تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا كان رواة الإسناد كلهم ثقات وفيهم واحد خَفَّ ضبطه فنسميه حسنا؛ لأن الاعتبار بأدناهم حفظا، إذا كان في الإسناد راوٍ ضعيف ولو كان بقية الإسناد كلهم ثقات، فإننا نحكم على الحديث بأنه حديث ضعيف؛ لأننا ننظر في الأسانيد إلى أدنى الرواة حفظا، في الحديث الحسن لما لفت نظرنا في هذا الإسناد وجدنا أن أدناهم حفظا محمد بن عمرو بن علقمة؛ فحكمنا على الحديث بأنه حسن لوجود محمد بن عمرو بن علقمة فيه.

محمد بن عمرو بن علقمة لم يكن الطعن في عدالته، وإنما كان الطعن في .. وإنما كان كلام العلماء موجها إلى حفظه؛ ولهذا اختلف فيه العلماء منهم من يوثقه كابن معين والنسائي في رواية، ومنهم من يضعفه كالإمام أحمد، ومنهم من يتوسط في حاله، وهذه عادة من أمارات الراوي الذي يُحسِّن العلماء حديثَه، فصار الحديثان -الصحيح والحسن- يشتركان في عدالة الرواة وفي اتصال الإسناد، وفي سلامة الحديث متنا وسندا من الشذوذ والعلة، يتفقان في أن راوي الحديث الصحيح يجب أن يكون تام الضبط، وأما راوي الحديث الحسن فإنه يكون خفيف الضبط.

القسم الثاني من الحديث الحسن وهو الحسن لغيره، يعني: الذي لا يكون حسنا إلا بوجود عاضد له، وهذا يعني أن الحديث في أصله ضعيف، لكنه لما وجدنا له عاضدا مثله أو أرفع منه، رقيناه من درجة الضعف إلى الحسن لغيره، ولأن الراوي الضعيف أو الإسناد المنقطع أو نحوه .. لأن هذه الأشياء إنما ضعفناها لاحتمال أن يكون هناك ساقط أو لوجود ساقط بين الراوي ومن روى عنه، أو لاحتمال أن هذا الراوي لم يحفظ الحديث كما ينبغي، فلما جاءه آخر بمثله أو أرفع منه دل ذلك على أن الحديث محفوظ وأن الراوي هذا قد انجبر حفظه بمجيء الحديث من وجه آخر، وأن الانقطاع الذي في الإسناد قد انجبر بمجيء الحديث من وجه آخر.

عندنا مثَّلوا له بحديث يوسف بن عبيد، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ولا تَبِع بيعتين في بيعة هذا الحديث قالوا: إن يونس لم يسمع من نافع، إذا لم يسمع منه فالإسناد منقطع؛ لأنه بينه وبينه ابن نافع، إذا كان الإسناد منقطعا وقد تقدم أن الحديث لا يكون صحيحا ولا حسنا إلا إذا كان متصل الإسناد، فإذا لم يكن متصل الإسناد كان ضعيفا فإن هذا الحديث يعتبر ضعيفا؛ لوجود الانقطاع بين يونس وبين نافع.

نحكم على هذا الحديث بأنه ضعيف، لكن جاءه الحديث السابق والذي مَرَّ معنا قبل قليل مثَّلنا له في الحديث الحسن لذاته، جاء في ذلك الحديث السابق فارتقى به الحديث إلى الحسن لغيره؛ لأن هذا الحديث لو كان معنى فقط -حديث ابن عمر- لقلنا: إنه ضعيف بهذا الإسناد، جاءه الحديث الآخر حديث أبي هريرة الذي مر معنا، لما جاءه رقاه إلى الحسن لغيره، فصار الحسن لغيره في أصله ضعيف، وحديث ابن عمر هذا في أصله ضعيف لأن فيه انقطاعا، جاءته الطريق الأخرى أو الحديث الآخر فرفعه وقواه، ورفعه إلى مرتبة الحسن، لكن الحسن ليس لذاته، يعني: ليس بمفرد الإسناد، وإنما رقيناه لوجود غيره معه عَضَدَهُ فارتقى به إلى درجة الحسن، هذا النوع هو الذي يسمى الحديث الحسن لغيره.

فالحديث الحسن لغيره هو الضعيف الذي انجبر لتعدد طرقه، يشترط فيه ألا يكون الضعف شديدا، فإن كان الضعف شديدا فإنه لا يرتقي، كأن كان هناك انقطاع كبير سقط فيه ثلاثة أو نحوه هذا لا يرتقي، أو كان في الإسناد أو المتن شذوذ أو علة هذا لا يرتقي، أو كان الراوي شديد الغفلة فاحش الغلط، أو كان الراوي متروكا فهذا لا يقبل حديثه الانجبار ولا يصلح أن نرقيه إلى الحسن لغيره مهما جاءه من الطرق والشواهد والعواضد؛ لأنه يتقاعد عن الانجبار.

ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- أن هذا النوع -وهو الحسن- والنوع الذي قبله وهو الصحيح لذاته مع الصحيح لغيره ذكر المؤلف -رحمه الله- أن هذين النوعين يطلق عليهما خبر القوي، بمعنى: أنه إذا قيل: هذا حديث قوي أو خبر قوي، فيريدون بذلك إما أنه صحيح أو حسن؛ لأن القوة أمر عام أو أمر مطلق يشمل أنواعا متعددة، فإذا قالوا: قوي، فهذا مطلق يشمل الصحيح ويشمل الحسن، وهذا موجود في تعبيرات الإمام أحمد وغيره، يقولون عن بعض الأحاديث بأنها قوية .. ونحو ذلك، ويقصدون بها الصحيحة، وتارة تجد في الإسناد من يطلق على حديثه عند أهل الاصطلاح الذين قرروا الاصطلاح يطلق على حديثهم بأنه حسن لذاته.

والله تعالى أعلم

ـ[إبراهيم محمد زين سمي الطهوني]ــــــــ[04 - 10 - 09, 07:33 م]ـ

هذا الاصطلاح قد استقر عليه المتأخرون، وأجمعوا على ذلك، ولا مشاحة في ذلك، وإن كان الحديث كما قال ابن كثير صحيحا أو ضعيفا في نفس الأمر، ولكننا لا نعرف ذلك، فالأمر منوط بالاجتهاد، فمن ظن أنه صحيح، يحكم عليه بالصحة، وإن كان في نفس الأمر ليس صحيحا، ومتى لاح لنا ضعفه بالظن الغالب، نحكم بضعفه، وإن كان في نفس الأمر خلاف ما قلنا، فالمطلوب منا الاجتهاد في البحث عن وجه الصواب.

علما بأن بعض العلماء أدرج الحسن في قسم الضعيف، لا قسم الصحيح، كشيخ الأسلام ابن تيمية عندما تكلم عن الضعيف عند الإمام أحمد بن حنبل. ولا يهمنا هذا التقسيم، وإنما يهمنا وضع الحديث في موضعه. والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير