تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نحن قلنا: إن من أسباب رد الرواية أن يتفرد بها الراوي وذكرنا أيضاً أنه ليس كل تفرد يكون دليلاً على خطأ الراوي، وإنما يقع ذلك حيث تنضم قرينة إلى ذلك التفرد فترشد الناقد إلى أن خطأ في الرواية قد وقع، هنا تكلم عن التفرد وسيتكلم في أواخر الكتاب عن الحديث الغريب وكثير من المسائل التي يطرحونها في باب الأفراد موجودة أو معادة هناك في باب الغريب أيضاً.

تكلم هنا على أن الحديث الفرد هو الذي يرويه راو واحد يتفرد به لا يتابعه عليه غيره، وأن هذا التفرد منه ما هو تفرد مطلق ومنه ما هو تفرد نسبي التفرد المطلق أي أن يكون الحديث لا يروى في الدنيا إلا بهذا الإسناد لا يروى بغير هذا الإسناد ولو على أي وجه من الأوجه بخلاف التفرد النسبي فقد يكون الحديث مشهوراً معروفاً عن بعض الرواة، ولكن إذا رويته عن رواياً آخر فهو غريب، كما ذكرنا مثلاً في حديث (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) فهو محفوظ مشهور يرويه الناس عن يحيى بن أبي كثير بالإسناد إلى أبي قتادة الأنصاري، أما روايته عن ثابت البناني عن أنس فذلك يعد غريباً تفرد به جرير بن حاتم عن ثابت البناني.

هذه غرابة مطلقة أم بالنسبة إلى حديث ثابت؟ بالنسبة إلى حديث ثابت عن أنس وإلا فالحديث مشهور من غير طريق ثابت فهو مشهور عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه وأرضاه- وأحياناً يستعملون التفرد حيث ينسب إلى بلد معينة فيقولون هذه سنة لا تعرف إلا عند المكيين هذه سنة لا تعرف إلا عند البصريين ونحو ذلك وغالباً ما يكون الإسناد مسلسلاً برواة هذه البلد فيقولون هذه سنة تفرد بها أهل البلد الفلانية أو تفرد بها واحد من بلد معينة فينسب التفرد تفرد هذه السنة إلى أهل هذه البلد ويقصدون واحداً منهم لا أنهم جميعاً رووا الحديث وإلا لو أنهم رووا ذلك الحديث لما كان فرداً من هذه الحيثية وأحياناً يقولون هذا الحديث فرد بالنسبة إلى الثقات يعني لم يروه ثقة عن الزهري إلا مالك، كما قالوا في حديث المغفر قالوا لم يروه عن الزهري ثقة إلا مالك، وإلا فقد رواه عن الزهري غير مالك من غير الثقات، أما الثقات فلم يروه إلا مالك عن الزهري، هذا هو ما يتعلق بهذه الاصطلاحات الواردة في هذا الباب إجمالا، وأيضاً لي نقاط وتنبيهات في هذا الباب أريد أن أنبه إخواني عليها لأن كثيراً من طلبة العلم يغفلون عن بعض المسائل وبعض التفريعات المتعلقة بهذا الباب فيقعون في أخطاء وفي سوء فهم لبعض كلمات العلماء الواردة في هذا الباب.

أولاً: علماء الحديث -عليهم رحمة الله تبارك وتعالى- كانوا يذمون عموماً الأفراد والغرائب ويمدحون المشاهير، ويمدحون رواية المشاهير لأن الأفراد والغرائب الغالب فيها الضعف بخلاف الأحاديث التي يرويها أكثر من واحد فهي أبعد ما تكون عن الخطأ والضعف ولهذا كان الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقول لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء، طبعاً إذا كانت عن الثقات فهي أحاديث صحيحة إلا أن يتبين خطأ هذا الراوي الثقة، وكان الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقول «شر الحديث الغريب التي لا يعمل بها ولا يعتمد عليها» وقال الإمام مالك «شر العلم الغريب وغير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس» وكان عبد الله بن المبارك -رحمه الله تعالى- «العلم الذي يجيئك من ها هنا وها هنا» يعني المشهور هذا هو العلم، وكان الإمام أحمد ينكر الذي يطلب الأسانيد الغريبة التي أخطأ فيها الرواة ويستكثر من ذلك وقال: «يجيئون بثلاثين إسناداً أو بنحو ذلك ما أقل العلم عندهم» يعني يضيعون الوقت في سماع الأخطاء التي أخطأ فيها الرواة وقيل لابن معين لماذا لا تسمع بعض الأحاديث الغرائب قال: ألهاكم التكاثر، يعني أن تستكثروا من الأشياء التي لا منفعة من وراءها ولا تأثير فيها ولا رجاء من ورائها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير