** قال ابن هاني في (مسائل الامام أحمد) (2/ 167/رقم 1925 و 1926) " قيل له: فهذه " الفوائد" التي فيها المناكير, ترى أن يكتب الحديث المنكر؟ قال: المنكر أبداً منكر.
قيل له: فالضعفاء؟ قال: قد يحتاج إليهم في وقت. كأنه لم ير بالكتابة عنهم بأسًا." اهـ.
فالأمام أحمد لا يرى بأسًا من كتابة حديث الراوي الضعيف, ويمنع من كتابة الحديث المنكر.
فيأتي ممدوح ويقول: " فقوله: " المنكر منكر" معناه أنَّه فرد, ولذا يظل على فرديته" فيكون مذهب الأمام أحمد – حسب تفسير ممدوح – لا يجوز كتابة الحديث الفرد المقبول. أيعقل هذا؟.
والشيخ ناصر الدين الألباني – رحمه الله – يمشي على طريق الإمام أحمد والترمذي قولاً وعملاً- قال في (صلاة التراويح) (ص57): " .... فثبت أنَّ الشاذ والمنكر مِمَّا لا يعتد به ولا يستشهد به, بل إن وجوده وعدمه سواء" اهـ.
** أمَّا العمل فقال في (الصحيحة) (6/ 756): " ... لا يصلح للشهادة لأنَّه منكر أيضاً كما سبق تحقيقه فكيف يقوي منكرٌ منكرًا؟." اهـ.
وقال في الضعيفة (12/ 373):" والجملة الأخيرة منه وهي .... فلا يصح الاستشهاد به؛ لأنَّه منكر." اهـ.
لماذا ممدوح تغافل عن هذا؟
الجواب:
ثالثاً: قال الشيخ محمد عوامة في (الدراسة الحديثية) من (فقه أهل العراق) (ص271): " ولابن الهمام طريقة طريفة في تصحيح الأحاديث, هي طريقة المحدثين الفقهاء, وتختلف قليلاً عن طريقة المحدثين.
فالمحدثون يقوُّوْن الحديث إذا وُجد له متابعات أو شواهد أو كلاهما, ولا يلتفتون إلى تقويته من معاني أحاديث أخرى بعيدة عن لفظه.
أمّا الفقهاء منهم فيعتبرون هذا العاضد ويقوون الحديث به" اهـ.
وقد سبق أنَّ ممدوحاً سلك طريق ابن الهمام الذي خالف طريق الحافظ الزيلعي الحنفي.
وممدوح في (التعريف) هجم هجوم جائع على تقوية ما حكم أهل الاختصاص عليه بالنكارة أو الشذوذ من معاني أحاديث أخرى- كثيرة منها منكرة أو شاذة – بعيدة عن لفظ الحديث- الشاذ أو المنكر أو الضعيف- الذي يريد تقويتة فيحقق هدفه- وهذا بعيدا جدَّاً – أنَّ ناصر الدين الألباني وهم.
** ويؤكد هذا, قال ممدوح في (التعريف) (1/ 187): " ولأهل الفقه والأصول نظر في قبول وردِّ الأحاديث. فدائرة القبول عندهم أوسع منها عند المحدثين." اهـ.
ودائرة القبول الأوسع هذه هي التي مشى عليها ممدوح ثمَّ هو بعد ذلك يقول: "كتاب عِلَل".
** وبين هذه الدائرة قبلُ فقال في (1/ 181): " وأهل الفقه يختلفون عن أهل الحديث في النظر للقوادح" اهـ.
وقد سبق أنَّ القدح بالشذوذ والنكارة خالف فيه الفقهاءُ أهلَ الحديث. وبهذا وَضُح الأمر.
وفي إثبات خروج ممدوح في:
1) ردّه حكم أهل السبر والموازنة بالنكارة أو الوهم في السند أو في المتن.
2) تقوية المنكر بالمنكر وغيره.
في هذا الإثبات اعتمدُ غالبًا على كتب الضعفاء خاصة (الكامل) لابن عدي و (المجروحين) لابن حبان.
فابن عدي وابن حبان ومعهم العقيلي ما يخرجونه في كتبهم من الأحاديث إنَّما يوردونه ليستدلوا به على ضعف الراوي لنكارة الحديث أو وهمه في متنه أو إسناده, فكل الأحاديث المُخَرَّجة فيها منكرة مردودة إلا القليل النادر الذي لم يصيبوا فيه من الاستشهاد به على ضعف الراوي أو الذي أوردوه خارجاً عن موضوع استدلاله.
لذلك مطلق العزو إلى هذه الكتب معلن بأن الحديث ضعيف كما صنع السيوطي في (الجامع الكبير).
وما يوردونه في ترجمة الراوي فهم يرون تحمله النكارة أو الوهم لا غيره وإن كان في السند مَنْ هو مثله في الضعف أو أعلى أو أدنى.
وإليك مِنْ قول ممدوح ما يؤكِّد مجمل ما قلتُ عن كتب العقيلي وابن عدي وابن حبان:
** قال ممدوح في (1/ 391): " فبإشارة ابن حبان إلى تاريخه الكبير تعلم أنَّه مشى فيه على الاستقراء الذي تبعه معاصرة ابن عدي في الكامل" اهـ.
** قال ممدوح في (2/ 191): " وذكر له ابن عدي ما أنكر عليه (الكامل6/ 387, 389)." اهـ.
** قال ممدوح في (2/ 210): " ذكر ابن عدي في ترجمة بكير بن عامر البجَلي من الكامل (2/ 33) الحديث المذكور ثمَّ قال: " وبكير بن عامر هذا ليس بكثير الرواية, ورواياته قليلة ولم أجد له متنًا منكرًا, وهو مِمَّن يُكْتَبُ حديثه".
فهذا نصٌّ من حافظ كبير هو ابن عدي على عدم نكارة أيٍّ من ألفاظ الحديث المذكور." اهـ.
¥