تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانياً: سلمت لك جدلاً أن ذلك مرادهم، ولكن لا لاأسلم لك أبداً بصحة المثال الذي ضربته، فهو ليس مما نحن فيه،وذكره هنا تدليس أو جهل بالمسألة وبيان ذلك للقراء:إن هذا المثال لا يدخل في مجال التحريرات،لأن التحريرات هي في "الأوجه " والطرق " وليست في القراءات، فالمثال المضروب هنا – عمداً أو استهبالاً – يعلم كل مبتدئ في القراءات أنه ليس مما يخوض فيه أهل التحريرات، فنحن نتكلم في منع وجه أو تجويزه لراو واحد،ولا نتكلم في من أدخل قراءة في قراءة وإن كان بعض العلماء أجاز ذلك ما لم يتغير المعنى كما هنا في المثال المضروب 0

فظهر من هذا أنك لم تجب على السؤال 0"

الجواب: ما ذكرته يا شيخنا ليس تدليساً لعدّة أسباب:

أوّلاً: قال ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى: " والصواب عندنا في ذلك التفصيل والعدول والتوسط إلى سواء السبيل فنقول إن كانت إحدى القراءتين مترتّبة على الأخرى فالمنع من ذلك منع تحريم كمن يقرأ {فتلقى آدم من ربه كلمات} بالرفع فيهما أو بالنصب ....... "وشبهه مما يركب بما لا تجيزه العربية ولا يصحّ في اللغة، وأمّا ما لم يكن كذلك فإنّا نفرّق فيه بين مقام الرواية وغيرها فإن قرأت بذلك على سبيل الرواية فإنّه لا يجوز أيضاً من حيث أنّه كذب في الرواية وتخليط على أهل الدراية وإن لم يكن على سبيل النقل والرواية بل على سبيل القراءة والتلاوة فإنّه جائز صحيح مقبول لا منع منه ولا حظر وإن كنا نعيبه على أئمّة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوي العلماء بالعوام، لا من وجه أنّ ذلك مكروه أو حرام إذ كلّ من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين تخفيفاً عن الأمّة، وتهويناً على أهل هذه الملّة." انتهى كلامه رحمه الله تعالى (النشر 1/ 19).

من كلامه رحمه الله تعالى أقول ما يلي:

أ – إنّ هناك إفراط وتفريط في حكم التلفيق، فمنهم من اعتبر أنّ ذلك غير منزّل على رسول الله عليه الصلاة والسلام مطلقاً فهذا إفراط ومنهم من أجازه مطلقاً ولا يفرّق بين العوام والخواصّ وبين مقام الرواية والإقراء وبين مقام التلاوة فقط وهذا تفريط.

ب – سؤالك كان واضحاً وهو: ":هل من لم يقرأ بالتحريرات يكون قرأ ما لم ينزل" فأجبتك أنّ ذلك قد يفضي إلى القراءة بما لم ينزل، وهذا صحيح لأنّ علّة الأخذ بالتحريرات هو الحتراز من التلفيق، والتلفيق يدخل في عمومه الخلط بين القراءات والروايات والطرق. إذن فجوابي غير مردون لأنّ الرفع أو النصب في لفظي {ءادم} و {كلمات} في الآية المذكورة يدخل في مضمون معنى التلفيق والاحتراز من التلفيق يكون بالتحريرات عموماً. فسؤالك عام يستحقّ إجابة عامّة.

ت – فرّق رحمه الله تعالى بين مقام الرواية والإقراء وبين مقام التلاوة. فلو صليت وراء إمامٍ يقرأ في الصلاة بقصر المنفصل لورش أو بمدّه قليلاً فلا شكّ أنّك لن تتحرّج كثيراً من ذلك لأنّ ذلك الإمام ليس ممن عُرِف بالقراءة والإقراء، بخلاف ما إذا كان جامعاً بين الدراية والرواية ويقرئ الناس بقصر المنفصل لورش من طريق الأزرق ثمّ يجيز على ذلك بسنده إلى الأزرق وهو يعلم أنّه لم يرد عن الأزرق. فهذا لا شكّ أنّه كذب في الرواية لأنّه نسب شيئاً لم يرد عن المنسوب. والمشايخ الجامعين للقراءات العشر لا شكّ أنّهم أهل رواية ودراية ولا يجوز لهم أي ينسبوا شيئاً إلى غير مصدره إذا كانوا على علمٍ بذلك حتّى وإن تلقّو ذلك عن مشايخهم لأنّ الخبر إذا تبيّن ضعفه إلى صاحبه وجب ترك الإخبار به.

ث – سأعرض مسألة تطبيقية في التحريرات وسأحاول من خلال ذلك إثبات بعض الأشياء. وسأعتمد على بعض أصول رواية حفص من طريق الطيّبة وهي:

- القصر والتوسط في المنفصل

- التوسط والطول في المتصل

- السكت على الهمز

- مدّ التعظيم

- العنّة في اللام والراء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير