تابعه عبد الرزاق عند البيهقي في " الشعب " (7/ 342). قلت: و عبد الله بن
عثمان هو الحافظ الثقة الملقب بـ (عبدان)، و قد تابعه الحسين المروزي فرواه
في " الزهد " (191/ 543): أخبرنا ابن المبارك به. و هذا أصح مما قبله،
لأن المصيصي مع مخالفته لعبدان و الحسين المروزي فهو مجهول الحال لم يوثقه أحد
، على أنه مع وقفه فهو منقطع بين خالد و أبي الدرداء. و قد جاءت هذه الزيادة "
و العالم و المتعلم شريكان في الأجر .. " مرفوعة من طرق أخرى عن أبي الدرداء و
غيره .. و لكنها واهية كما بينته في " إرواء الغليل " (414). (تنبيه):
عزا السيوطي الحديث في " الجامعين " لابن ماجه فقط عن أبي هريرة، و " أوسط "
الطبراني عن ابن مسعود. و لم يتكلم المناوي على إسناد أبي هريرة، و إنما على
إسناد ابن مسعود، و لم يزد فيه على أن نقل عن الهيثمي قوله المتقدم في راويه
أبي المطرف: " لم أر من ذكره ". هذا في " الفيض "، و أما في " التيسير " فقد
زاد في توضيح الإيهام، فقال: " رمز المؤلف لصحته، و ليس كما قال، إذ فيه
مجهول "! قلت: و فيه ما يلي و إن أقرته لجنة " الجامع الكبير " (55 - 10703
)! أولا: أوهم أن المجهول في إسناد حديث أبي هريرة أيضا، و ليس كذلك كما سبق
. ثانيا: أن رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا قيمة لها، كما نبهنا عليه
مرارا، و شرحته في مقدمة " ضعيف الجامع " و " صحيح الجامع "، و قد نبه
المناوي نفسه على شيء منه في مقدمة " الفيض ". ثالثا: أوهم أن الحديث ضعيف،
و ليس كذلك بالنظر إلى طريق أبي هريرة، فهو حسن كما تقدم، و يزداد قوة بحديث
جابر! و الله أعلم. قلت: و من جناية (الهدام) على السنة تضعيفه لهذا
الحديث، في تعليقه على " إغاثة اللهفان "، و تصدير تخريجه إياه بقوله (1 /
56): " ضعيف: و لعله قول لبعض السلف "!! فيقال له: اجعل (لعل) عند ذاك
الكوكب، فإن جل طرقه مرفوعة، و أولها حسن لذاته، و نحوه حديث جابر، و لكن
الرجل مبتلى بالشذوذ العلمي!
121 - (حسن صحيح)
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار
رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال
صحيح لا غبار عليه
وشرحه كتالي:
8732 - (من سئل عن علم) علمه قطعا وهو علم يحتاج إليه سائل في أمر دينه وقيل ما يلزم عليه تعليمه كمريد الإسلام يقول علمني الإسلام والمفتي في حلال أو حرام وقيل هو علم الشهادتين (فكتمه) عن أهله (ألجمه الله يوم القيامة بلجام) فارسي معرب (من نار) أي أدخل في فيه لجاما من نار مكافأة له على فعله حيث ألجم نفسه بالسكوت في محل الكلام فالحديث خرج على مشاكلة العقوبة للدنب وذلك لأنه سبحانه أخذ الميثاق على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه وفيه حث على تعليم العلم لأن تعلم العلم إنما هو لنشره ودعوة الخلق إلى الحق والكاتم يزاول إبطال هذه الحكمة وهو بعيد عن الحكيم المتقن ولهذا كان جزاؤه أن يلجم تشبيها له بالحيوان الذي سخر ومنع من قصد ما يريده فإن العالم شأنه دعاء الناس إلى الحق وإرشادهم إلى الصراط المستقيم وقوله بلجام من باب التشبيه لبيانه بقوله من نار على وزان * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) [البقرة: 187] شبه ما يوضع في فيه من النار بلجام في الدابة ولولا ما ذكر من البيان كان استعارة لا تشبيها.
-
الكتاب: فيض القدير