[قصة عمر ومضاعفة جزية بني تغلب]
ـ[أحمد يس]ــــــــ[31 - 10 - 07, 06:13 ص]ـ
قصة مضاعفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لجزية نصارى بني تغلب مقابل تسميتها بالصدقة قصة مشهورة للغاية وقد أخذ بها المذاهب الثلاثة (الحنفي -الشافعي -الحنبلي) وكثير من العلماء يورد القصة مورد التسليم ولكن رأيت تشكيكاً في هذه القصة مؤخراً وكان ظني أنها ثابتة.
وأقدم المصادر التي أخرجت هذه القصة فيما اعلم كتاب الخراج لأبي يوسف وكتاب الأم للشافعي.
قال ابن حزم في المحلى (6/ 113):
"وأخذوا هاهنا بأسقط خبر وأشده اضطرابا، لأنه يقول رواية مرة: عن السفاح بن مطر، ومرة: عن السفاح بن المثنى، ومرة عن داود بن كردوس أنه صالح عمر عن بني تغلب ومرة: عن داود بن كردوس عن عبادة بن النعمان، أو زرعة بن النعمان، أو النعمان بن زرعة أنه صالح عمر ومع شدة هذا الاضطراب المفرط فإن جميع هؤلاء لا يدري أحد من هم من خلق الله تعالى ". انتهى
ولكن قال الشيخ أحمد شاكر معلقاً على كلام ابن حزم: (روي من طرق كثيرة تطمئن النفس إلى أن له أصلاً صحيحًا).
وقال أبو جعفر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء:
"وروى أبو معاوية عن أبي إسحاق الشيباني عن السفاح بن مطر عن داود بن كردوس عن عبادة بن النعمان التغلبي أنه قال لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين إن بني تغلب قد علمت شوكتهم وإنهم بأزاء العدو فإن ظاهروا عليك العدو اشتدت مؤنتهم فإن رأيت أن تعطيهم شيئا فصالحهم على أن لا يغمسوا أحدا من أولادهم في النصرانية وتضاعف عليهم الصدقة قال عبادة يقول قد فعلوا فلا عهد لهم قال أبو جعفر وهذه الرواية مشهورة عن الكوفيين مستفيضة يستغني عن طلب الإسناد ".انتهى
وقد أشار الإخوة إلى هذه القصة هنا ولكن لم يكملوا نقاشهم:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=93060
والقصة تنتهي إلى ثلاثة رواة:
1 - سفاح بن مطر:
ترجم له البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً وذكره ابن حبان في الثقات ولذا فقد قال عنه ابن حجر في التقريب: مقبول.
2 - عن داود بن كردوس:
ترجم له البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً وذكره ابن حبان في الثقات ولكن قال عنه الذهبي في الميزان: "مجهول" وسكت عنه ابن حجر في اللسان.
3 - عن عبادة بن النعمان بن زرعة التغلبي (أو عبادة بن زرعة بن النعمان):
وهو ممن له إدراك كما قال ابن حجر في الإصابة وهو موفد بني تغلب لعمر -رضي الله عنه-.
ويذكر أن الإمام الشافعي حين أورده مورد الاحتجاج أورد المسند من القصة بسنده ثم قال:
(وهكذا حفظ أهل المغازي وساقوه أحسن من هذا السياق فقالوا: راضهم، فقالوا: نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم، ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض، يعنون الصدقة، فقال عمر: «لا، هذا فرض على المسلمين»، فقالوا: زد ما شئت بهذا الاسم، لا باسم الجزية، ففعل، فتراضى هو وهم على أن ضعف عليهم الصدقة).
ولم يحفظ عن الإمام مالك في هذا شيء كما جاء في المدونة.
فنرجو من الإخوة تحقيق القول في هذه القصة المشهورة فقد قرأت لبعض طلبة العلم أن القصة حسنة لغيرها وسبب التحسين قبول جمهور العلماء ولأنها جاءت من طرق أخرى أثبتت أصل القصة وهي صحيحة لا مطعن فيها ولكن الشاهد في تغيير الاسم وقول عمر: (سموها ما شئتم) أو قوله (هؤلاء حمقى أبوا الاسم ورضوا بالمعنى).
آسف على الإطالة ولكن أردت جمع خيوط الموضوع بين يديكم لتتصرفوا فيها.