تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمثلا لو قلنا أن لك أصدقاء فى العمل منهم واحد اسمه أحمد والأخر هشام وفى يوم من الأيام سألت هشام:هل أحمد جاء اليوم أم لا؟ فقال: لك نعم جاء لقد رأيته، فسألته: هل قال لك شئ تخبرنى به، فقال لك: نعم لقد قال لى أن مساعد المدير أخبره أن المدير أخبره أنك ستحصل على مكافأة.

أظن أن هذه القصة ومثلها تحدث مع كثير من الناس بأشكال متعددة وهى نقل الأخبار، نريد الأن أن نستقى منها أهم القواعد التى هى مستقرة فى أذهاننا تجعلك تقبل هذا الكلام من صديقك:

1 - هشام وأحمد ومساعد المدير والمدير معرفون بالصدق وأنهم لا يمزحون فى مثل هذه الأمور فلذلك صدقت بأنك ستحصل على ما ذكر لك،ولكن لو كان واحد منهم معروف بأنه كذاب ويحب أن يختلق قصص ليسخر من غيره هل كنت ستصدقه أم ستسأل غيره ممن معروف بالصدق، الإجابة معروفة طبعا، وهذه من أهم قواعد علم الحديث وهى ما يسميه العلماء (العدالة) أى أن الذى يتكلم لا يحيد عن الحق ولا يكذب

2 - هشام لما أخبرك بوجود أحمد وبالبشارة على ماذا اعتمد؟ اعتمد على حواسه فهو رأى أحمد وسمع منه إذن فالخبر لم يكن تخرص أو حلم بل شئ يدرك بالحواس

3 - أيضا هذا الخبر مهم ولذلك كان هشام متذكر لتفاصيله حتى ولو كان الخبر هذا سمعه من مدة ولم يراك فى يومها ثم أخبرك فهو يذكره لأنه كان مهتم به وهو يسمع، أما لو كان مثلا هشام هذا سريع النسيان أو كان رجلا كبير فى السن قد يسمع شئ فإذا أخبر به قال شيئا أخر أو غيرها من العوامل التى قد تكون سبب فى أنك لا تثق فى حفظ صديقك هذا هل كنت ستقبل الكلام أم لا؟، الإجابة أيضا معروفة، وهذه أيضا من أهم قواعد علم الحديث وهى ما سميه العلماء (الضبط)

قل لى بالله عليك هذه القواعد التى نستخدمها فى كل يوم عشرات المرات لو أنكرها أحد هل نقبل منه إنكارها؟ بالقطع لا، وأيضا لو علمنا أن علماء الحديث يستخدمون هذه القواعد (طبعا وغيرها ولكننا أتينا بأهمها لأننا نعرف بهذا العلم تعريف بسيط جدا) هل يكون علماء الحديث بذلك لا يستخدمون عقولهم أم يكونون بذلك ممن يستحقوا أن يكرموا ويعرف لهم قدرهم لأنهم استطاعوا أن يستخدموا هبة وهبهم الله إياه أعظم وأفضل وأرقى استخدام لحفظ كلام النبى-صلى الله عليه وسلم-؟

بنفس الطريقة نقل لنا كلام النبى -صلى الله عليه وسلم-، فالنبى-صلى الله عليه وسلم- كان يجلس مع الصحابة ويكلمهم إما فى الأحكام أو الغيبيات أو غيرها من أمور الدين والصحابة يسمعون منه -صلى الله عليه وسلم-، فلما توفى –صلى الله عليه وسلم- قام الصحابة بنشر الدين القرآن والسنة،وكان كل واحد منهم له دور حسب طباعه وصفاته التى حباه الله بها فمنهم من انشغل بالجهاد ومنهم من انشغل بالخلافة وغيرها ومنهم من اهتم بنتحديث الناس بحديث النبى –صلى الله عليه وسلم- وهؤلاء لم يكونوا قلة بفضل الله بل ومن الذين انشغلوا بغير التحديث هذا لا يعنى أنهم لم ينقلوا أى حديث بل منهم من نقل ولكن أنا أصف حالهم، فلما نقل الصحابة –رضى الله عنهم- كلام النبى –صلى الله عليه وسلم- هل تحققت فيهم القواعد التى ذكرناها أم لا؟ هم سمعوا من النبى-صلى الله عليه وسلم- ورأوه،أيضا كلهم ثقات متصفون بالعدالة لماذا؟ لأن الله العليم بذات الصدور علام الغيوب زكاهم ومدحهم وجعلهم أصحاب نبيه لكى ينقلوا الدين من بعده فلو كانوا كذابين لكان هذا إما قدح فى علم الله وهذا لا يصدر من مسلم وإما قدح فى حكمة الله وهذا أيضا لا يصدر من مسلم وهذان الإحتمالان مستحيل أن يحدث واحد منهم، إذن لما زكاهم الله دل هذا على أنه سبحانه يعلم أنهم يستحقون هذه الزكاة وهذا المدح فعلمنا أنهم ثقات وبذلك تحقق فيهم شرط العدالة، أما الضبط فالعرب معروفون بأنهم كانوا أحفظ الناس بل كان منهم من يحفظ قصيدة طويلة من أول مرة يسمعها والصحابة عرب إذن تحقق فيهم شرط الضبط (كما قلت هناك أمور أخرى يهتم بها علماء الحديث فمن أراد أن يعرفها فليتعلم هذا العلم الماتع الشريف)، وهكذا سمع تلامذة الصحابة من الصحابة وهم من يسمى بالتابعين والتابعون حدثوا تلاميذهم وهذا إلى أن دونت السنة والحمد لله، ولكن هنا سؤال الصحابة وعلمنا أنهم عدول وعندهم ضبط ولكن من بعدهم كيف نعرف؟ هنا يأتى دور جبال علم الحديث وفحوله مثل الإمام أحمد بن حنبل وشعبة بن الحجاج وسفيان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير