فطرق السكت على الهمز لحفص هي طريق التجريد لابن الفحام وطريق الروضة للمالكي وكذا كتاب التذكار لابن شيطا على ما حققه الأزميري والمتولي. وجميع هذه الطرق روت المدّ في المنفصل. وقد ذكر ابن الجزري هذه الكتب في النشر وقرأ رحمه الله تعالى القراءات بمضمون هذه الكتب بالسند إلى أصحابها. وقد نصّ رحمه الله تعالى أنّ السكت لحفص هو من طريق التجريد والروضة فقال رحمه الله تعالى " فروى أبو علي المالكي البغدادي صاحب الروضة عن الحمامي عنه السكت على ما كان من كلمة أو كلمتين غير المدّ. ولم يذكر خلافاً عن الأشناني في ذلك. وروى أبو القاسم بن الفحام صاحب التجريد عن الفارسي عن الحمامي عنه السكت على ما كان من كلمتين ولام التعريف و {شيء} لا غير. " انتهى كلامه (النشر 1/ 423).
وقد ذكر المحققون أنّ السكت على الهمز لحفص لم يرد من طرق القصر كما قال العلامة السمنودي المعاصر (ولا سكت قبل الهمز من طرق القصر) وهذا صحيح إذ إنّ ابن الجزري لم يذكر القصر من هذه الطرق إلاّ طريق الروضة للمالكي ولكن من طريق زرعان عن عمرو بن الصباح عن حفص والسكت للمالكي واردٌ من طريق الأشناني عن عبيد بن الصباح عن حفص.
لو تساءلنا: هل قرأ ابن الجزري السكت على الهمز بقصر المنفصل؟ أو هل قرأ رحمه الله تعالى قصر المنفصل منع السكت بنوعيه؟ الجواب لم يقرأ بذلك اعتماداً على ظاهر النشر وعلى ما حققه المحررون.
لو تسائلنا: هل أقرأ ابن الجزري بالقصر مع السكت على الهمز؟ الجواب: يُحتمل ذلك؟
فإن أقرأ بالسكت إلاّ مع المدّ فقد وافق أقوال المحررين، وإن أقرأ بالسكت مع القصر فإنّه خالف السند لأنّه غير منصوص في نشره ولم يرد في أصول النشر على ما ذكره المحررون. أقول: إن كان ابن الجزري خالف السند والمشافهة في هذه الجزئية فلماذا يعيب فضيلة الشيخ على المحررين في مخالفتهم للمشافهة واتباعهم للنصّ مع أنّ النصّ ثابت لا يتغيّر مهما طال الزمن وهو الذي يبيّن الكيفية الصحيحة التي تلقاها ابن الجزري بسنده إلى أصحاب السكت وهو المدّ في المنفصل. وهذا كلّه إن سلمنا أنّ ابن الجزري رحمه الله أقرأ بوجه السكت مع قصر المنفصل ولا أظنّ أنّه أقرأ بهذا الوجه لأنّه إن فعل ذلك يعني أنّه نسب وجه القصر مع السكت لحفص إلى صاحب التجريد وإلى علي المالكي عن الأشناني والقصر لم يرد من هذه الطرق وهذا يُعتبر من الكذب في الرواية على ما ذكر هو رحمه الله تعالى. وابن الجزري من أهل الدراية والرواية لا شكّ في ذلك، ولا يحق لمن كان في هذه المنزلة أن ينسب شيئاً إلى غير مصدره.
ج – لو افترضنا أنّه اجتمع في آية مد منفصل ومدّ متصل وسكت على الهمز وغنة في اللام والراء فكيف نقرأ هذه الآية لحفص من الطيّبة يا شيخنا؟ هناك ثلاث حالاث والله أعلم:
الحالة الأولى: الجمع بين الأوجه بحيث لا يمنع منها شيء وهي كالتالي:
- قصر المنفصل مع توسط المتصل مع الغنة وعدمها والسكت بنوعيه وعدمه
- قصر المنفصل مع طول المتصل مع الغنة وعدمها والسكت بنوعيه وعدمه
- توسط المدين مع الغنة وعدمها والسكت بنوعيه وعدمه
- توسط المنفصل مع طول المتصل مع السكت بنوعيه وعدمه والغنة وعدمها
وهذا مذهب المتساهلين الذين يعتمدون على الضرب الحسابي من غير أيّ تقييد.
الحالة الثانية: الاعتماد على ما حققه المحررون في كتبهم وهي كالتالي:
- قصر المنفصل مع التوسط المتصل من غير سكت ولا غنة من المصباح وروضة المعدلّ
- قصر المنفصل مع طول المتصل من غير سكت مع الغنّة من الكامل، وعدم الغنّة من التلخيص وغيره.
- توسط المدين من غير سكت وغنة من الشاطبية وغيره، ومع الغنة من الوجيز، والسكت الخاص من التجريد.
- توسط المنفصل مع طول المتصل من غير سكت ولا غنّة، ومع الغنة من الكامل، والسكت العام من الروضة للمالكي والتذكار.
وتمتنع الغنة مع السكت، ويمتنع السكت مع قصر المنفصل، ومدّ التعظيم لا يكون إلاّ مع طول المتصل من الكامل، والسكت الخاص خاصّ بتوسط المدين من التجريد، والسكت العام خاصّ بتوسط المنفصل مع طول المتصل من الروضة للمالكي والتذكار.
الحالة الثالثة: أن نقرأ بجميع أوجه المنفصل ثمّ جميع أوجه المتصل ثمّ وجهي السكت ثمّ وجهي الغنة حتة ننتهي من الآية أو ما يحسن الوقف عليه.
والآن سنقوم بالمقارنة بين الحالات الثلاث:
¥