وبهذا نكون فقهنا قول أبي حاتم وقول الدارقطني بخلاف ممدوح لاختلاف الطريق.
4) أخرج النسائي في (السنن) (2150) من طريق محمد بن فُضَيْل قال: حدثنا يحي بن سعيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال سول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " تسحروا فان في السحور بركة ".
قال النسائي عقبه: " حديث يحي بن سعيد هذا إسناده حسن, وهو منكر, وأخاف أن يكون الغلط من محمد بن فُضيل" أهـ.
وفي قول النسائي هذا أزيد ممَّا أبحثه ففيه ردٌّ ونقضٌ لما يلهج به ممدوح – لردِّ حكم أهل الاختصاص – أن المنكر هو مطلق التفرد وليس تضعيفاً:
قال النسائي: " إسناده حسن, وهو منكر". ثمَّ علَّل قوله: " منكر" بـ "الغلط" فقال: " وأخاف أن يكون الغَلَط, من محمد بن فضْل " أي: غلط في سنده, لأنَّ المتن ثابت لا نكارة فيه.
فالمنكر هنا هو: الغَلَط, وليس التفرد.
ومحمد بن فُضَيْل, قال فيه النسائي نفسه: " لا بأس به" فهو ليس ضعيفاً عند النسائي ومع ذلك ربط به النكارة أي: الغَلَط.
وهذا يخالف الذي في ذهن ممدوح: " لا تكون النكارة الإ بوجود راو ٍ ضعيف دائمًا ولا تكون بوجود راو ٍ ثقة أو راو ٍ حسن الحديث".
5) في حديث أنس بن مالك عن أبي بكر " أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحر جملاً لأبي جهل ".
** قال الدارقطني (1/ 226): " رواه أبو عبد الله الصوفي, عن سويد بن سعيد, عن مالك عن الزهري ,عن أنس عن أبي بكر. ووهم فيه وهما قبيحا. والصواب عن مالك, عن عبد الله بن أبي بكر مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. والوهم فيه من الصوفي" اهـ.
وما حال أبي عبدالله الصوفي عند الدارقطني؟
** قال الخطيب في (تاريخ بغداد) (4/ 306/ ترجمة الصوفي): "ذكر أبو عبد الرحمن محمد بن الحسن السلمي النيسابوري أنه سأل أبا الحسن الدارقطني عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي. فقال: ثقة."
فالصوفي ثقة عند الدارقطني ومع ذلك أنكر عليه هذا الحديث, وحكم عليه بأنه وهم فيه "وهمًا قبيحًاً".
** وفي (لسان الميزان) (1/ 152): " قال الإسماعيلي أنكروه على الصوفي".
فليس الحكم بالنكارة خاصاً بالضعيف إذا خالف.
6) في ترجمة أحمد بن روح أبو يزيد البزَّازي من (تاريخ بغداد) (4/ 380) ذكر الخطيب بسنده عن أنس مرفوعاً: " إذا مات مبتدع فإنه قد فتح على الإسلام فتح ". ثمَّ قال:"الإسناد صحيح, والمتن منكر" اهـ.
هل سيقول ممدوح: كيف تجتمع النكارة مع " الإسناد صحيح"؟.
7) ذكر ابن عبد البر في (التمهيد) (14/ 17 - 18) من طريق أبي داود حديث عبدالله بن عمرو مرفوعاً: " المتبايعان بالخيار مالم يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن سيقيله". ثمَّ قال: " وقوله: لا يحل لفظة منكرة" اهـ.
والحديث عند أبي داود (3456) , فعلى ممدوح أَنْ ينظر فيه هل يجد فيه راويًا ضعيفاً؟.
8) وفي رواية: " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة وخلفها". قال ابن عبد البر في (التمهيد) (12/ 93): " وأمَّا قوله: وخلفها فلا يصح في هذا الحديث وهي لفظ ة منكرة فيه, لا يقولها أحد من رواته" اهـ.
9) ذكر الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (3/ 209) حديثاً لعبدالله بن الحارث بن جزء وقال: " ومع صحة إسناده هو منكر من القول" اهـ.
10) وفي (سير أعلام النبلاء) أيضاً (4/ 342 - 343) ذكر حديثاً لابن عباس وقال: "هذا حديث نظيف الاسناد، منكر اللفظ" اهـ.
11) قال الذهبي في (تلخيص المستدرك) (3/ 128): " هذا وإن كان رواته ثقات فهو منكر ليس ببعيد من الوضع." اهـ.
12) الحافظ ابن كثير عند الآية (99) من سورة (الكهف) - في يأجوج ومأجوج – ذكر حديثًا ثُمَّ قال: " وهذا إسناد قوي , لكن في رفعه نكارة". ثُمَّ بيَّن نكارته.
13) قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) (10/ 37): " ومن المستغربات ما أورده ابن مردويه في تفسيره من طريق عيسى بن طهمان عن أنس أن ابا بكر وعمر كانا فيهم, وهو منكر مع نظافة سنده, وما اظنه إلا غلطاً" اهـ.
وهذا يكفي في بيان خروج ممدوح على عمل أئمتنا ومتبعيهم بإحسان, وهو نفسه الذي ينتقده ويُشَغِّب به على الشيخ العَلَم ناصر الدين الألباني –رحمه الله-. ثُمَّ يصف- يتمنى – كتابة (التعريف) " كتاب علل".
¥