ومع أنك لم تذكر مسائل أخرى أكثر أهمية مما ذكرت وهي التي فيها الاضطراب مثل الالتزام بالطرق وعدم القراءة بما خرج عنها، فالذي يهمني مما ذكرت هو الرابع وهو قولك:" الاقتصار على أصول النشر وطرقه وتضعيف كل ما خرج عن مصادر النشر وطرقه 0
فأقول: أفهم من كلامك أن كل ما خرج عن النشر وطرقه فهو ضعيف، فإن سلمت لي هذا الفهم فما قولك في من ضعف بعض الأوجه التي في النشر؟
وأيضاً فما قولك في من قال بأن النشر لم يعتمد فيه صاحبه على كل الصحيح؟
3 - وأما قولك:" لأن القدامي كانوا لا يقرؤن إلا بما تلقوه عن مشايخهم لأن القراءة سنة متبعة 000الخ فأقول لك: وما ذا فعلتم أنتم أيها المحررون؟ ولا أقصدك أنت شخصياً أو من هو في هذا العصر، لأني أعرف أنك – كما ذكرت قرأت على شيوخ في مختلف الأقطار – فإن كان سندك ينتهي إلى الشيخ المتولى رحمه الله تعالى،فهل تجزم أن كل مروياته كانت بالسند المتصل منه إلى النبي صلي الله عليه وسلم؟ أم أنه بعد أن أخذ الأسانيد من شيوخه وتولى الإقراء والتدريس وتأثر بالأزميري رحمه الله تعالى أخذ يعرض ما أجيز فيه من مشايخه على الكتب وبدأ يحرر ويصحح ويخطيء ويضعف، حتى أصبح له مذهب أول ومذهب ثان، وهكذا الإزميري رحمه الله تعالى،والذي أريد قوله: هذه الأوجه التي اجتهد فيها الشيخ رحمه الله تعالى ما حكمها؟ وهو نفسه قد صرح بأنه لم يقرأ بها وإنما أخذها من الكتب؟
4 - واسمع يا أخي: والله العظيم أحدثك قصة حدثت أمامي وهي أن أحد المشايخ المعروفين في المدينة المنورة وفي بيته فتح كتاب النشر المطبوع على مسألة،فقلت له: يا شيخ إن في هذا الموضع سقطت كلمة (غير) من المطبوع وهي موجودة في ثماني نسخ خطية من النشر،فأحضر نسخة خطية كانت عنده فرأى الكلمة، فقال: كل الأوجه التي كنت أقرئ بها اعتماداً على النشر هنا خطأ فقلت له: وما ذا ستفعل؟ وهل ستقرئ بالموجود في المخطوط أم المطبوع؟ فقال بالذي في المخطوط،قلت: ولكنك يا شيخ لم تقرأ به على شيوخك؟ فسكت 0
والله هذا الذي حدث ولولا أشياء كثيرة لصرحت باسم هذا الشيخ، ولكن ذلك لا يعنيني، الذي يعنيني هو أن القراءة لا تؤخذ من الكتب أبدا ًوأن بعض من يتولى الإقراء يتعدى ما روى عن شيوخه ويأخذ من الكتب0
5 - وما ذكرته عن المصباح وما فيه حفص فهذا لا أختلف فيه معك، بل هذا يقال للمبالغين في التحريرات
6 - وقلت:" هل تظن أن ورشاً قرأ 000الخ لا والله لا أظن ذلك لأني أعرف كيف كان القدامي يتلقون عن مشايخهم،فلم يأخذوا القراءة من الكتب ولم يجتهدوا فيها، ولم يمنعوا وجها ً على وجه، ولم يقرؤوا تلاميذهم بما يجدونه في الكتب حتى وإن كان صحيحاً عند غيرهم،ولم يكونوا 000الخ
7 - قلت:" فكان عليهم وضع منهجية لهذا التصادم 00الخ"
والجواب: هذا هو مربط الفرس وهو محل النزاع الذي نتكلم فيه، ما مدى الانضباط في هذا المنهج، هل سار على وتيرة واحدة؟ أم أنه طبق في بعض المسائل وتعارض في بعضها الآخر؟
أنت تقول – حسب ما فهمت منك – أن المنهج منضبط، ومحدثك يقول إنه مضطرب في بعض المسائل،وذكرت لك بعضها وفي الجعبة كثير،شارفت على الانتهاء منه وتسجيله في كتاب لعل الله ييسر إخراجه 0
8 - وأما قولك:" فكذلك علم المصطلح وعلم أصول الفقه " فأقول: لا قياس مع وجود الفارق فالقرآن ليس كالحديث، وهذا قد سبقك إليه شيخنا عبد الرازق حفظه الله، ولكنك تنسى أو تتناسى أن ضعف السند في القراءات لا يؤثر في قبول القراءة إذا تواترت ولا يجوز ردها،عكس الحديث الذي قد يلغى نهائياً لوجود علة ولو في فرد من أفراد سنده 0
9 - وسألتك:" هل تجوز القراءة بوجه منقطع الإسناد؟ فأجبتني بقولك:" لا يجوز القراءة بوجه منقطع الإسناد " وعللت ذلك ثم قلت:" أما كلمة "ضعف" فلا دخل لها في الموضوع لأن ضمها عند حفص متلقي بالقبول من القدامى وليس من المحررين 0الخ
وأقول: عجيب قولك " لا دخل لها في الموضوع " وإذن على أهل التحريرات إضافة هذا الشرط والقيد وهو " إن انقطاع سند القراءة يجوز القراءة به إذا تلقاها القدامى بالقبول " حتى يسلموا من الاعتراض والوصف بعدم المنهجية في قبول القراءة 0
¥