[دراسة حديثية في تفسير آية (الحلقة الخامسة).]
ـ[ماهر]ــــــــ[17 - 08 - 09, 10:10 ص]ـ
روى المسعودي، عن عمرو بن مرَّةَ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن مُعاذ بن جبلٍ، قال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قدمَ المدينةَ، فصامَ يومَ عاشوراءَ وثلاثةَ أيامٍ منْ كلِّ شهرٍ، ثُمَّ إنَّ الله جل وعز فرضَ شهرَ رمضانَ، فأنزلَ اللهُ تعالى ذكره: ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصّيام)) حتى بلغَ: ((وعلى الذين يطيقونهُ فدية طعام مِسْكين)) فكانَ مَنْ شاءَ صامَ، ومَنْ شاءَ أفطرَ وأطعمَ مسكيناً، ثُمَّ إنَّ الله عز وجلأوجبَ الصيامَ على الصحيحِ المقيمِ، وثبتَ الإطعامُ للكبير الذي لا يستطيعُ الصومَ، فأنزلَ الله عز وجل: ((فمن شهد منكم الشَّهرَ فَلْيصمهُ ومَنْ كان مَريضاً أوْ على سفرٍ)) (1) إلى آخر الآية (2).
أخرجه: أبو داود (507) من طريق يزيد بن هارون.
وأخرجه: الطبريُّ في " تفسيره " (2243) و (2246) ط. الفكر
و3/ 161 ط. عالم الكتب من طريق يونس بن بكير.
وأخرجه: الحاكم 2/ 274 من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم.
وأخرجه: البيهقيُّ 4/ 200 من طريق عاصم بن علي.
أربعتهم: (يزيد، ويونس، وأبو النضر، وعاصم) عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عتبة المسعودي، عن عمرو بن مرة، بهذا الإسناد.
هذا إسناد معلول بعلتين:
الأولى: المسعودي اختلط في آخر عمره، قال الحافظ ابن حجر في
" التقريب " (3919): ((صدوق اختلط قبل موته، وضابطه أنَّ مَنْ سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط))، وجميع الذين رووا هذا الحديث عن المسعودي هم ممن روى عنه بعد الاختلاط، نقل ابن الصلاح في " معرفة أنواع علوم الحديث ": 496 بتحقيقي عن يحيى بن معين أنَّه قال: ((من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صحيح السماع، ومن سمع منه أيام المهدي فليس سماعه بشيء))، ونقل عن الإمام أحمد أنَّه قال: ((سماع عاصم – وهو ابن علي – وأبي النضر وهؤلاء من المسعودي بعد ما اختلط)) فتعقبه الأبناسي فقال في
" الشذا الفياح " 2/ 757: ((اعترض عليه (3) أمور منها: أنَّه اقتصر على ذكر اثنين ممن سمع منه بعد الاختلاط وهما: عاصم بن علي وأبو النضر هاشم بن القاسم وقد سمع منه بعد الاختلاط أيضاً: عبد الرحمان بن مهدي، ويزيد بن هارون، وحجاج بن محمد الأعور، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد)).
وقال ابن الكيال في " الكواكب النيرات ": 287: ((ذكر حَنْبل بن إسحاق، عن أحمد بن حنبل أنَّه قال: سماعُ عاصم بن علي، وأبي النضر
هاشم بن القاسم من المسعودي بعد ما اختلط)).
سوى يونس بن بكير، فلم نجد من نص على أنَّه روى عنه قبل الاختلاط أو بعده (4)، والناظر في طبقات الرواة سيجدهم من الطبقة التاسعة، وإذا كان يونس بن بكير أقدمهم وفاة، فإنَّ يزيد وهاشماً أعرف بالطلب وأشهر من
يونس، فإذا كان يزيد سمع منه بعد الاختلاط فيكون يونس بنفس الحال،
والله أعلم.
ولكن مع هذا فإنَّ خطأ المسعودي في هذا الحديث واختلاطه واضح؛ لأنَّ المسعودي قد خولف، خالفه من هو أوثق منه، فرواه الأعمش بوجه آخر كما سيأتي.
أما العلة الثانية: فإنَّ عبد الرحمان بن أبي ليلى، لم يسمع من معاذ بن جبل، فقد قال الترمذيُّ في " جامعه " عقب حديث (3113)
: ((عبد الرحمان بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ))، وقال البزار في " مسنده " عقب حديث (2667): ((عبد الرحمان بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، وقد أدرك عمر))، وقال الدارقطنيُّ في " العلل " 6/ 61 (976) حول سماعه من معاذ: ((فيه نظر؛ لأنَّ معاذاً قديم الوفاة مات في طاعون عمواس))، وقال البيهقي عقب الحديث: ((هذا مرسل، عبد الرحمان لم يدرك معاذ بن جبل)).
زيادة على ما تقدم من علل هذا الحديث، فإنَّه قد اختلف فيه على
عمرو بن مرة فروي عنه، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل كما تقدم، وروي عنه من وجوه أخرى.
إذ أخرجه: البخاريُّ 3/ 45 عقب (1948) تعليقاً، وابن أبي حاتم في
" تفسيره " 1/ 309 (1646)، والبيهقي 4/ 200 من طريق عبد الله بن نمير.
وأخرجه: ابن أبي حاتم في " تفسيره " 1/ 306 (1632) من طريق عيسى بن يونس.
¥