تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى أن جاء عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي -رحمه الله تعالى- فهو أول من أفرد علم المصطلح بالتصنيف في كتابه "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" فهذا الكتاب يعني يعتبر تصنيفا مستقلا في علم المصطلح، وابن خلاد الرامهرمزي هذا متوفى في سنة ثلاث مائة وستين للهجرة، فهذا هو التاريخ الذي يعتبر -يعني- بداية التصنيف المستقل في المصطلح.

جاء بعده الحاكم أبو عبد الله صاحب المستدرك، فألف كتابه الشهير "معرفة علوم الحديث" وبسط الأمور أكثر من بسط الرامهرمزي، ثم جاء بعده أبو نعيم الأصفهاني، فعمل مستخرجا على كتاب الحاكم، ثم جاء بعد ذلك الخطيب البغدادي -رحمة الله عليه- وهو الذي خدم علم المصطلح خدمة لا مثيل لها، وقل أن يكون هناك باب من أبواب المصطلح إلا وللخطيب البغدادي فيه تصنيف مستقل، وكتبه أكثر من أن تحصى في هذا الفن، وتجد أنه في كل باب من الأبواب يصنف فيه تصنيفا مستقلا، يعني: لو نظرنا إلى مؤلف من مؤلفات علم المصطلح، نجد -مثلا- يفردون بابا لآداب المحدث وطالب الحديث بابا من أبواب المصطلح، لكن الخطيب البغدادي -رحمه الله- ألفَ كتابا مستقلا في ذلك الكتاب مطبوع وموجود يقع في مجلدين، وهو "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" وغير ذلك من تصانيفه -رحمه الله- ثم ما زال هذا العلم يتطور شيئا فشيئا، وتضبط قواعده إلى أن جاء أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله تعالى- فألف كتابه المشهور بـ"مقدمة ابن الصلاح" وهو الذي أصبح عمدة لمن جاء بعده؛ لأنه جمع أنواع علوم الحديث، وجعلها على أنواع، وتكلم على كل نوع فجاء كل من جاء بعده، فهو إما مختصر، أو ناظم، أو شارح لنظم، أو شارح لاختصار وما إلى ذلك.

فمثلا النووي -رحمه الله- جاء فاختصر مقدمة ابن الصلاح هذه في كتابه "التقريب" ثم جاء بعد ذلك السيوطي، فشرح التقريب في "تدريب الراوي" نجد -مثلا- العراقي -رحمه الله- نظم منظومة في مقدمة ابن الصلاح يعني: جعل الكلام الذي ذكره ابن الصلاح على شكل نظم، وهي الألفية المعروفة بألفية العراقي، ثم شرحها هو في شرحين: "فتح المغيث" "والتبصرة والتذكرة" ثم جاء بعده -أيضا- السخاوي فشرحها في شرح أطول، سماه -أيضا- "فتح المغيث" ونجد -أيضا- العراقي -رحمه الله- له تقييدات على ابن الصلاح، يعني: تعقبات في كتاب سماه "التقييد والإيضاح".

جاء بعده الحافظ بن حجر، فوجد أن هناك بعض الاستدراكات على ابن الصلاح وعلى شيخه العراقي، فألف كتابه "النكت" الذي يعتبر من الدسومة بمكان في علم المصطلح، وينبغي لمن أراد -يعني- أن يتبحر في علم المصطلح أن يركز على هذا الكتاب تركيزا تاما، فهكذا، يعني: مازال علم المصطلح كله يدور تقريبا في الفترة الأخيرة على مقدمة ابن الصلاح من هذه النواحي.

"نخبة الفكر" للحافظ ابن حجر -رحمه الله- هو -تقريبا- على تبويب ابن الصلاح مع التقديم والتأخير الذي عمله الحافظ ابن حجر اجتهادا منه.

" نخبة الفكر" يشكل عصارة ذهن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في اختياره للراجح من الأقوال في مسائل المصطلح، حتى وإن كان فيها شيء من الخلاف؛ ولذلك تعتبر مضغوطة، وتعتبر متنا، وإن كان صغيرا، لكنه يتسم بالرأي الذي استخلصه ابن حجر -رحمه الله- من جراء خوض طويل في كلام تجده مبسوطا في كتابه "النكت" وغيره من الكتب، مثل مقدمته لصحيح البخاري كهدى الساري، هذه النخبة شرحها الحافظ ابن حجر -رحمه الله- "في نزهة النظر" وهو شرحُ موجز وجيد، وطبعت عدة طبعات، لكن من أفضلها الطبعة التي حققها الأخ علي حسن عبد الحميد وفقه الله، وهي مطبوعة ومتداولة، وتتميز هذه الطبعة بضبطها، فإن الطبعات الأخرى لا تخلو من سقط وتصحيف، وما إلى ذلك، يعرف هذا من قرأ في تلك الطبعات.

كذلك هناك يعني شروح أطول من "نزهة النظر" مثل "اليواقيت والدرر" للمناوي الظ اهر وغيرها من الشروح، لكن -يعني- أنا أرى أننا -يعني- سنكتفي بنزهة النظر، وسنحاول أن نحل -إن شاء الله- بعض الإشكالات التي قد ترد في هذا المتن المختصر، وحتى لو في شرحه، وسأبذل -إن شاء الله- جهدي في أن تكونوا انتهيتم من هذا الكتاب بانتهاء هذه الدورة، بحيث يكون الذي حضر يكون تلقى علم الحديث بشكل -يعني- موجز، وليس بالشكل المبسط، لكن الذي أرجوه -يعني- أنني سأتكلم حينما أشرح مراعيا الحد الأدنى، وهم المبتدئون في الطلب، في طلب علم الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير