تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قول القرطبي " الطَّاء إذا سَكَنَتْ قُدَّام الفاء، مثل قوله تعالى: " مِنْ نطفة "و " ليطفئوا " فينبغي أن يُنْعَمَ بيان إطباق الطاء لئلا تَرْجِعَ تاء ... " يعني أنَّه ينبغي بيان الطَّاء (وهي صوت مجهور في زمانه في نظر علماء الأصوات) لئلا تتأثر بالفاء (وهي صوت مهموس).

وكلامه في آخر الباب يؤكد لك صِحَّة ما أدَّعي، يقول ص190: " وبالجملة الحروفُ المهموسة إذا لقيت الحروفَ المجهورة، والمجهورة إذا وَلِيَتْها المهموسة وَجَبَ أن يُتَعَمَّلَ لتلخيصها وبيانها لئلا ينقلب المجهور إلى المهموس، ويدخلَ المهموسُ على المجهور، فتختل بذلك ألفاظ التلاوة وتتغير طلاوتها.

فهذا وما أشبهه عنوان هذا الباب، فقس عليه مثله إن شاء الله تعالى." اهـ

أخي الشيخ، إنّ علماء الأصواتِ كغيرهم من البَشرِ يعتريهم ما يعترى البشر مِنَ الوهم والخطأ، وإنَّ مسألة الطاء من المسائل الدَّقيقة التي اجتهدوا فيها بعدما أثْبَتَتْ تجاربهم أنَّ الطاء في نطقنا المعاصر صوتٌ مهموس ... ولكنْ لم ينعقد الإجماع على أنَّ وَصْفَ الطَّاء بالهمس حَقٌ لا ريب فيه! والقَوْلُ بحصول تطوّر في صوت الطَّاء يظل – في نظري - اجتهادًا أكثر من كونه حقيقة عِلْمِيَّةً لا جدال فيها.

ولا شك في أنَّ القول بأنَّ الطَّاءَ صوتٌ مهموسٌ يُثير بعض الإشكالات ... لأنَّ القدماء وصفوا هذا الصوت بأنه مجهور، ولذا فإن علماء الأصوات اجتهدوا في تفسير التباين بين وصف القدماء ونطق المعاصرين، ولم يصرِّحوا بأنّ نطق القراء اليوم للطّاء خطأٌ يجب اجتنابه.

وذهب بعضهم إلى أنَّ وَصْفَ القدماء للطَّاءِ بالجهر مَبْنيٌّ على أساس فهمهم لظاهرتي الجهر والهمس ... وأنَّ اهتزاز الأوتار الصوتية مع الأصوات المجهورة وعدم اهتزازها مع الأصوات المهموسة فَهْمٌ حَادِثٌ لم يَعْرِفْهُ القدماء.

ومِنَ السهل تخطئة المُحْدَثَين وردُّ اجتهاداتهم ... ولكن كيف يمكن أَنْ نُفسِّر النُّصوص الصَّريحة التي تقول بأنَّ الدَّال أقرب إلى الطاء من التاء إلى الطاء؟ وماذا نفعل بقول سيبويه وغيره: " ولولا الإطباق لصارت الطَّاء دالا "! وقوله في الحروف الفرعية غير المستحسنة: " الطَّاء التي كالتَّاء ".

وأحسبُ أنَّ الجميع متفق على أنَّ التَّلَقِّي هو الأصل، وأنَّ قرّاء القرآن الكريم هم الذين يُرْجَعُ إليهم لمعرفة النطق الصَّحيح.

والخلاصة أنَّ علماء الأصوات يعالجون مشكلات علمية أثارتها الدِّراسات الصوتيَّة الحديثة، ويجتهدون في وصف أصوات العربية وتحليلها كما اجتهد الأوَّلون، وكلا الطّائفتين مُعَرَّضَةٌ للخطأ والوهم.

والله أعلم.

ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[18 Feb 2009, 06:50 م]ـ

كنتُ قد طلبتُ من شيخنا د. غانم قدوري الحمد - حفظه الله - أن يُكرمنا برأيه فأجاب طلبي جزاه الله خيرا.

يقول - حفظه الله -:

" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد

فقد لفت نظري منذ مدة الحوار المطوَّل المتجدد حول صفة الهمس في الطاء، وكنت قد استنفدت ما عندي حول الموضوع في مشاركة قديمة، وجزاك الله خيراً على صبرك، وأتمنى لك التوفيق، عسى الله أن يظهر الحقيقة على يديك فيخف الاحتراب حول هذه المسألة.

ومن الْمُسَلَّمَات لدى دارسي الأصوات اليوم وصف الطاء المسموعة في قراءة القرآن وغيرها من صور النطق العربي بالهمس، ولكن هذا أمر يستغربه وينكره المشتغلون بعلم القراءة والتجويد ممن لم يدرس علم الأصوات، وسبب ذلك الإنكار في نظري أمران، الأول: إجماع علماء العربية والقراءة والتجويد على وصف الطاء بالجهر في الكتب، والثاني غموض تعريف الجهر لديهم، وهو تعريف سيبويه مع بعض الإضافات أو التحريفات، مما جعلهم يتصورون أن نطق الطاء اليوم ممزوج بالجهر، لما فيه من منع النَّفَس عند النطق به!

ويترتب على ذلك تساؤلات منها: كيف كانت تنطق الطاء إذا كانت مجهورة؟ والجواب المتوقع القول بأنها كانت تشبه الضاد المصرية، كما لا يخفى عليكم، ثم لحقها الهمس في وقت ما وتحولت إلى الطاء المعاصرة المهموسة.

والتساؤل الآخر هو: هل يؤيد كلام علماء التجويد عن الطاء، وكذلك سلوك الطاء عند مجاورتها غيرها من الأصوات هذا التصور، وقد يكون النظر في النصوص التي ذكرها علماء التجويد في كتبهم في هذا المجال مفيداً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير