كذلك أيضًا مثل سفيان بن وكيع هو إمام لكنه اتخذ وراقًا يعني الذي ينسخ له، لكن هذا الوراق ليس بثقة فأصبح يدخل على سفيان بن وكيع بعض الأحاديث التي ليست من حديثه فجاءه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان فنصحاه فقالوا له: إنك دخل في حديثك المنكرات وكل هذا البلاء نرى أنه بسبب وراقك فشكا لهما قال: ماذا أصنع؟ قالا: نحن نكفيك. هما إمامان نقادان مثل الصيارفة. الصيرفي تجده يضرب بالجنيه الأرض يعرف هذا الجنيه صافي ولا ما هو صافي.
يعني ما يحتاج ميكروسكوب ولا آلات تكتشف الزيف فهؤلاء أيضًا نفس الشيء قالوا: نحن نكفيك نستطيع نميز صحيح حديثك من سقيمه، لكن بشرط أن تبعد هذا الوراق السيئ إذا أبعدته نحن نميز لك حديثك ويصفو لك حديثك، وتسلم عند العلماء.
فظن أنه انصاع لنصحهما فوجدا أنه بعد ذلك مازال مُصِرًّا على اتخاذ هذا الوراق فتكلما فيه، وتكلم فيه بقية الأمة فسقط حديث سفيان بن وكيع هذه أمثلة والأمثلة كثيرة في الحقيقة كلها تدل على أنهم يشترطون في حفظ الكتاب أن يصون المحدث كتابه بحيث يسلم له حديثه لا يتطرق الشك أبدًا في أن هذا الحديث هو الحديث الذي سمعه من شيخه ودونه، فكان كثير منهم يحرص أشد الحرص على كتابه لا يدفعه لأحد إلا بحضوره مثل الإمام مالك -رحمه الله- كان أحيانًا يدفع الموطأ لتلميذه ويقول: اقرأ، ويقرأ والناس ينسخون الأحاديث ثم يستلم الكتاب منه وهو حاضر، وإذا غلط التلميذ قَوَّمَ غلطه مثل هذا هو صيانة الكتاب.
أما الذي يدفع كتابه إلى من هب ودب فهذا يتكلمون فيه، فأظن -إن شاء الله- بهذا وضح المقصود بضبط الصدر وضبط الكتاب.
نعم يا أخي.
س: (سؤال غير مسموع)
ج: مسألة المتابعات هذه ستأتينا إن شاء الله، لكن يعني جوابًا لسؤالك أقول: نعم بشرط أن يكون يعني الحديث ليس فيه نكارة والمتابعة أيضًا ضعفها ضعفًا يسيرًا؛ لأنهم لا يحكمون على كل الأحاديث التي رواها الراوي بعدما اختلط بأنها ضعيفة قد يكون حَدَّثَ بشيء حَفِظَه.
كذلك أيضًا الذي احترقت كتبه يعني أنواع الاختلاط كثيرة بعضهم مثلًا احترقت كتبه فأصبح يحدث مما علق من تلك الكتب بحفظه، مثل ابن لهيعة فهذا أيضًا اعتبروه من نوع الاختلاط، حَدَّثَ فاختلطت عليه الأحاديث، وقد يكون أيضًا زيادة الضعف الذي طرأ على حفظه بسبب فجيعة الحادثة حينما احترقت كتبه، وهذا ليس بالأمر الهين بعضهم مثل أبي بكر بن أبي مريم جاءه لصوص فسرقوا متاع بيته ففجيعة الحادثة أثرت على عقله فاختلط يعني أنواع الاختلاط كثيرة.
بعد هذا نأتي للشرط الذي بعد هذا وهو عدم الشذوذ: الحقيقة أيها الإخوة الشاذ سيأتي -إن شاء الله معنا- يمكن في الليلة القادمة أو التي بعدها الكلام عليه مفصلًا لكن على أساس نعرف ما مقصودهم بالشذوذ. الشاذ فيه خلاف في تعريفه لكن الراجح هو ما ينفرد به الثقة أو ما يرويه الثقة مخالفًا من هو أوثق منه، أو أكثر عددًا، هذا تعريف الشاذ المختار.
هو ما يرويه الثقة مخالفًا من هو أوثق منه، أو أكثر عددًا. فأحيانًا نجد هذه المخالفة من الثقة تكون أحيانًا في الإسناد وأحيانًا في تكون المتن، فلو أن مثلا هناك بعض الثقات روى حديثًا يحلل أمرًا من الأمور وجاء ثقة وخالفهم في ذلك فذكر الحديث على أنه يحرم ذلك الأمر هذا يعتبرونه أي شيء؟ يعتبرونه شاذًا؛ لأن فيه مخالفة لمن هو أوثق منه أو أكثر عددًا.
وقد يكون في السند كأن يكون مثلًا بعضهم روى الحديث على أنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعضهم يروي الحديث على أنه من قول الصحابي، هذا يسمونه اختلاف: هل الحديث مرفوع أو موقوف؟ يعني هل هو مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني من قول النبي -عليه لصلاة والسلام- أو موقوف يعني من قول الصحابي فهذا يمسونه أيضًا نوعًا من المخالفة.
فيرون مثلًا إذا كان الأكثر عددًا أو الأوثق هو الذي رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتبروا هذه هي الرواية الراجحة، والذي رواه بخلاف ذلك يعتبرونه شذوذًا هذا المقصود بالشذوذ، وسيأتي إن شاء لله فيه مزيد تفصيل.
بعد ذلك قال: ألا يكون شاذًا ولا معللًا. ألا يكون شاذًا عرفناه وألا يكون معللًا يحتاج هذا إلى معرفة العلة قالوا في تعريف العلة -وهذا التعريف اصطلاحي لها-: هي سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث.
¥