ودلالةُ هذا الكلام هي أن إسحاق وإدريس عن خلف يسكتان بين السورتين، وهذا فيه نظر من جهتين:
الأولى: أن "الإرشاد" ليس فيه لخلف إلا رواية واحدة وهي رواية إسحاق، وهي من طرق "النشر" وليس فيه رواية (إدريس) ألبتة. ([26])
الثانية: في "الكفاية الكبرى" لأبي العزّ رواية إدريس، ولكنّها ليست من طرق "النشر" ولم يخترها المؤلّف في طرقه. ([27])
وقد اضطرب -عندي- مذهب الشيخ الأزميري رحمه الله في هذه المسألة، فبعد أن قرّر أنَّ السكت لإسحاق، وأنه الأَولى ختم كلامه بالتصريح بقبول عموم كلام ابن الجزري فقال: ولكن أخذناه-السكت-لإدريس أيضاً اعتماداً على ابن الجزري. اهـ ([28])
فَحَسْبَ المنهج الذي بنى عليه المحرّرون -وهو إمامهم- مذهبهم الصعب، كان عليه - رحمه الله - أن لا يأخذ بالسكت لإدريس بين السورتين، ولماّ كُتِب عليه أخذه؛ فكان الأسلم أن يكون من " الكفاية الكبرى " لا "الإرشاد" فهو هنا رحمه الله لم يخلط طريقاً بطريق، بل خلط كتاباً بكتاب.
وقد كان الشيخ المتولّي رحمه الله أكثر دقّة -عندي- وأسلم منهجية وطريقاً، حيث قال بعد أن ذكر ما سبق: فكلام ابن الجزري المطلق يحمل على المقيّد. اهـ ([29]) وهذا هو الصواب.
وخلاصة القول: أن السكت بين السورتين لخلف في اختياره إنما هو من رواية إسحاق، وعليه فيكون له –لخلف- وجهان: السكت وعدمه. والله أعلم.
وهناك كلام كثير أخرته حتي يأتي موعده المناسب 0
والله من وراء القصد0
---الحواشي -------
([1]) انظر: اللسان والقاموس والتاج (حرر)
([2]) انظر: أساس البلاغة والتاج (حرر)
([3]) اسمه الحقيقي: عمرو بن العبد، ينتهي نسبه إلى معدّ بن عدنان، شاعر جاهلي من أصحاب المعلّقات، يقال له: ابن العشرين؛ لأنه قتل وسنّه تلك، وقيل: بعدها بست، قتله عمرو بن هند.
انظر: طبقات الشعراء:1/ 138، الخزانة: 2/ 419425
([4]) البيت هو ثاني أبيات قصيدة عدتها (76) بيتاً يصف فيها أحواله وتنقّله في البلاد، مطلعها:
أَصحوتَ اليوم أم شاقتك هرْ * ومن الحب جنون مستعر
انظر: مختار الشعر الجاهلي: 1/ 323
([5]) انظر: الفوائد المفهمة: 6
([6]) مأخوذ من: لفّق الثوب يلفقه لفقاً: وهو ضمّ إحدى الشقتين إلى الأخرى فتخيطها، والمراد هنا ضم أوجه على أوجه. انظر: اللسان (لفق)
([7]) انظر: غيث النفع: 35
([8]) منهم الشيخ علي بن عبد الله المنصوري (ت 1134 هـ) له: "تحرير الطرق والروايات في القراءات"، والشيخ محمد بن محمد بن خليل الطباخ (1205 هـ) له "هبة المنان في تحرير أوجه القرآن"، وغيره، والشيخ مصطفى الأزميري (ت 1155 هـ) وهو أشهر وأدقّ من تعقب ابن الجزري، والشيخ محمد بن أحمد المشهور بالمتولي (ت 1313 هـ) خاتمة المحررين إلى يومنا هذا، عُرِف بـ (ابن الجزري الصغير) لعلو كعبه في القراءات.
([9]) من الآية (54) الروم
([10]) السبعة: 508
([11]) التذكرة: 2/ 495
([12]) التبصرة: 635
([13]) التيسير: 175 - 176
([14]) تذكرة الحفاظ: 2/ ق: 178
([15]) النص من "التبصرة" 635، وانظره أيضاً في: غاية النهاية:1/ 254، النشر: 2/ 345، روضة الحفاظ: ق 178 وغيرها.
([16]) الشاطبية: 57
([17]) كنز المعاني: ق: 249
([18]) ضُعِّف الحديث؛ لأن فيه عطية العوفي. انظر: التيسير: 176
([19]) انظر النشر:1/ 192 - 193
([20]) أحمد بن علي بن الفضل، أبو جعفر، البغدادي، مقرئ، ماهر، ثقة، قرأ على هبيرة وغيره، قرأ عليه ابن مجاهد وابن شنبوذ وغيرهما. توفي سنة 286 هـ
انظر: غاية النهاية: 1/ 86 - 87، المعرفة:2/ 512، تاريخ بغداد: 4/ 303
([21]) الروض النضير: ق: 381 - 382
([22]) يقصد به الإمام الشاطبي رحمه الله. تعالى
([23]) كنز المعاني: ق: 249 - 250، لكن يُرَدّ على هذا بأن حفصاً لم يتلق الضمّ عن عاصم نفسِه، حتى وإن كان عاصم أقرأه لبعض تلاميذه، وأيضاً: إن الضم وإن كان قرأ به عاصم إلا أنه لم يصلنا من الطرق المعتمدة لا "التيسير" ولا "الشاطبية" - وهما عمدة الجعبري- ولا "النشر" ولا "الطيبة". والله أعلم.
([24]) انظر:النشر: 1/ 191
([25]) انظر النشر: 1/ 259
([26]) انظر، الإرشاد: 155 - 156
([27]) انظر: الكفاية الكبرى: 110 - 111
([28]) انظر: تحرير النشر: ق: 195/ ب، بدائع البرهان: ق: 10 و176
([29]) انظر: الروض النضير: ق: 36 - 37
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[04 Jul 2006, 02:42 ص]ـ
¥