الرد على ابن عبد البر في قوله (وحسبك بذلك ضعفاً لها).
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[12 - 08 - 09, 03:26 م]ـ
سيتم في هذا الفصل تناول دعوى الحافظ ابن البر ومن تبعه في قوله:
((ولم يخرج البخاري ولا مسلم بن الحجاج منها حديثاً واحداً. وحسبك بذلك ضعفاً لها)) ((التمهيد)) (10/ 278).
والسبب الداعي لهذا الرد هو تضعيف الشيخ محمد الأمين حفظه الله تعالى لحديث ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين .. )) , فهذه كانت من إحدى حججه وليست الوحيدة وليست أقواهم ولكن رأيت الرد المفصّل على الشيخ, يوجب عليّ الرد عليه بكل ما احتج به.
وقد كان الشيخ الألفي قد بدأ بالرد من مدة وتوقف لعل أمراً شغله, ولو تم بحثه لأغنانا, ولم يتمه فأنا على عمل فيه ولم أتمه بعد. ولعلي أكلم الشيخ الألفي في الموضوع.
ومنهجي فيه أن أورد كلام العلماء في الموضوع مرتباً إياه حسب تاريخ الوفاة, فإذا صح النقل وكثر, وتبين بأن هذه الجملة من الحافظ قد جانبت الصواب, فإنا نكون بذلك قد قطعنا إحدى حجج مضعفي هذا الحديث.
فنبدأ بحول الله تعالى فنقول:
1. قال البخاري 256هـ وله أقوالٌ أربعٌ تدلُّ على ما عَدَمِ استِيعابِهِ للصحيح:
1. ((ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح, وتركت من الصحاح {الطوال} لحال الطول)).
جاء مسنداً في ((طبقات الحنابلة)) في ترجمة البخاري (2/ 253) ترجمة (387) , وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 226) , في ((تهذيب الكمال)) (24/ 442) , وفي ((تاريخ بغداد)) (2/ 327) , ((السير)) (12/ 402) للذهبي. وقد عزاه جمعٌ ممن كتب في مصطلح الحديث منهم ابن الصلاح في (معرفة أنواع علم الحديث) (85) ماهر, والعراقي في ((شرح التبصرة والتذكرة)) (1/ 116) ماهر.
- وقال:
2. ((أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح)).
جاء مسنداً في ((طبقات الحنابلة)) في ترجمة البخاري (2/ 252) ترجمة (387) , وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 226) , في ((تهذيب الكمال)) (24/ 461) , والحازمي ((شروط الأئمة الخمسة)) (61) , ((السير)) (12/ 415) للذهبي.
قال الزركشي في ((نكته)) (1/ 178):
((وقيل: إنه أراد المبالغة في الكثرة, وهذا ضعيف, بل أراد التحديد, وقد نقل عن غيره من الحفاظ ما هو أكثر من ذلك, وعلى هذا ففيه وجهان:
أحدهما: أنه أراد به تعدد الطرق والأسانيد.
والثاني: أن مراده بالأحاديث ما هو أعم من المرفوع والموقوف وأقوايل السلف, وعلى هذا حمل البيهقي في قول أحمد: {صح من الحديث سبع مئة الف} , على أنه أراد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأقاوبل الصحابة والتابعين, فإن قلت: قد قال: ومئتي ألف غير صحيح, فما فائدة حفظه لذلك؟ قلت: التمييز بينهما. وقد قال إسحق بن راهويه: {أحفظ سبعين ألفاً صحيحة وأربعة آلاف مزورة, فقيل له: ما معنى حفظ المزورة؟ قال: إذا مر بي حديث منها في الأحاديث عرفته} ذكره شيخ الإسلام في ذم الكلام)). وقد أشار السيوطي أن الأمران قد يرادا كما في ((البحر الذي زخر)) (1/ 737).
- وقال أيضاً كما في ترجمته (5059) في ((تهذيب الكمال)) (24/ 442) للمزي, وفي ((تاريخ بغداد)) (2/ 327) للبغدادي, و ((السير)) (12/ 401) للذهبي:
3. ((كنت عند إسحق بن راهويه فقال لنا بعض أصحابنا: لو جمعتم كتاباً مختصراً لسنن النبي عليه الصلاة والسلام, فوقع ذلك في قلبي, فأخذت في جمع هذا الكتاب, يعني كتاب {الجامع}.)).
والحازمي ((شروط الأئمة الخمسة)) (63) وقال بعده:
((فقد ظهر بهذا أن قصد البخاري كان وضع مختصر في الحديث وأنه لم يقصد الاستيعاب لا في الرجال ولا في الحديث. وأن شرطه
أن يخرج ما صح عنده لأنه قال: لم اخرج في هذا الكتاب إلا صحيحاً ولم يتعرض لأمر آخر)).
4. ((لم أخرّج في هذا الكتاب إلا صحيحاً, وما تَرَكتُ مِنَ الصَّحيحِ أكثَرُ)) الحازمي ((شروط الأئمة الخمسة)) (63).
2. قال مسلم 261 هـ وله فيما ذكرنا من عدم الاستيعاب قولين أيضاً:
1. قال:
((ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا, إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه)) أورد ذلك في ((صحيحه)) (كتاب الصلاة, في آخر باب التشهد).
وقال:
2. ((إنما أخرجت هذا الكتاب وقلت: هو صحاح, ولم أقل: إن ما لم أخرجه من الحديث فيه ضعيف)) كما نقله في ((فتح المغيث)) (1/ 54) , والنووي في شرحه على مقدمة مسلم, وراجع ((السير)) (12/ 571) للذهبي.
أقوال العلماء:
1. ابن حبان 354هـ:
¥