موسى حفظه الله تعالى ص38،39،40.). قال الشيخ عبد الرازق إبراهيم موسى تعليقاً على هذه الفتوى: " أقول: من هذه الفتوى يتبيّن لنا أنّ الخلف بين القراء المحررين يسير، وليس نتيجة لأهوائهم وإنّما نتيجة لوجهات النظر، وكلّ منهم كان يجتهد ويفسّر ما في كتاب النشر، إمّا على ما يفيد الظاهر أو بمراجعته على الأصول وهي الكتب المذكورة فيه، فما بينهم ليس خلاقاً يؤدّي إلى التناقض والاضطراب وإنّما تفاوة الرواية والحفظ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وسائر علماء التحرير عدول، كلّ منهم ذكر ما انتهى إليه علمه بحسب التلقى والمشافهة عن شيوخه، وعليه فلا اختلاف بينهم، والذي يستفيد من عمل المحررين ويقدّر لهم جهدهم هو الذي تلقى القراءات بإسنادٍ خاصّ عن شيخ مسند." انتهى كلامه حفظه الله تعالى نفس المصدر ص40.
ثانياً: غموض بعض النصوص التي قد تحتمل عدّة معاني وهي قليلة جداً إمّا من ظاهر النشر أو من مصادره.
ثالثاً: قد لا يجد بعض المحررين جميع المصادر لكتاب النشر فيعتمد على المصادر التي هي بحوزته ويعتمد على أقوال من سبقه من المحررين أو على ظاهر كلام النشر فيما لم يكن بحوزته من المصادر.
رابعاً: تفاوت العلم والفطنة والدراية بين المحررين فيؤخذ ممن كانت له الحجة في تحرير وجه من الأوجه.
أمّا كلمة "ضعف" فلا تُعارض مذهب المحررين لا قريب ولا من بعيد لعدّة أسباب:
أوّلاً: الضمّ في {ضعف} في رواية حفص منصوص عليه في النشر وفي أصوله، فلا تعارض بين النشر وأصوله وقد ذكرنا أنّ الخلاف بين المحررين ينحصر في المقارنة بين ما في النشر وبين أصوله.
ثانياً: قد تلقى العلماء هذا الوجه بالقبول عن حفص وهم لا يجتمعون على خطأ ولم أجد من ردّ هذا الوجه من القدامى فيما اطلعت عليه.
ثالثاً: حتّى وإن خالف حفص شيخه في هذه الكلمة إلاّ أنّه كان يعلم بتواترها عن غيره وكفى في ذلك شرفاً أنّها هي الكلمة الواحدة التي خالف فيها أحد الرواة شيخه ولله الحمد.
وأمّا مسألة البسملة بين السورتين لخلف في اختياره فإنّ الأزميري غير معصوم، فبالحقّ تعرف أهله وليس العكس ولم يقل أحد من أهل العلم أنّ جميع ما ذهب إليه الأزميري صواب. والشاهد في جميع ما سبق أنّ العلامة الأزميري ما رجّح وجهاً برأيّ محضٍ مجرّد عن نصّ وهذا هو المهمّ.
والخلاصة مما ذكرنا أنّ جميع القراء الذين يتصل سندهم بابن الجزري يأخذون بالتحريرات في جميع الأقطار ولا يُقرأ اليوم بقصر البدل مع التقليل في ذوات الياء لورشٍ من الشاطبية ولكنّه يُقرأ من الطيبة فقط من طريق التلخيص لابن بليمة ولا يٌقرأ بالإدغام الكبير مع الهمز للسوسي ولم يختلف العلماء والمحررون في ذلك وهذا هو عين التحرير والعمل بالتحريرات هو المعمول به في مصر والشام والاستنبول والحجاز والمغرب والهند وباكستان وووووووو. ولا يُعرف إنكار هذه التحريرات من أناسٍ عرفوا قدر هذا العلم وتلقّوا القراءات بالسند المتصل حيث لا يمكن أن نهدم ما سهر عليه المحققون ونجعله هبآءاً منثوراً ولو قمنا بجمع جميع المشايخ الكبار الآن من جميع الأقطار فلا شك أنّهم لا يوافقون على ما ذهب إليه فضيلة الشيخ في كون أنّ التحريرات منهج مضطرب.
قال المتولي كلمته المعروفة " وإنّا أزميريون " أي على مذهب العلامة الأزميري، والمتولي من هو رحمه الله تعالى الذي لُقّب بابن الجزري الصغير. وقال الشيخ الضباع ٍ " وهؤلاء – أي الأزميري وأتباعه - أذقّ نظراً وأقوم طريقة لأنّهم كانوا يراعون النشر مع أصوله جزئية جزئية ولا يأخذون إلاّ بالعزائم والتدقيق، وهم الذين ينبغي أن يرجع إليهم ولا يؤخذ عن سواهم " انتهى كلامه، وهذا قول تاج القراء العلامة الضباع وما أدراك ما العلامة الضباع وهذا المنهج أي منهج الأزميري في التحريرات هو المعمول به اليوم لأنّه موافق لأصول كتاب النشر وهو مبنيّ على الدقّة والجودة والإتقان ولا شكّ أنّ ذلك أولى من غيره لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام " من عمل عملاً فليتقنه " أو كما قال عليه الصلاة والسلام. ولا شكّ أيضاً أنّه لا يعرف قدر هذه الجهود إلاّ من مارس هذا العلم عملياً وداوم عليه وتفرّغ له لمدّة طويلة بخلاف من درسه دراسة سطحية أو تعرض لبعض مسائله فلا شكّ أنّه لا يقدّر لهذا العلم حقّ قدره بل يريد أن يحبط ما سهر عليه
¥