قال:" على أن هذه التحريرات ليست محل اتفاق بين الذاهبين إليها،بل هي محل أخذ ورد وجزر ومد فما يثبته هذا ينفيه ذاك وما يجيزه البعض منهم يمنعه البعض الآخر،الأمر الذي يجعل القارئ مبلبل الفكر حائر الذهن مضطرب الإدراك،يعرف ذلك كل من اطلع عليها وأمعن النظر فيها وسار في طرقها الوعرة ومتاهاتها الموحشة ولا ينبئك مثل خبير،إن جلال القرآن يتقاضانا أن نربأ به عن أن يكون موضعاً للاختلاف والتناقض والتعارض وموطئاً للملاحاة والتعارض 0
قال:" وأخيراً لم تكن هذه التحريرات في الصدر الأول ولم ينبه عليها ولم يشر إليها أحد من شيوخ الإقراء وأئمة الأداء من القدامى وإنما استحدثت في القرن الحادي عشر من الهجرة وأول من أحدثها الشيخ شحاذة اليمني سامحه الله وعفا عنه وسار على نهجه ولده عبد الرحمن،ثم قفي على أثرهما من جاء من العلماء بعدهما كالشيخ المنصوري والميهي وابنه الشيخ مصطفي والعبيدي والطباخ،وبين هؤلاء اتفاق في مواضع واختلاف في أخري ثم جاء بعد هؤلاء الإزميري فألف كتابيه عمدة العرفان وبدائع البرهان في التحريرات فنقد كلام من سبقه وزيفه ونقضه
قال:" وآخر المصنفين في التحريرات المغفور له الشيخ المتولي فقد كان يقرأ ويقرئ بالتحريرات على مذهب المنصوري ومشايعيه وله فيها نظم بديع،ثم عثر على نسخة من بدائع البرهان فاطلع عليها واقتنع بما فيها فرجع عن تحريرات المنصوري ومن حذا حذوه وأخذ يقرئ بمضمن البدائع المذكور ثم نظمه في (900) بيت تقريباً ولا زال بعض من يقرأ الطيبة في هذا العصر يحفظون نظم العلامة المتولي ويعولون على ما فيه ويقرئون به ويشيدون بذكره 0
ثم ختم رحمه الله تعالى كلامه بهذه النصيحة غير المبطنة ب (000) حيث قال رحمه الله:" وإني أنصح لكل من يروم درس علم القراءات وتحصيله ويريد أن يتصدى لقراءاته وإقرائه وتعلمه وتعليمه أن يطرح التحريرات جميعها جانباً سواء منها تحريرات المنصوري ومن اقتفي أثره وتحريرات الإزميري ومن ترسم خطاه،وأن يعنى العناية كل العناية بحفظ متون القراءات واستظهارها كالشاطبية والدرة والطيبة والوقوف على دقائقها وأسرارها ومعرفة وجه كل قراءة وسر ها من لغة العرب بحيث إذا قرأ بأية قراءة أو رواية أو سئل عنها أو عن توجيهها لا يتعثر أو يتردد بل يكون دائم الاستحضار قوي الاستبصار فإن ذلك أجدى وأنفع والله تعالى أعلم 0انتهى
ولعلك تقول إن الشيخ مال إلى التحريرات في كتابه البدور،فأقول لك:وهذا كتبه بعد البدور بزمن طويل،حيث كتبه وهو في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة كما أخبرني بذلك شيخنا عبد الرازق موسى حفظه الله 0
20 - وقال شيخنا عبد الفتاح المرصفي رحمه الله تعالى وهو من أئمة العصر وممن يقول بالتحريرات:"ولا يجوز لأحد ما أن يقرأ بهذه الأحكام أخذاً من هذا الكتاب أو من غيره مما دُوّن فيه مثل ذلك دون أن يرجع إلى الشيوخ المقرئين المسندين في هذا الشأن فيأخذ عنهم ويعرض عليهم القرآن الكريم من أوله إلى آخره 0
قال:" وعليه فلا بد من الرجوع إلى التلقي من أفواه الشيوخ الذي هو الأصل في نقل القرآن الكريم،وما تسطير قواعد هذا الفن في بطون الأسفار القديم منها والحديث إلا للاستئناس بها والرجوع إليها عند الحاجة 0
قال:" وإنما أردت أن أبين للقارئ إلى أي حد يخطئ أولئك الذين يطلقون الوجوه للناس فيعملون بها حال الأداء من غير توقيف ولا حساب 0
قال:" فإن الأصل في قراءة القرآن هو التلقي والرواية لا الاجتهاد ولا القياس ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث أفتى بعدم جواز القراءة بمجرد الرأي 0
21 - ثم نقل رحمه الله تعالى عن الشيخ أفندي زادة ما نصه:" فلا يجوز لأحد قراءة القرآن من غير أخذ كامل عن أفواه الرجال المقرئين بالإسناد،ويحرم تعليم علم القراءة باستنباط المسائل من كتب القوم بمطلق الرأي بغير تعلق على الترتيب المعتاد لأن أحد أركان القرآن اتصال السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلا انقطاع،فالإقراء بلا سند متصل إليه عليه الصلاة والسلام مردود وممنوع عن الأخذ والإتباع 0انتهى هداية القارىء:1/ 299
¥