تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيضاً لم نجد الحديث يرويه غير حماد لا عن أيوب ولا عن ابن سيرين، وإنما وجدنا غير حماد يرويه عن غير أيوب عن غير ابن سيرين عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، إذن الحديث القدر الذي اتفق عليه الراويان هو فقط جعل الحديث من حديث أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وإن اختلفوا في شيخ حماد وفي شيخ شيخ حماد.

ولكنهم اتفقوا فقط في جعل الحديث عن هذا الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه وأرضاه- ثم فيما رواه أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من متن الحديث فتلك كما يشير ابن الصلاح -رحمه الله تبارك وتعالى- أيضاً من المتابعات ولكنها أيضاً متابعة قاصرة وهي دون القاصرة الأولى لأنه كلما كانت نسبة الموافقة بين الروايتين أقل كلما كانت هذه المتابعة أضعف وأقل دلالة على دف التفرد ودفع الخطأ عن حماد بن سلمة.

لكن لو أننا وجدنا الحديث نفسه بنفس المتن الذي جاء به حماد بن سلمة عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وجدنا المتن نفسه المنسوب إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولكن من رواية صحابي آخر، ليس عن أبي هريرة ولكن مثلاً عن أبي سعيد الخدري، فهذا ماذا نسميه؟.

الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يذكر أن ذلك يسمى شاهداً حتى ولو كان اللفظ هو اللفظ, حتى ولو كان الحديث هو الحديث، وهذه الصورة لم تقع في كلام الإمام ابن الصلاح إلا على أنها من المتابعات لأنه ذكر في كلامه أنه إذا رواه غير أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال فهذه متابعات.

ابن حجر جعل ذلك أيضاً من الشواهد جعل هذه الصورة فيما إذا اختلف الصحابي والمتن هو المتن، فيجعل ذلك من الشواهد ما دام أن الصحابي للحديث اختلف ما دام أن الصحابي اختلف فالحديث حديث آخر حتى لو كان بنفس اللفظ الذي جاء به الصحابي الآخر.

ابن الصلاح يخص الشاهد بما كان بالمعنى فقط فإذا وجدنا صحابياً آخر يروي حديثاً آخر عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يتضمن هذا المعنى الذي تضمنه الحديث الذي جاء به أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فتلك هي الشاهدة عند ابن الصلاح ولكنها عند الإمام ابن حجر العسقلاني هي من الشاهد وانضموا أيضاً إلى الشاهد فيما إذا تغير الصحابي حتى وإن كان الحديث بنفس لفظ الحديث المشهود له، وهذه بطبيعة الحال اختلافات لفظية لا تأثير لها وإلا فالشاهد والمتابع كثيراً ما يرد هذان اللفظان كل منهما في موضع الآخر فربما يعبرون عن الشاهد بالمتابعة والمتابعة بالشاهد وهذا من باب التوسع في الاصطلاح، لكن المهم أن علماء الحديث -عليهم رحمة الله تبارك وتعالى- يقصدون من ذلك ماذا؟ يقصدون من ذلك معرفة إن كان الراوي تفرد أو لم يتفرد توبع أو لم يتابع خولف أو لم يخالف حتى يبنون على ذلك إن كان هذا الحديث محفوظاً أم ليس محفوظاً صواباً أو ليس صواباً.

فإذا كان الحديث كما ترون لا هو وقع في صورة من صور المتابعات التامة أو القاصرة ولا وجدنا له شاهداً بمعناه في رواية أخرى فحينئذ نحكم على الحديث بأنه من الأفراد, وهذا من التفرد المطلق؛ لأن الحديث لا يروى له من وجه آخر لا عن هذا الصحابي ولا عن هذا التابعي ولا بالمعنى ولا باللفظ فإذن صار الحديث من هذه الحيثية فرداً وهو من التفرد المطلق الذي لم يرو على أي صفة ولا على أي وجه آخر من أوجه أخرى.

ثم ذكر أن الشواهد والمتابعات إنما يغتفر فيها، ماذا يغتفر؟ في الأصول، وهذا كلام صحيح؛ لأن الأصل إذا كان عندنا ثابتاً من الممكن أن نؤيده وأن نستشهد له وأن نقويه أكثر بما قد لا يقوم بنفسه لأننا فرق بين أن أعتمد رواية أو أن أعتمد رواية أو أن أستشهد بها لتقوية ما هو معتمد فإذا كان عندنا أصل صحيح ثابت محفوظ عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فلا بأس بعد ذلك أن أضم إلى هذا الأصل الصحيح بعض الروايات التي فيها ضعف ما من سوء حفظ بعض الرواة أو قلة ضبطهم أو انقطاع خفيف في الإسناد ما دام أن هذا كله الغرض منه تقوية ما هو قوي، تدعيم ما هو أصل في ذاته مدعمٌ ومؤسس على أصل صحيح لكن فرق بين هذه الصورة وبين أن أعمد إلى روايات كلها ضعيف وكلها ليس لها أصل يرجع إليه ثم أقول إن باب الشواهد يتسامح فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير