ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[14 Apr 2007, 02:01 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
أقول مجيباً على شيخي الجكني:
ليس من الواجب إثبات إجازة ابن الجزري للنويري أو العقبي بمضمون النشر والطيّبة لأنّ الأصل في الرجال العدالة ولا تسقط العدالة إلاّ بالدليل وهما من العلماء الكبار المشهود لهم بالعلم والأمانة. ويكفي في إثبات إجازة ابن الجزري لهما أنّهما أسندا القراءات بمضمون النشر إلى المؤلّف وليس هناك أيّ مبررٍ في اتهامهما بالتدليس لأننا لو أسقطنا ذلك الإسناد لعدم وجود دليل يثبت الإجازة بمضمون النشر لصار اتهاماً لهما بالتدليس وقد يصل الأمر إلى اتهامهما بالكذب إذا اعتبرنا أنهما أسندا شيئاً إلى المؤلّف من غير إجازة. وقد لقب العلامة العقبي بشيخ الشيوخ في وقته (انظر صورة إجازة العلامة الضباع في آخر كتاب متن الشاطبية الذي ضبطه وصححه وراجعة فضيلة الشيخ تميم الزعبي). وانطلاقاً من عدالتهما وإمامتهما في هذا الفنّ فعلى المتهم لهما بالتدليس أن يأتي بالدليل الصريح على عدم إجازة ابن الجزري لهما بمضمون النشر. فأصحاب الحديث لا يتهمون أحداً بالتدليس إلاّ بالدليل والبرهان. فالدليل على المدّعي.
قولكم "ولا أظنه يقول لأحد – أي ابن الجزري - أجزتك بمضمن كتاب " وهو لم يقرأ عليه بمضمنه"
أقول: هذا الأمر يعود للمجيز لأنّه أعلم بتلميذه من غيره وقد يجيزه لفطنته وبراعته وهذا أمرٌ خاصّ بالمجيز لا يمكن لأحد أن يتدخّل فيه والإجازة العامّة يدخل في مضمونها الإجازة الخاصّة بمضمون النشر وقد قرأ عليه الفاتحة وأوائل البقرة بمضمون النشر وهذا يدلّ على خصوصية الإجازة بمضمون النشر. ومن أسقط هذه الإجازة فقد أسقط في نظري هيبة ابن الجزري رحمه الله تعالى إمام الفنّ فانتبه إلى عواقب هذا الكلام.
قولكم " ولا يمكن عندي أن يقاس عليه كتاب النشر وذلك لأنّ هذه الكتب طرقها معروفة ..... "
الجواب: كذلك طرق النشر معروفة ومضبوطة ومحصورة وليس المشكل في ضخامة الكتابة وأنّما المشكل في جواز الإجازة في حالات معيّنة وهناك كتب فاقت كتاب النشر ضخامة ككتاب الكامل للهذلي وغيرها.
وقد ذكرتُ تواتر كتاب النشر لسبب واحد وهو التذكير أنّ في علم الحديث إذا كان المتن صحيحاً فيمكن للإسناد المعلول لهذا المتن الارتقاء إلى درجة الصحة مع وجود علّة في الراوي. فما بالك بكتاب مجمعٍ على صحة ما فيه مما يفيد القطع والناقلون له من الثقات الكبار المشهود لهم بالعلم والأمانة كالنويري والعقبي ومما يزيد ذلك قوّة أجازة ابن الجزريّ لهما والإجازة لهما بمضمون النشر لها وزن ثقيل لا يمكن مقارنتها بالإجازة في حديث أو حديثين.
لا يمكننا أن نتفلسف في هذه المسألة بالذات ونحاول أن نجد ضابطاً لها لأنّ صحة كتاب النشر مقطوع بها والناقلين للكتاب معروفون ومحصورون إذن فلا فائدة في نظري أن نخوض في المسألة وحتّى لو وصلنا إلى إسقاط إسناد النويري والعقبي وما يتصل بهما فما هي الفائدة؟ بل هذا يؤدّي إلى إسقاط كلّ الأسانيد التي تتصل بالشيخين وفي هذه الأسانيد نجد من الأفذاذ الذين حافظوا على نقل كتاب النشر أداءً وشرحاً وتحريراً. وكلّ هذا لا يمسّ صحة كتاب النشر وطرقه؟
هل منزلة صحيح البخاري تسقط لأجل علّة ظهرت في أؤلائك الذين نقلوا الكتاب بالإسناد؟ لا شك أنّ منزلة صحيح البخاري لا تسقط وهو كذلك بالنسبة للنشر، إذن فالخوض في هذا النوع من المسائل لا يؤدّي إلى نتيجة لأنّ الأمور محصورة من جهة الكتاب ومن جهة الرجال فالمجال محصورٌ ومغلوق بخلاف ما إذا كان المجال مفتوحاً فالأمر يحتاج إلى ضبط ودراسة والعلم عند الله تعالى.
قولكم " إنما الكلام والنزاع هو في تقييم الإسناد ": أقول ما الفائدة من تقييم الإسناد؟ تقييم الإسناد يكون لأجل تقييم المتن. فإن كان المتن صحيحاً فما الفائدة من تقييم الإسناد في أمورٍمحصورة بالنشر والنويري والعقبي.
¥