ـ[بشير يوسف]ــــــــ[08 - 11 - 07, 05:51 ص]ـ
ما قصر أخونا الفاضل الألفى في تخريج الحديث الأول.
أما الحديث الثاني فإليك ما جادت به يراعة الإمام الألباني:
(من صلى علي في كتاب؛ لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب).
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 7/ 320:
/ ضعيف جداً/
أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (2/ 693/ 1670)، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 107) بإسناد فيه من لم أعرفه عن عبدالسلام بن محمد المصري: حدثنا سعيد بن عفير: حدثني محمد بن إبراهيم بن أمية القرشي عن عبدالرحمن بن عبدالله - الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإنه مع الجهالة التي أشرت إليها، فإن عبدالسلام بن محمد الراوي عن سعيد بن عفير؛ قال الدارقطني:
"ضعيف جداً، منكر الحديث".
وقال الخطيب:
"صاحب مناكير".
ومحمد بن إبراهيم بن أمية القرشي؛ الظاهر أنه محمد بن إبراهيم القرشي الذي في "الميزان" و "اللسان" عن رجل، وعنه هشام بن عمار؛ قال الذهبي:
"فذكر خبراً موضوعاً في الدعاء لحفظ القرآن ساقه العقيلي".
ثم ساق لهالحديث الآتي برقم (3593).
وذكر الحافظ عن العقيلي أنه قال فيه: "مجهول".
قلت: وليس له ذكر في باب (المحمدين) من النسخة المطبوعة. والله سبحانه وتعالى أعلم. وهو في مخطوطة الظاهرية (ص369)، وليست تحت يدي الآن لأحدد مكانه منها، وإنما نقليه من الحديث المشار إليه آنفاً، فقد كنت خرجته وأنا في دمشق.
وحديث أبي هريرة هذا معروف برواية بشر بن عبيد الدارسي؛ وهو مع كونه منكر الحديث بين الضعف جداً؛ كما قال ابن عدي في "الكامل" (2/ 447 - 448)، وكذبه الأزدي كما في "الميزان" و "اللسان"؛ فقد اختلف عليه في إسناده؛ فقال إسحاق بن وهب العلاف: أخبرنا بشر بن عبيدالله الدارسي قال: أخبرنا حازم بن بكر عن يزيد بن عياض عن الأعرج عن أبي هريرة به.
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 99/ 1/ 2023 بترقيمي): حدثنا أحمد (يعني بن محمد الصيدلاني البغدادي) قال: أخبرنا إسحاق .. وقال:
"لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إسحاق".
قلت: وهو ثقة من شيوخ البخاري، وليس من شيوخ الطبراني كما يتوهم مما وقع في "اللآلي" (1/ 304)، وهو غير إسحاق بن وهب الطهرمسي الكذاب خلافاً لظن ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 228)، وإنما العلة من شيخه الدارسي، وقد عرفت حاله.
وحازم بن بكر لم أجد له ترجمة.
وشيخه يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره، فإعلاله به أولى؛ لأن الدارسي قد توبع كما يأتي. وقد رواه محمد بن عبدالله بن حميد البصري - ولم أجد له ترجمة أيضاً -: حدثنا بشر بن عبيد به.
أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" كما في "اللآلي"، وفيه قال بشر بن عبيد: وحدثنا محمد بن عبدالرحمن القرشي عن عبدالرحمن بن عبدالله عن عبدالرحمن الأعرج به.
ورواه النميري في "الأعلام" بسنده عن هانىء بن يحيى: حدثنا يزيد بن عياض عن عبدالرحمن الأعرج به.
ثم رواه الخطيب من طريق محمد بن مهدي بن هلال - ولم أعرفه -: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس: حدثنا عبدالرحمن بن محمد الثقفي عن عبدالرحمن بن عمر عن أبي هريرة.
وهذه متابعة من عبدالرحمن بن محمد الثقفي لا يفرح بها، وإن سكت عنها السيوطي ثم ابن عراق (1/ 261)؛ لأن الثقفي هذا؛ قال في "الميزان" و "اللسان":
"قال البخاري: فيه نظر".
وهذا معناه أنه شديد الضعف؛ كما هو معلوم عن البخاري في اصطلاحه هذا ونحوه.
ثم إن الراوي عنه ابن خنيس؛ قال الحافظ:
"مقبول".
قلت: فمثل هذه المتابعة الواهية لا تعطي الحديث شيئاً من القوة ولا تخرجه عن كونه موضوعاً. وهو ما صرح به ابن الجوزي ثم الذهبي والعسقلاني في ترجمة بشر بن عبيد، خلافاً لما جنح إليه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" تبعاً للحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/ 309) فإنه قال: "أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وأبو الشيخ في "الثواب"، والمستغفري في "الدعوات" من حديث أبي هريرة بسند ضعيف"!
ومن التحقيق المتقدم يتبين لك خطأ المعلق على "المعجم الأوسط" (2/ 496)، فإنه بعد أن حكى عن الهيثمي أنه قال في الدارسي: "كذبه الأزدي وغيره"، وعن الحافظ قوله في يزيد بن عياض: "كذبه مالك وغيره"؛ بعد هذا كله أتبعه بقوله:
"فالحديث ضعيف كما جاء في "ميزان الاعتدال" (1/ 320) و "لسان الميزان" (2/ 26) في ترجمة بشر بن عبيد الدارسي".
قلت: والذي عندهما في هذه الترجمة إنما هو أن الحديث موضوع كما سبق مني، فلعل المعلق أراد أن يقول: "موضوع" فسبقه القلم فكتب: "ضعيف"، وإلا فالسياق والسباق يبطلان قوله هذا كما هو ظاهر بأدنى تأمل.
ثم إن السيوطي ساق للحديث شاهداً من رواية أبي القاسم الأصبهاني (رقم1672) من طريق كادح بن رحمة: حدثنا نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ:
"من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب".
فتعقبه ابن عراق بقوله:
"قلت: كادح بن رحمة ونهشل بن سعيد كذابان، فلا يصلح شاهداً. قال ابن قيم الجوزية: وروي من كلام جعفر بن محمد، وهو أشبه. والله أعلم.اهـ
¥