[الاسم الصحيح لسنن الإمام الدارقطني رحمه الله]
ـ[المخلافي]ــــــــ[03 - 08 - 09, 01:33 ص]ـ
كتب فضيلة الأخ الشيخ المحدث عبد الوهاب بن عبد العزيز الزيد في موقعه جامع أهل السنة والحديث ما نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
بحمد الله وتيسيره وتوفيقه تيسَّر التعرُّف على الاسم الصحيح الذي سمَّى به الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطنيُّ (385 هـ) كتابَه الذي اشتهر باسم " السُّنَن "؛ وهو:
كتاب (المُجْتَنَا من السُّنن المأثورة عن النبيّ صلى الله عليه وسلَّم، والتَّنْبيه على الصحيحِ منها والسَّقيم، واختلاف النَّاقلين لها في ألفاظها).
فكان الاسم الذي سمَّاه به على خلافِ مقاصد الأئمة ممّن ألَّفَ في " السُّنَن "، فقد كانت مقاصِدُهم واضحةً من جهةِ ذِكرِ الأحاديثِ التي تُبيّن الأحكام الشرعيةِ دون أن يكونَ مقصدَ أحدِهم ذِكرَ غرائِب السُّنَن والشاذّ من الروايات وعلل الأحاديث كما هو الحالُ في كتابِ الدارقطنيِّ، ولذا فإنَّ الأحاديثَ التي يخرجها الدارقطنيّ ليس مقصده في جميعها الاحتجاج وإنما بحسبِ شرطه في كتابه.
وقد خَفِيَ على كثيرٍ من أهل العِلم الاسمُ الذي سمَّى به الدارقطنيُ كتابه مِنَ القِدَم، مع أنَّ البعضَ يُسمّيه ب (المجتنى) دون إكمالِ الاسم – السابق ذكره - الذي يوضّح مقصود المؤلف من تأليفه.
وخفاء اسم الكتابِ الصحيحِ جعلَ كثيراً من أهل العِلم يجتهد في وَصْف هذا الكتاب بما تضمنَّه من غرائبِ الحديث والشاذِّ من الرواياتِ.
ومِنْ هؤلاء الأئمة ممّن وَصَف كتابَ الدارقطنيِّ:
شيخ الإسلام ابن تيميّة (728 هـ):
قال:وَأَمَّا زِيَارَةُ الْقُبُورِ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ عِنْدَهَا أَوْ التَّوَسُّلِ بِهَا أَوْ الِاسْتِشْفَاعِ بِهَا؛ فَهَذَا لَمْ تَأْتِ بِهِ الشَّرِيعَةُ أَصْلًا؛ وَكُلُّ مَا يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ مِثْلُ قَوْلِهِ: " مَنْ زَارَنِي وَزَارَ قَبْرَ أَبِي فِي عَامٍ وَاحِدٍ ضَمِنْت لَهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ " وَ " مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي " و " مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي "، فَهِيَ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ؛ بَلْ مَوْضُوعَةٌ لَمْ يَرْوِ أَهْلُ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ وَالْمَسَانِيدِ مِنْهَا شَيْئًا. وَغَايَةُ مَا يُعْزَى مِثْلُ ذَلِكَ إلَى كِتَابِ الدارقطني وَهُوَ قَصَدَ بِهِ غَرَائِبَ السُّنَنِ؛ وَلِهَذَا يَرْوِي فِيهِ مِنْ الضَّعِيفِ وَالْمَوْضُوعِ مَا لَا يَرْوِيهِ غَيْرُهُ. (مجموع الفتاوى 27/ 166).
وقال ابنُ عبدالهادي (744 هـ):
بل إنما رواه مثل الدارقطني الذي يجمع في كتابه غرائبَ السنن، ويكثر فيه من رواية الأحاديث الضعيفة والمنكرة، بل والموضوعة، ويبين علةَ الحديث وسبب ضعفه وإنكاره في بعض المواضع. (الصارم المُنكي ص 31).
وقال – أيضاً -:
بل الأحاديثُ المذكورة في هذا الباب مثل قوله " من زارني وزار أبي في عامٍ واحدٍ ضمنتُ له على الله الجنة "، وقوله " من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي ومن زارني بعد مماتي حلَّت عليه شفاعتي "، ونحو ذلك، كلها أحاديث ضعيفة بل موضوعة ليست في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها ولا نقلها إمام من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا نحوهم، ولكن روى بعضها البزار والدارقطني، ونحوهما بإسناد ضعيف لأن من عادة الدارقطني وأمثاله أن يذكروا هذا في السنن ليُعرف، وهو وغيره يبينون ضعف الضعيف من ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. (الصارم المُنكي ص 67).
وقال الجمال الزيلعي (762 هـ):
وإنما رواه الدارقطنيُّ في سننه التي يروي فيها غرائبَ الحديثِ. (نصب الرايه 1/ 340).
وحتى هذا الوقت الذي حرصَ مُحقّقوا الكتبِ على طبع الكتبِ على مخطوطاتٍ تُعِينُ على ضَبْط نصِّ الكتابِ، وضبْط الاسم الواردِ على طُرَّةِ المخطوط؛ إذ الغالب أن الكتب تشتهر بأسماء مختصرة يعبّر بها الأئمة عنها، كما يُسمُّون كتاب البخاريّ " صحيح البخاريّ " بينما اسم كتابه الذي سمَّاه به مؤلفه هو: (الجامعُ الصحيحُ المُسْندُ المختصرُ من أُمورِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وسننِهوأيامِه).
¥