تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا اختل واحد من هذه الأشياء فإنه لا يكون متفقا عليه إلا في بعض الاصطلاحات عند العلماء، لكن مراد المؤلف هنا لا بد أن يجتمع فيه هذه الشروط الثلاثة: أن يكون الحديث صحابيه واحدا، ولفظه أو معناه واحدا، وأن يكون مخرجا في الصحيحين.

هذا النوع وهو يتعلق بالحديث الحسن لذاته، وهو أن يكون رجاله أو رواته قاصرين في الحفظ عن الذي قبله وهو الصحيح، لكنهم مرتفعون عمن يُحَدُّ حديثه ضعيفا؛ لأن الرواة -رواة الحديث- على ثلاث درجات: درجة الثقات ودرجة الضعفاء، يعني هناك رواة اجتمع العلماء على تصحيح أحاديثهم، كنافع وسالم والزهري ومالك والحمادَيْن والسفيانَيْن، هؤلاء اتفقوا على أن حديثهم صحيح.

وقسم آخر حديثهم ضعيف، كليث بن أبي سليم ورِشْدِين بن سعد وأبي نجيح، وأبي معشر نجيح بن عبد الرحمن ونحوهم، فهؤلاء حديثهم ضعيف.

فيه طائفة في مرتبة متوسطة، هؤلاء هم المُشكِلون، حالهم ارتفعت بهم عن حيز الضعفاء، ونزلت بهم عن درجة الثقات، فهم إن نُظِر إليهم من جانب الرواة الثقات وجدنا أنهم ضعاف، وإن نظرنا إليهم باعتبار الرواة الضعفاء وجدنا أنهم أرفع وأحسن حالا منهم، هذا النوع يعبر عنه بأنهم خَفَّ ضبطهم فلم يكونوا كالثقات في الضبط ولم يكونوا في الحفظ كالضعفاء، هذا النوع المُشكِل وعليه أشكل تعريف الحديث الحسن عند العلماء.

المؤلف -رحمه الله- ذكر الفارق بين الحديث الصحيح والحديث الحسن بأنه يتعلق بالرواة، فالحديث الحسن لا بد أن يكون مستوفيا شروط الحديث الصحيح: لا بد أن يكون رواته عدولا، وأن يكون إسناده متصلا، وأن يكون سالما من الشذوذ، وأن يكون سالما من العلة، إلا في ضبط الرواة فبينه وبين الصحيح اختلاف، وذلك أن الراوي إذا خف ضبطه حكمنا على حديثه بأنه حسن؛ لأن راويه قاصر في الحفظ عن درجة رجال الصحيح.

إذا كان تام الحفظ حكمنا عليه بأنه صحيح، إذا نزل عن خفة الحفظ وهو سوء الحفظ أو ضعف الحفظ أو الوَهم الكثير فإنه حينئذ نحكم عليه بأنه ضعيف، هذا النوع وهو تحديد راوي الحديث الحسن وهو من أشكل ما يشكل ولا يعرف إلا بعد طول ممارسة في الرواة ودرجاتهم وأقوال العلماء فيهم؛ ولإشكاله كان عادة مثل هؤلاء الرواة نجد للإمام الواحد فيهم قولين، وتجد أن الأئمة مختلفين فيهم، ليس هناك ضابط محدد لك يدرك بطول الممارسة لهذا الفن، هذا النوع يسمى الحسن لذاته، يعني: أنه حسن بمفرده، دل ذلك على أن هناك نوعا آخر يقابله وهو الحسن لغيره، الحسن لغيره معناه الحديث الذي لا يحكم عليه بالحُسن لإسناد واحد، وإنما لا بد من تعدد طرقه حتى يرتقي إلى الحسن.

مشكلة للحديث الحسن، الحديث الذي رواه الإمام أحمد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيعتين في بيعة هذا الحديث حسنه العلماء؛ لأن محمد بن عمرو بن علقمة في حفظه خفة، وذلك أن محمد بن عمر بن علقمة لم يطعن أحد في عدالته، بل هو صادق عدل في دينه، لكن لما كان عنده نوع اضطراب في بعض الأحاديث ومخالفة لغيره جاءه الضعف من هذه الحيثية؛ ولذا لما قارن العلماء -رحمهم الله- أحاديثه بأحاديث غيره من الثقات وجدوا أنه أنزل منهم، ولما قارنوه بأحاديث الضعفاء وجدوا أنه أرفع؛ لأنه يوافق الثقات في كثير ويوافق الضعفاء، مثل هذه حكموا عليه بأن حديثه حسن؛ ولهذا جعله الحافظ الذهبي، ذكر أنه في عداد من يُحسَّن حديثهم.

الإسناد هذا إذا نظرنا إليه وجدنا أن يحيى بن سعيد القطان ثقة حجة إمام لا نزاع بين أهل العلم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن من كبار التابعين، وأبو هريرة صحابي لا يُسأل عنه، إذا نظرنا إلى هذا الإسناد وجدنا أن موضع تحسينه إنما هو وجود محمد بن عمر بن علقمة في الإسناد، فيدل هذا على أن الإسناد ينظر إليه بأدنى رواته، الحكم على الإسناد معلق بأقل الرواة حفظا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير