تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفرق بين العلم النظري والعلم الضروري -واضح ولا أعيد- واضح -إن شاء الله- نعم كيف؟ أعيده.

طيب. العلم النظري هو العلم الذي يتوقف على الاستدلال يعني أدلل على أن هذا الخبر متواتر بماذا أدلل، أو كيف أدلل؟ من خلال النظر في أحوال الرواة النَّقَلَة لذلك الخبر، فمثلًا عندي حديث من كذب عليّ متعمدًا هذا الحديث إذا كان رواه من الصحابة كما قلنا ما يقرب المائة، وابن الجوزي قلت لكم: إنه جمع الحديث عن ثمان وتسعين من الصحابة على اختلاف الطرق منها الصحيح ومنها غير الصحيح.

لكن أنا قبل أن أعرف ما هو الصحيح من عدمه حتى أحكم على هذا الحديث بأنه متواتر آتِ فأنظر من الذي رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: والله رواه من الصحابة فلان وفلان والعشرة المبشرون بالجنة وفلان المهم حتى وصلوا ثمان وتسعين. قلت: حسن الآن الصحابة كلهم عندي عدول بتعديل الله -جل وعلا- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- لهم فلا حاجة إلى البحث عن أحوالهم.

لكن أنا مضطر إلى البحث عن أولئك الذين رووه عن أولئك الصحابة فأتيت لكل تابعي رواه عن كل صحابي فبدأت أنظر هذا التابعي هل هو ثقة، أو غير ثقة لنفرض أنني مثلًا وجدت هؤلاء التابعين الذين رووا هذا الخبر كلهم هَلْكَى مثل إسحاق بن أبي فروة، والحارث الأعور وغيرهم من الذين فيهم ضعف، أو مطعون في عدالتهم، فحين ذاك لا تفيدني هذه الكثرة شيئًا لماذا؟ لأنني أصلًا ما تيقنت أن أولئك الصحابة قد رووه لماذا ما تيقنت؟ لأنه ما تَحَصَّل لي من خلال النظر في هذه الأسانيد ما يجعلني أصدق بأن أولئك الصحابة قد رووا هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

لكن العكس لو نظرت في حال أولئك التابعين فوجدت أنهم ثقات فأنا بعد ذلك أنتقل إلى مرحلة مَنْ بعد التابعين. أتباع التابعين الذين رووا هذا الحديث عن التابعين الذين رووه عن الصحابة، فنظرت أيضًا في طبقة أتباع التابعين فبعد النظر في أحوالهم والاطلاع عليها، وطبعًا هذا لا يتأتى إلا من خلال كتب الرجال، كما سيأتي -إن شاء الله- معنا في آخر الكتاب، نظرت فوجدت أنهم ممن حكم لهم الأئمة بأنهم ثقات عدول فعند ذلك تجاوزت أيضًا هذه المرحلة.

ثم تخطيت طبقة طبقة، وأنا أبحث وأتوصل من خلال ذلك إلى أنهم ثقات عن ثقات، وهكذا حتى وصلت إلى مُصَنِّف الكتاب الذي روى هذا الحديث عن أولئك الرواة الذين رووه عن من فوقهم حتى بلغوا الصحابة وحتى بلغوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس صاحب كتاب واحد فقط بل نجد أنهم أصحاب كتب كلهم الذين رووا هذه الأحاديث، فإذا بمجموع هذه الطرق وما فيها من هؤلاء الرواة الذين هم ثقات، ونقلوا هذه الأخبار تَحَصَّل لي من جراء النظر ما هو حينما بدأت أنظر في حال كل راوٍ من الرواة هذه الحالة تسمى حالة النظر، فإذًا العلم ما تحصل لي ضرورة، وإنما تحصل لي بعد أي شيء؟ بعد النظر في أحوال الرواة، وهذا يقال له: العلم النظري واضح إن شاء الله طيب.

الآن يعني ما دام أننا تكلمنا عن العلم الضروري هذا بالنسبة لخبر الآحاد، أو العلم النظري كل هذا بالنسبة للخبر المتواتر الآن ننتقل لأخبار الآحاد ماذا تفيد؟ لنعلم أيها الإخوة أن هذا هو بيت القصيد يعني: أخبار الآحاد هي التي ينبغي أن نركز عليها فأهل السنة ما صح عندهم من الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تَلَقَّوْهُ بالقبول والتسليم له ولا تجدهم مثلًا يلجئون إلى الطرق الكلامية، أو الخزعبلات السوفسطائية من إقحام العقول في هذه النصوص والقول بأن هذا النص يصادم العقل، أو ما إلى ذلك لا تجد أهل السنة يسلكون هذه المسالك إطلاقًا، وإنما سموا أهل الحديث؛ لأنهم يسلمون لما صح من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- اللهم إلا أن يتبين لهم علة قادحة في ذلك الحديث فالأمر حينذاك يختلف.

لكن ما دام أن السند قد صح وليس هناك أي حجة علمية تدعو إلى التوقف عن قبول ذلك الحديث فلا يسع مؤمنا ولا مؤمنة أن يتخلف عن العمل بذلك الحديث وفق الضوابط الشرعية لكن الذين لا يعجبهم هذا المسلك هم الذين تأثروا بالمسالك الغريبة عن المنهج الحق والتي إنما دخلت على المسلمين من خلال كتب اليونان التي عربت فما كان المسلمون يعرفون التفرقة بين حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وحديث آخر فيقبلون هذا ويرفضون ذاك، وكل ذلك بحجج عقلية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير