الرابع: وقال في إسناده الثاني إلى صاحب كتاب السبعة: وقرأت القرءان بمضمنه على الشيخ أبي محمد بن البغدادي وإلى أثناء سورة النحل على أبي بكر بن الجندي ............ "
الخامس: انظرإلى أسانيد كتاب المستنير وكتاب المبهج وكتاب الإيجاز وكتاب غاية الاختصار وكتاب المصباح وكتاب الكامل وكتاب عقد اللآلي وكتاب البستان وغيرها حيث تجد أن أحد الرواة قرأ إلى سورة النحل.
وقال في إسناد كتاب الكفاية لأبي محمد مؤلف كتاب الكنز المذكور أعلاه: وقرأت بمضمن الكتابين – أي الكنز والكفاية – بعض القرءان على الشيخ المقرئ المجود أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن الطحان المنبجي وقرأ بهما جميع القرءان على مؤلفهما.
وهناك كتب لم يصرح فيها بقراءة القرءان مطلقاً: ككتاب الشفعة وكتاب جمع الأصول وكتاب روضة القدير وكتاب الشرعة وهي كتب في القراءات.
أكتفي بهذا.
أقول: صرح ابن الجزري أن في هذه الأسانيد من لم يقرأ جميع القرءان، وجعل هذه الأسانيد ضمن كتابه النشر الكبير ووصفها بأنها أصح ما يوجد في الدنيا بصيغة المبالغة ولم يكتف يوصفها أنها أسانيد صحيحة، إذ لو كانت منقطعة لما بالغ في صحتها ولما وصفها بالصحة.
أقول: إن كان ابن الجزري رحمه الله تعالى لم يعتبر هذه الأسانيد بأنها منقطعة فعلى أي أساس يعتبرها الشيخ الجكني منقطة آلقواعد تختلف من وقت إلى وقت. إن كان الذي أخرج لهذه الأمة أصح الأسانيد وأعلاها وهذا لم يقع لغيره ممن سبقه من أهل العلم كما صرح، لا يعتبر ذلك انقطاعاً وهو أعلم وأدرى بأسانيد ورجال نشره فكيف لا يعتبر من هو دونه وعلى أي أساس وما هو الدليل؟
أما بالنسبة للمنهجية فلا بد من دراسة أسانيد كتاب النشر دراسة دقيقة ,وأن نفهم من خلال ذلك المصطلحات المستعملة وما هو معناها فنذكر على سبيل المثال: أخبرنا، قرأت القرءان، قرأت القرءان كله، تلوت، تلاوة، سماعاً ......... " ولا بد من دراسة أسانيد أمهات الكتب ككتاب جامع البيان وغيرها، وبعد ذلك يمكننا أن نحكم على علة في السند على وفق ما هو مضبوط ومطبق في هذه المصادر، فلا بد من ضوابط مبنية على أدلة ونصوص للأئمة لإسقاط أي سند.
الذي أريد أثباته في هذه المناقشة أن صحة السند ليست مشروطة بقراءة جميع القرءان على الشيخ وأن صحة السند يمكن حصره اعتماداً على كتاب النشر إلى أقسام:
- قراءة جميع القرءان على الشيخ
- قراءة بعض القرءان على الشيخ
- قراءة المتن أو سماعه على الشيخ
- السماع القرءان كما ذكر في منجد المقرئين عند قوله وله أن يقٌرئ بما سمع
- الإجازة
وهذا كله يدخل في ضمن اللقاء بين الشيخ والتلميذ واللقاء قد يستغرق وقتاً صغيراً وهذا الوقت القصير يتمكن من خلاله التلميذ أن يقرأ متناً أو جزءً من القرءان، أما قراءة جميع القرءان فهي عموماً تستغرق مدة ولا يمكن التعبير عنها باللقاء. واللقاء هو أقل ما يمكن أن يقع بين الشيخ والتلميذ ومع ذلك فقد جعله شرطاً في كتابه النشر.
الآن نعود إلى إسناد النويري والعقبي: بغض النظر عن الحقيقة.
- إن قرءا جميع القرءان على ابن الجزري بمضمون النشر فسندهما صحيح.
- إن قرءا بعض القرءان على ابن الجزري بمضمون النشر فسندهما صحيح أيضاً.
- إن قرءا المتن أو سمعاه من ابن الجزري فسندهما صحيح.
- إن أخذا القراءة سماعاً من ابن الجزري فسندهما صحيح.
- إن أجازهما ابن الجزري على الإقراء فسندهما صحيح.
وهذا مأخوذ من نصوص كتاب النشر ومنجد المقرئين ولا يمكن أن يوصف السند بالانقطاع إلا إذا لم يثبت اللقاء بين الشيخ والتلميذ.
قد يقول القائل ما هو الدليل على أن ابن الجزري قد أجازهما. الجواب حسن الظن بهما لأنهما من أهل العدالة ولا يجوز تكذيبهما إلا بدليل. وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري لم ينف إجازة ابن الجزري لهما بل نفى عدم قراءة بعض القرءان أو كل القرءان على المؤلف بمضمون النشر. إذن فنفيُ الإجازة تحتاج إلى دليل لأنهما لم يوصفا بالكذب. والأصل فيهما العدالة. وإذا أسقطنا عدالتهما فيكون إسقاط إسنادهما من جهة عدالتهما وليس من جهة انقطاع سندهما. وإسقاط عدالتهما لا تكون إلا بأدلة تثبت بأنهما ما قرءا وما سمعا المتن والقرءان بالإجازة أو بغير الإجازة من ابن الجزري وهذا من الصعب إثباته إلا بالظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً.
ومسألتنا هذه تشبه مسألة الشيخ عبد الباسط هاشم مع الشيخ شمروخ حيث أنّ الكثير من كبار المشايخ أسقطوا هذا السند لجهالة الشيخ شمروخ ولكنكم اعتمدتم على أسلوب المحدثين لمعالجة هذا الموضوع واعتمدتم على عدالة الشيخ عبد الباسط هاشم، طيب لماذا لم تنتهج نفس الطريقة لمعالجة سند النويري والعقبي. مع أنهما غير مجهولين بل يُعرفان ذاتاً وحالاً ولم تعتمد على عدالتهما في ذلك واعتمد على كلام الشيخ زكريا الأنصاري في إسقاط إسنادهما ولم تعتمد على أقوال علماء مصر في إسقاط سند شمروخ. زيادة على ذلك أنّ اللقاء ثابت قطعاً بين النويري والعقبي مع ابن الجزري. السوال لماذا اعتمد على أسلوب المحدثين في معالجة مسألة شمروخ خلافاً لمسألة النويري والعقبي؟ لماذا اعتمدت على عدالة الشيخ عبد الباسط هاشم في مسألة شمروخ ولم تعتمد على عدالة النويري والعقبي، لماذا اعتمدت على كلام الشيخ زكريا الأنصاري في إسقاط سند النويري والعقبي ولم تعتمد على أقوال مشايخ مصر كالشيخ المعصراوي لإسقاط سند الشيخ عبد الباسط هاشم عن الشيخ شمروخ. أرجو التوضيح.
هذا ما أردت قوله ولا أدعي أني على الحق إلا أني لا أقبل أي مسألة إلا إذا كانت أدلة المناقش مقنعة لا يشوبها شيء من الاحتمال والشك خاصة في إسقاط إسناد أو عدالة واحد من أهل الأداء.
وأخيرا أقول لشيخي وأستاذي الشيخ الجكني أعتذر مرة أخرى عن القسوة في الكلام إذا رأيت أني قد تجاوزت الحد معكم وحاش لله أن أستهزئ بمؤمن فضلاً عن رجل من أهل العلم والقرءان وإن غيرتي على القرءان وعلى ما يظهر لي من الحق تدفعني إلى التحمس في الكلام وأسأل الله تعالى أن يغفر لي ولسائر الأعضاء وزوار هذا المنتدى المبارك وآخر ذعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري
¥