تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومع أنك لم تذكر مسائل أخرى أكثر أهمية مما ذكرت وهي التي فيها الاضطراب مثل الالتزام بالطرق وعدم القراءة بما خرج عنها، فالذي يهمني مما ذكرت هو الرابع وهو قولك:" الاقتصار على أصول النشر وطرقه وتضعيف كل ما خرج عن مصادر النشر وطرقه 0

فأقول: أفهم من كلامك أن كل ما خرج عن النشر وطرقه فهو ضعيف، فإن سلمت لي هذا الفهم فما قولك في من ضعف بعض الأوجه التي في النشر؟

وأيضاً فما قولك في من قال بأن النشر لم يعتمد فيه صاحبه على كل الصحيح؟ "

الجواب: من المعلوم أنّ كلّ ما ورد في النشر إمّا متواتر وإمّا متلقّى بالقبول والقطع حاصل بهما وقد ذكر ابن الجزري الكتب التي روى منها القراءات وأسانيده إلى تلك المصادر، وعلى هذا الأساس قام المحققون بحصر هذه الطرق لكلّ راوٍ من الرواة وقابلوها على ظاهر كلام النشر فما وافق أثبتوه وما خالف أخرجوه وهذا قليلٌ جداً مع العلم أنّ ذلك الوجه قد يكون متواتراً من طريق آخر أو رواية أخرى إلاّ أنّه لم يثبت من الطريق الذي نصّ عليه صاحب النشر. إذن فهذه الأوجه متواترة في الجملة ثابتة قي بعض الطرق إلاّ أن نسبتها إلى بعض الطرق يكون فيه نظراً فيكون الأولى عزوُها إلى مصدرها الأصلي. لا شكّ في تواتر قصر المنفصل والسكت على الهمز لحفص إلاّ أنّ الجمع بينهما لم يثبت من طرق النشر ولم يقرأ به ابن الجزري وكذلك الغنّة في اللام والراء للأزرق عن ورش فإنّه غير ثابت في طرق النشر وقد يكون في غير النشر وهكذا. فلا بدّ من التفريق بين ما هو متواترٌ جملة وما هو خروج عن الإسناد الذي تلقاه ابن الجزري إلى صاحب المصدر.


قولكم: "3 - وأما قولك:" لأن القدامي كانوا لا يقرؤن إلا بما تلقوه عن مشايخهم لأن القراءة سنة متبعة 000الخ فأقول لك: وما ذا فعلتم أنتم أيها المحررون؟ ولا أقصدك أنت شخصياً أو من هو في هذا العصر، لأني أعرف أنك – كما ذكرت قرأت على شيوخ في مختلف الأقطار – فإن كان سندك ينتهي إلى الشيخ المتولى رحمه الله تعالى،فهل تجزم أن كل مروياته كانت بالسند المتصل منه إلى النبي صلي الله عليه وسلم؟ أم أنه بعد أن أخذ الأسانيد من شيوخه وتولى الإقراء والتدريس وتأثر بالأزميري رحمه الله تعالى أخذ يعرض ما أجيز فيه من مشايخه على الكتب وبدأ يحرر ويصحح ويخطيء ويضعف، حتى أصبح له مذهب أول ومذهب ثان، وهكذا الإزميري رحمه الله تعالى،والذي أريد قوله: هذه الأوجه التي اجتهد فيها الشيخ رحمه الله تعالى ما حكمها؟ وهو نفسه قد صرح بأنه لم يقرأ بها وإنما أخذها من الكتب؟ "

الجواب: هل قرأ أو أقرأ ابن الجزري بقصر المنفصل مع السكت على الهمز لحفص عن عاصم؟ فإن أجبت بنعم فما هو دليلك ويمكنني أن أثبت لك أنّه لم يقرأ بذلك الوجه لأنّه لم يصرّح بذلك من جهة، ومن جهة أخرى أنّ طرق السكت لحفص لم يرد فيها قصر المنفصل. إذن فسند الشيخ المتولي في قصر المنفصل مع السكت لحفص منقطع لأنّ ابن الجزري لم يقرأ به. أقول: هذا يدلّ على جهد هؤلاء الأفذاذ في هذا العلم وبهذا ستفهم جيّداً أهمّية علم التحريرات. وما فعل المتولّي هو التعديل الانقطاع في السند الذي تنسبه إليه ولغيره. وهذا كلّه من الفطنة والدراية وهو أحسن من السماع والرواية ولا أدري من المقلّد هل هو الذي يتمسّك بالمشافهة وإذا أخطأ المشايخ أخطأ معهم أمّ الحاذق النبيه العالم بطرق النشر ورجاله؟ أتريد أن تسوّي بين العوام والخواصّ؟ قال تعالى {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} تريد أنّ تسوي بين رجلً تلقى القراءات العشر الكبري بالتقليد وليس له أيّ دراية بطرق النشر وأصوله بالذي يعلم دقائق كتاب النشر جزئية جزئية كالأزميري والمتوليّ وغيرهما؟ هذا كلام غير معقول.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير