تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونقله ابن رجب في شرح العلل (2/ 735) فقال: "ونقل ابن المديني عن يحيى بن سعيد: أن أبا عوانة، وحماد بن سلمة، سمعا منه قبل الاختلاط وبعده، وكانا لا يفصلان هذا من هذا، خرجه العقيلي".

وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (3/ 272) اعتماداً على هذا النقل عند العقيلي: "وحماد بن سلمة إنما سمع من عطاء بعد اختلاطه"، وقال أيضاً: "وقد نص العقيلي على حماد بن سلمة أنه ممن سمع منه بعد الاختلاط، وأما أبو عوانة فسمع منه في الحالين".

قلت: ليس هذا كلام العقيلي، وإنما نقله عن يحيى بن سعيد القطان في التسوية بين حماد وأبي عوانة.

فهل نأخذ بقول الجمهور؟ أم نأخذ بقول يحيى بن سعيد القطان؟

الذي يظهر لي -والله أعلم- هو الأخذ بقول القطان فإن معه زيادة علم.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإنه باستقراء مناهج الأئمة في حديث عطاء بن السائب فيما يرويه عنه حماد بن سلمة: يتبين لي أنهم يعاملونه معاملة من روى عنه بعد الاختلاط.

1 - فمثلاً: ذكر الدارقطني في العلل (11/ 143/2179) الاختلاف في حديث: «قالت الجنة: لا يدخلني إلا الضعفاء ... » على عطاء بن السائب، فرواه عنه ابن فضيل بإسنادٍ، ورواه حماد بن سلمة عنه بإسناد آخر، فلم يقض فيه لحماد، بل سوى بينهما فقال: "وعطاء اختلط، ولم يخرجوا عن عطاء، ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه الأكابر: شعبة، والثوري، ووهيب، ونظراؤهم.

وأما ابن علية والمتأخرون ففي حديثهم عنه نظر".

2 - سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث اختلف فيه على عطاء بن السائب فقضى فيه لشعبة على عبد الوارث وجرير، فقال: "شعبة أقدم سماعاً من هؤلاء، وعطاء تغير بأخرة" (العلل (1/ 442/1327)).

فلو كان حماد بن سلمة عنده مثل شعبة في قدم السماع الذي لم يختلط عنده بما رواه عنه بعد الاختلاط، لقضى لحماد بن سلمة مثل ما قضي لشعبة لكنه لما سأله ابنه عن حديث رواه أبو كدينة (يحيى بن المهلب)، وعمران بن عيينة، وشعيب بن صفوان، عن عطاء بن السائب، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده، قال: جاء حبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، وذكر الحديث، قال أبو حاتم: رواه حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن القاسم، قال: جاء حبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال ابنه: قلت لأبي: أيهما أصح من حديث عطاء بن السائب؟ فقال: اتفق ثلاثة أنفس على التوصيل" (العلل (2/ 391/2684)).

فلم يقض لحماد، ولم يرجح روايته.

3 - رجح أبو زرعة رواية جرير على رواية حماد بن سلمة، فقال: "حديث جرير أصح"، وهذا مع كون جريرلم يسمع من عطاء قبل الاختلاط مثل حماد (العلل (2/ 84/1746)).

4 - روى سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وورقاء بن عمر، وموسى بن أعين، وعبيدة بن حميد، وابن فضيل، وقيس بن الربيع:

عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حفص، عن يعلى بن مرة، قال: أبصرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبي ردع خلوق ... الحديث.

أخرجه النسائي (8/ 153/5124و5125). وأحمد (4/ 172و173). وابنه في زيادات المسند (4/ 172). والحميدي (822). وعبد الرزاق (4/ 321/7937). وابن أبي شيبة (4/ 50/17674). وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 212/1569). وابن قانع في المعجم (3/ 216). والطبراني في الكبير (22/ 267و268/ 684و686 - 688).

هكذا قالوا جميعاً، عبد الله بن حفص.

ورواه شعبة فقال: "أبو حفص بن عمرو"، فوهم.

أخرجه النسائي (8/ 152/5121 - 5123). والترمذي (2816). وأحمد (4/ 171و174). والطبراني في الكبير (22/ 267/683).

وخالفهم: حماد بن سلمة، فقال: "حفص بن عبد الله".

أخرجه أحمد (4/ 171). والطبراني (685).

قال أبو زرعة: "عبد الله بن حفص أصح" (العلل (1/ 493/1478). وانظر: (2/ 319/2472)).

وعلى هذا فيكون حماد أخذ هذا الحديث عن عطاء بعد الاختلاط، أو أخذه في الحالين ثم حدث بالأخير، والله أعلم.

(ومع هذا فقد رجحوا في بعض الأحوال رواية حماد بن سلمة على غيره لسبب ما:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير