل ذلك أمر ابن الجزري بالتمييز فقال " ميّز من الظاء" وقال "إذا تلاقيا البيان لازم أنقض ظهرك " وقد أفرد الظاءات كما فعل الداني قبله لأجل التشابه والتقارب في السمع بين الحرفين، فنطقها ظاءاً أولى عند عدم الاستطاعة عملاً بأخفّ الضررين وقد أفتي بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير ومن المعاصرين الشيخ ابن باز والشيخ العثيمين والشيخ الألباني رحم الله الجميع ولم ينقل عن أحدٍ نطقها شبيهة بالدال أو الطاء.
قولكم: "6 - أما القول بلا عبرة بما تواتر عند القراء اليوم ‘فهذه طامة كبري تحتاج إلى نفس طويل فى البحث "
الجواب: عندي سؤال: أيمكنك أن تحكم على شيء بأنّه متواتر وهو يخالف إجماع القدامى قاطبة؟ ألا تعلم أنّ الضاد رخوة بإجماع العلماء قاطبة؟ قد اختلف العلماء في بعض الصفات كصفة التفشي في الضاد مثلاُ ولكن لم يختلفوا في رخاوة الضاد ولم يجعلوها حتى من الصفات البينية أي بين الشدة والرخاوة. ألا تعلم أنّ القرءان قد وصلنا من العلماء الذين أجمعوا على رخاوة الضاد؟ فكيف تستدلّ بالتواتر المخالف للذين نقلوا لنا القرءان؟ أليس التواتر هو الذي تواتر جيلاً بعد جيلاً أي من جيل الصحابة والقرون المشهود لها بالخيرية؟
ألم يدوّن القدامى ما تلقوه بالسند إلى الصحابة والتابعين ومن ضمن تلك التدوينات رخاوة الضاد.
أكتفى بهذا القدر وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري
¥