تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى هذا؛ فإذا حمل قول النووي -رحمه اللّه تعالى-: فقد روينا عن علي بن أبي طالب ... إلى آخره، بتشديد الواو مبنياً للمفعول؛ يعني: رَوَّانا مشايخنا ذلك -بتشديد الواو-بأن كان الشيخ الأول رَوَّى -بتشديد الواو- مَنْ بَعْده، والذي بعده رَوَّى -بتشديد الواو- مَنْ بعده إلى آخر شيخ هو روَّانا -بتشديد الواو-، فعلى هذا؛ يُقْرأ قوله: فقد رُوِّينَا بضم الراء وتشديد الواو مكسورة وضم الهاء مبنياً للمفعول، ولا يختلف رسم الكتابة في ذلك.

وأمّا قوله: بإسناد جيد أو حسن، بعد قوله: رويناه في «مسند الإمامين أحمد بن حنبل والدارمي» فالجار والمجرور متعلق بواجب الحذف حال من الهاء في قوله: رويناه، كما أنّ قوله: في «مسند الإمامين»، الجار والمجرور متعلق بواجب الحذف حال -أيضاً- من الهاء في قوله: رويناه، كما أشار إليه الشارح فيما قدمناه، فيكون الحالان من الهاء الضمير المنصوب بالمفعولية الثانية لرَوَّى -مشدد الواو-، والمفعول الأول: نا، التي هي ضمير المُعَظِّم نفسه بشرف الرواية، أو هو ومعه غيره من أصحابه، وهذه الحال متداخلة، وتقدير ذلك: رُوِّيناه حال كونه في «مسند الإمامين»، وحال كونه وهو من «مسند الإمامين» حاصلاً بإسناد جيد. ويصح أن يكون الجار والمجرور الثاني وهو قوله: «بإسناد جيد» متعلقاً بقوله: حديث صحيح، إمَّا بحديث، وإما بصحيح، وليس هذا الجار والمجرور الأول متعلقاً برويناه؛ لأنّ إسناده هو لم يُرِد الإخبار عنه بأنه جيد، ولم يرد ذكره، وإنما أراد بالإسناد الجيد: إسناد الإمام أحمد والدارمي، يدل عليه قول الشارح المذكور: فإنْ قلتَ: ما حِكْمة قول المصنف أولاً: حديث صحيح، وقوله هنا: بإسناد جيد؟ قلت: حكمته: أنه لا يلزم من كون الحديث في «المسندين» المذكورين أن يكون صحيحاً، فبين أولاً بأنه صحيح، وثانياً: أنّ سبب صحته أن إسناد هذين الإمامين الذين أخرجاه صحيح أيضاً، وله حكمة أخرى حديثية؛ وهي: ما صرحوا به أنه لا تلازم بين الإسناد والمتن، فقد يصح فيه السند أو يحسن؛ لاستجماع شروطه من الاتصال والعدالة والضبط دون المتن؛ لشذوذ فيه أو علة، فنص المصنف أولاً: على صحة المتن بقوله: «هذا حديث صحيح»، وثانياً: على صحة السند بقوله: «بإسناد جيد» إلى آخر ما بسطه من الكلام في هذا المقام.

والحاصل: أنّ قول الإمام النووي -رحمه اللّه- هنا: روَيناه -بفتح الواو وتخفيفها- مبنياً للفاعل؛ يعني: روينا عن مشايخنا أو بإسنادنا هذا الحديث الكائن في «مسند الإمامين» المذكور ثمة بإسناد جيد، أو معناه: رُوِّيناه -بتشديد الواو- مبنياً للمفعول؛ أي: رَوَّى -بتشديد الواو- هذا الحديث لنا مشايخنا الكائن ذلك الحديث في «مسند الإمامين»، كما أن قوله: فقد رَوَيْنا -بتخفيف الواو مفتوحة- والبناء للفاعل؛ أي: روت لنا مشايخنا بإسناد متصل عن علي بن أبي طالب ... إلى آخره، أو معناه: رُوِّينا -بتشديد الواو مكسورة- مبنياً للمفعول؛ أي: رَوَّتْنا -بتشديد الواو مفتوحة- مشايخنا عن علي بن أبي طالب ... إلى آخره، واللّه أعلم وأحكم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة المباركة في الخامس عشر من ربيع الثاني سنة خمس وعشرين ومئة وألف على يد العبد الفقير محمد بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن الدكدكجي الدمشقي الحنفي -لطف اللّه به والمسلمين-، وذلك في مجلس واحد، ونقلتها مِن خط مؤلفها شيخنا الإمام الهمام العلامة -نفعنا اللّه تعالى والمسلمين ببركاته، وأمدنا بصالح دعواته-.

وصلى اللّه وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد للّه رب العالمين.

منقول عن كتاب السلفيون وقضية فسطين

ـ[محمد بن بركة]ــــــــ[18 - 09 - 06, 10:54 م]ـ

بارك الله فيك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير