3 - قلت:"إن المشافهة هي الأصل ولكن هذا الأصل قد يعتريه شيء من تغيير مع مر الزمن "وقلت:" النص مقدم على المشافهة ولعبرة بما تواتر عند القراء اليوم على حساب النصوص،فالعبرة بما تواتر وأجمع عليه القدامى"0
الرد:
لا أملك إلا أن أقول لكل من يقرأ هذا الكلام: انظر وحلل هذه النصوص واقرأ ما بين سطورها لعلك تجد فيها ما لم أجده، فما وجدت فيها غير منهج يحاول هدم شيء أساسي عند المسلمين تجاه كتاب ربهم وهو (التلقي من أفواه المشايخ) ويحاول عن قصد أو غير قصد أن يبدلهم بأخذ القرآن عن الصحف والكتب، وهنا أترحم كثيراً على الإمام أبي العلاء الهمداني حينما نقل لنا نصوصاً بأسانيده تحذر مما يدعونا إليه الشيخ المرعشي والجزائري،وهذه بعضا نقلتها للقراء من كتابه (التمهيد في علم التجويد بتحقيق د/غانم الحمد:
قال رحمه الله بسنده عن عروة بن الزبير: إن قراءة القرآن سنة من السنن،فاقرؤوا كما أقرئتموه) ص244
وقال:"أحدثك عن رسول الله وتخبرني عن الصحف "
وقال:"لاتقرؤا القرآن على المصحفيين ولا تأخذوا العلم من الصحفيين "
وقال:"لا يفت الناس صحفي ولا يقرئهم مصحفي:247 واستوقفتني في هذا الكتاب قصة لها تعلق شديد بما نحن فيه رواها بسنده وهي: قرأ إمام بقوم سورة الحمد،فقرأ (ولا الظالين) بالظاء فرفسه رجل من خلفه، فقال الإمام: آوّه ضهري،بالضاد، فقال له الرجل: يا كذا وكذا،خذ الضاد من ظهرك واجعلها في الضالين وأنت في عافية0انتهى:266
القرآن يا أخي لا يؤخذ إلا عن الشيوخ، وأيضا: لماذا لاتريحوا أنفسكم وتختصروا الطريق وتأخذوا من الكتب مباشرة دون الرجوع إلى الشيوخ،ولماذا تجعلون الكتب هي المصححة على النقل المتواتر،فإذا كان قولكم أن المشافهة يعتريها تغيير مع مرور الزمن ‘فأثبتوا لنا أن الكتب تسلم من عوادي الزمن ‘ والإنصاف مطلوب 0
هذه عبارات ما وجدتها ولا مثلها عند هؤلاء العلماء حتى تسأل لماذا لا أرد عليهم 0
رابعاً: قلت:"ففي القرن الواحد والعشرين 0000الخ،
أقول: ما يخص غير العرب بينت وجهة النظر من ذكره، وأضف هنا: أليس من الغريب عندك – ولا أقصد شخصك الكريم وإنما أقصد من يقول هذا القول – أنك تحاكم العرب في حرف من حروفهم لغير العرب 0
خامساً:موضوع التحريرات:
استدللت علي من كلامي والرأي الذي طرحته عن منهج أهلها وأنه (مضطرب) بعدم فهمي لهذا الأمر من قريب أو من بعيد،وأجيبك:
اعلم يا أخي أن رأيي في ما تسموه (التحريرات) والله العلي العظيم لا أبتغي به رضا فلان أو غضب فلان، وإنما أريد به وجه الله تعالى حفاظا على القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى للأمة كلها، (وتفصيل ذلك ليس ذا محله) 0
لكن يظهر لي أنك استعجلت بالحكم قبل أن تستفسر عن الدليل والعلة وغير ذلك مما يساعدك على الحكم – إن كان أصلاً يحق لك أو لغيرك الحكم علي أو على غيري، لكن يخفف ذلك معرفتنا أننا في زمن (السرعة) و (الاستعجال) خاصة في الحكم على كل من أتى بقول يخالف ما وجدنا عليه آباءنا، وأقول:
نعم إن منهج المحررين فيما سموه (تحريرات) منهج مضطرب مضطرب (مرتين)،وإذا فتحت مجالا لهذا فا لعبد الضعيف على استعداد لبيان ذلك، نبرأ إلى الله تعالى من قول ليس لنا عليه دليل 0
سادساً: أما القول بأني خالفت وأبطلت جميع ما قام به المحققون من عهد ابن الجزري إلى يومنا هذا، فأسألك سؤالا ولا تستعجل في الجواب عنه وهو: هل يوجد أصلا محقق في القراءات بعد ابن الجزري رحمه الله، أما عندي فوالله لا يوجد ولا أستثني الإزميري ولا المتولي وهما قطبا هذا المسمي (تحريرات) فضلاً عن غيرهما، فكل من جاء بعد ابن الجزري فهو عالة عليه لم يخرج عنه ولا عن نشره 0والتفصيل في هذا يطول 0
والعجب أنك ذكرت ابن الجزري مع أن كتابه النشر ليس فيه ما في كتب التحريرات كالبدائع والروض وغيرها،والعجب الثاني أنك ذكرت الشيخ القاضي وهو قد ألف رسالة ينكر فيها التحريرات ‘وادعاء أنه رجع عن رأيه هذا يحتاج إلى دليل ملموس خاصة وأنه ألفها وهو في الجامعة ألإسلامية أي بعد البدور والله أعلم 0
سابعاً: قولك بأن التحريرات ليست مبنية على الاجتهاد 00الخ،قول يخالفه الواقع من اختلاف المؤلفين فيها فما يجوزه فلان يمنعه أو يضعفه فلان،وباب الاستدراك فيها باب واسع لا أوسع منه إلا رحمة الله تعالى التي نسأله ألا يحرمنا ولا إياكم ولا المسلمين منها0
وأيضاً يا أخي لو رجعت إلى ما كتبت لوجدت أنك تناقض نفسك فمرة تقول فيها بالاجتهاد ومرة بالنص،فتأمل 0
ثامناً: قولك: "النطق الذي قرأبه القدامى00الخ،أقول: الطعن ليس فيما نقلوه عن مشايخهم وإنما نتكلم في (تعبيرهم) عن كيفية نطقهم لذلك الحرف،فالعبارة كثيرا ما تخون، ولو قيل لشخص الآن صف لنا القراءة بالتسهيل مع الإدخال في نحو (ء أنذرتهم) ما ذا سيقول وماذا سيقول الآخر وكل منهما طبق اللفظ على شيخه وأجازه لكن عبارة كل منهما قد لا تفي بالغرض،فهذا شيء وذاك شيء 0
تاسعاً: أما ما يخص الفتوى التي نسبتها أنت للشيوخ ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله تعالى فالنفس منها في شيء،لأني أنزه صغار طلاب العلم فضلاً عن هؤلاء الأئمة من تجويز إبدال حرف مكان حرف في القرآن الكريم، وأيضا لعلم الناس بأن هؤلاء العلماء بالذات ما كانوا يخوضون في صغار مسائل العلم كمسألتنا هذه،وكل علم يسأل عنه أهله0
وأختم الكلام بعبارة وجدتها للإمام الشنتمري "النكت في تفسير كتاب سبويه ":
" والضاد الضعيفة من لغة قوم ليس في أصل حروفهم ضاد،فإذا احتاجوا لإلى التكلم بها في العربية اعتاصت عليهم فربما أخرجوها (ظاء) وذلك أنهم يخرجونها من طرف اللسان وأطراف الثنايا وربما تكلفوا لإخراجها من مخرج الضاد فلم يتأت لهم فخرجت بين الضاد والظاء انتهى 2/ 1245تحقيق د/زهير عبد المحسن0
هذا ما كتبته بيدي وسطرته بقلمي، فلئن كان صواباً فمن الله،وإن كان غير ذلك فهو منى 0
الضعيف:د/السالم محمد محمود (الجكني)
¥