تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكل هؤلاء من أهل الحجاز بعضهم من المدينة وبعضهم من مكة، فأبو هريرة في المدينة، وكذلك جابر وابن عباس في مكة، ثم إذا نظرت في الرواة عنهم وإذا بهم أيضًا حجازيون فأبو هريرة مثلًا تجد الذي رواه عنه من أهل المدينة نفسها كسعيد بن المسيب وجابر بن عبد الله تجد عمرو بن دينار هو الذي روى عنه ذلك الحديث وابن عباس تجد الذي روى عنه ذلك الحديث عطاء بن أبي رباح، وكل هؤلاء حجازيون.

ثم تنظر أيضًا في الرواة عنهم فتجدهم أيضًا كذلك مثلًا حديث أبي هريرة رواه عن سعيد بن المسيب الزهري وهو مدني وحديث جابر بن عبد الله رواه عنه عمرو بن دينار والذي رواه عن عمر بن دينار هو سفيان بن عيينة وهو أيضًا حجازي، عطاء بن أبي رباح تجد الذي رواه هو الذي روى حديث ابن عباس، والذي رواه عن عطاء هو ابن جريج وهو أيضًا مكي هذا الحديث الذي بهذه الصورة يقال له: لا نعرفه إلا من حديث الحجازيين، أو تفرد به أهل الحجاز فهذا لا يقصد به الغرابة المطلقة.

وإنما يقصد به بالنسبة إلى جهة معينة تفرد به أهل الحجاز فلا يرويه أهل الشام ولا أهل مصر ولا أهل العراق ولا أهل خراسان، وهكذا فهذه هي أنواع الحديث الغريب غرابة نسبية هذه الأنواع الغريب والعزيز والمشهور كلها كما قدمنا يقال لها: أحاديث آحاد، وهذه الأحاديث الآحاد لا يلزم منها أن تكون صحيحةً ولا أيضًا ضعيفة، وإنما الأمر يتوقف على أي شيء على النظر في حال سندها فإذا صح السند فهي صحيحة، وإذا كان السند ضعيفًا فبحسبه إن كان له طرق يرتقي بها فيصل للحسن لغيره كما سيأتي.

وإن كانت الطرق من الطرق التي لا يعتضد الحديث بها كأن تكون ساقطة هالكة، فهذا أيضًا يبقى على شدة ضعفه فيقول الحافظ هنا وفيها المقبول والمردود؛ لتوقف الاستدلال بها على البحث عن أحوال رواتها دون الأول ما مقصده بالأول -المتواتر فيقول الأول لا يتوقف الأمر على البحث عن أحوال رواته، وأما هذه الأنواع فالأمر يتوقف على معرفة أحوال رواتها، فإذا نظر في أحوال الرواة ووجد أن الحديث يصل إلى درجة القبول، ونقصد بالقبول الصحيح والحسن، وكُلٌّ بقسمَيْه الصحيح قسمان: صحيح لذاته وصحيح لغيره، كما يأتي والحسن قسمان لذاته ولغيره فهذه يقال لها بمجموعها هذه الأنواع الأربعة المقبول.

فهذه الأنواع فيها المقبول وفيها المردود، والمردود معروف بأنه هو الضعيف بأقسامه بقي يعني المسألة التي لها ارتباط بمبحث المتواتر، وهي إفادة العلم هذه الأخبار التي نسميها أخبار آحاد، وكذلك أيضًا المتواتر ماذا يفيد؟ بالنسبة للمتواتر قالوا: إنه يفيد العلم بلا شك، لكنهم اختلفوا هل يفيد العلم الضروري، أو يفيد العلم النظري؟ فما هو الفرق بين العلم الضروري وما هو الفرق بين العلم النظري؟ الفرق بينهما أن العلم الضروري لا يحتاج إلى البحث عن أحوال رواته، بل الأمر يستوجب التصديق الجازم دون البحث عن أحوال رواته ودون البحث أيضا عن السند مطلقًا.

مثل ما وصفت لكم من حال بلاد اليابان، بلاد اليابان هل يعني وصل إلينا إسناد بها؟ نقول: ما وصل إلينا إسناد، لكن هل فينا أحد يشك أن في الدنيا بلدا يقال: لها اليابان ما فينا أحد يشك من أين تَحَصَّلَ لنا هذا؟ قالوا: هذا جاءنا ضرورة يعني ضرورة دفعتنا إلى التصديق الجازم بأن هناك بلد يقال لها: اليابان بحكم ماذا؟ بحكم تواتر الخبر واشتهاره وانتشاره شهرةً، وانتشار زاد عن الحد الذي يدعو إلى البحث عن أحوال الرواة، فأصبح الأمر يتطلب منا التصديق الذي هناك شيء يدفعنا إليه من داخل أنفسنا ولا يحتاج الأمر إلى البحث عن أحوال الرواة هذه الحالة تسمى حالة العلم الضروري، يضطرك للتصديق.

أما العلم النظري فهو العلم الذي يتوقف على النظر في أحوال السند، فأنت تقول: نعم أنا جاءني هذا الخبر من طرق كثيرة لكنني لا يعني أصدق بأنه خبر حتى أنظر من الذي رواه؟ ومن الذي نقله عن ذلك الذي رواه حتى وصلني؟ فأنا أنظر في أحوال هؤلاء الرجال فإذا تحقق لي من خلال النظر أن هؤلاء يغلب عليهم الصدق وأنهم فعلًا يعني نقلوا خبرًا مستنده الحس، فأنا حينذاك أصدق ويصبح هذا الخبر بحكم هذه الكثرة عندي متواترا؛ لأنه جعل عندي شيئًا يسمى العلم اليقيني، لكن هذا العلم ما تَحَصَّلَ لي إلا من جَرَّاء النظر في أحوال الرواة الذين نقلوا لي ذلك الخبر فأظن أنه -إن شاء الله- بهذا وضح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير