تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبما أن الراوي الضعيف إذا أخطأ في حديث لا يتضح خطؤه إلا من خلال دراسة ذلك الحديث دراسة علمية ونقدية، فإن تعريف العلة لا بد أن يتضمن ذلك، ولا داعي لإخراج ما رواه الضعيف من مضمون تعريف العلة أيضا، كما سبق بيان ذلك مفصلا في المباحث السابقة. ومن هنا كان نقاد الحديث يذكرون في كتب العلل أحاديث الضعفاء التي أخطؤوا في روايتها سندا أو متنا، كما أنهم يوردون ما صح منها في الصحاح، أو ينصون في غيرها على أنه صحيح.

ويستخلص مما سبق أن العلة تتمثل في خطأ الراوي، سواء أكان ثقة أم ضعيفا غير متروك ويبقى ذلك خفيا وغامضا بالنسبة إلى غير المتخصصين، وأما بالنسبة إلى نقاد الحديث ممن جمع بين الحفظ والفهم والمعرفة فتكون العلة واضحة وجلية، ولا يكون للأسباب الظاهرة - كفسق الراوي، وكذبه، أو انقطاع الإسناد بجميع أنواعه - صلة بمفهوم العلة التي نحن بصددها.

كما يظهر ذلك جليا من قول الحاكم (رحمه الله) السابق نقله: ''وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واه وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له علة فيصير الحديث معلولا، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير'' (5).

ويقول الحافظ ابن رجب (رحمه الله): ''حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعللون الأحاديث بذلك، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره، وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة التي خصوا بها عن سائر أهل العلم'' (6).


(1) - التعريف بأوهام من قسم السنن 1/ 204، للشيخ محمود سعيد.
(2) - قد شرحت هذا الموضوع بشئ من التفصيل في كتابي (كيف ندرس علم الحديث)، ولا يزال في طور الإعداد.
(3) - هذه نقطة مهمة تكشف الخلل في طريقة بعض المعاصرين في استدلالهم بتصحيح إمام حديثا على أن راويه ثقة، وهذا خطأ منهم، إذ إن معنى تصحيحه أن الراوي عدل وأن السند متصل، وأن الراوي قد ضبط ذلك الحديث، وليس في ذلك إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى أن حاله فيما يرويه من الأحاديث أن يضبط ويتقن. وهذا الحكم لا يصدر من الناقد إلا بعد نقد مروياته، وليس بنقد حديث واحد فقط. ومن المعلوم لدى الجميع أن الحافظ ابن حجر قد عقد فصلا مستقلا لترجمة من تكلم فيه من رواة البخاري، ولم يكن الحافظ ابن حجر يستنتج من تصحيح البخاري لأحاديث هؤلاء المتكلم فيهم أنهم ثقات. نعم قد قال الحافظ:'' ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه، وعدم غفلته .. '' يعني لذلك الحديث، وليس ذلك حكما عاما كما فهم مؤلف كتاب التعريف. وهذا الإمام مسلم لما سئل عن رواية جماعة من الضعفاء في صحيحه لم يرد عليهم بأنهم ثقات عنده، ونصه الصريح لا يقاومه استنتاج بعض من ذهب إلى خلاف ذلك من المتأخرين، وفيما أرى أن منشأ هذه الشبهة هو الاعتقاد بأن الحكم تابع لأحوال الرواة بناء على خطأ آخر في فهم تعريف الصحيح.
(4) - قال ابن القيم: ''ثقة الراوي شرط للصحيح وليس موجبه'' (تهذيب السنن 3/ 273، مطبوع مع مختصر سنن أبي داود للمنذري).
(5) - معرفة علوم الحديث ص: 112 (منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت).
(6) -شرح علل الحديث، ص: 390 (تحقيق صبحي السامرائي)

ـ[بن مشالي]ــــــــ[08 - 03 - 08, 12:08 ص]ـ
حيا الله الشيخ الفاضل / ابو عمر، واشهد الله تعالى اني احبك في الله واني لارجوا ان يجمعني بك الله تعالى بذلك الحب في ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله، وان لم اكن اهلا لذلك، فانتم اهل للتواضع بارك الله فيك.
اسمح لي ببعض الاستفسارات الاخرى
- بالنسبة لرواة البخاري و مسلم فلا اختلف مع فضيلتكم في ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير