تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من أوهام ابن المبارك في روايته عن الشاميين]

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[04 - 10 - 06, 08:14 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن من أئمة الإسلام، وحفاظ حديث سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم -= الإمام الحافظ الحجة عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي المروزي، المولود سنة ثماني عشرة ومئة، والمتوفى سنة إحدى وثمانين ومئة - رحمه الله رحمةً واسعة -.

ومناقب هذا الإمام وفضائله والحديث عنه وعن حفظه وثقته أمر يطول، والراجع إلى ترجمته المطولة في تاريخ بغداد، ثم في تاريخ دمشق، وما سبقهما وما تلاهما من كتب= يعلم ذلك جيِّدًا.

ولكل جواد كبوة، ولكل عالم هفوة، وكل بني آدم ذو خطأ، إلا من عصمه الله - عز وجل -.

ومن المعلوم في علوم الحديث أن الثقة مهما بلغ في درجات التثبت إلا أنه لا يسلم من بعض الأخطاء، وجلُّ - أو كل - مادة علم العلل تدور في أوهام الثقات وأخطائهم، وقد قال ابن المبارك - رحمه الله -: "ومن يسلم من الوهم؟! "، وقال ابن معين: "من لم يخطئ فهو كذاب" وقال أحمد: "كان مالك من أثبت الناس وكان يخطئ" (شرح علل الترمذي: 1/ 436، 437).

وقد عُثر من هذا الباب على أخطاء بعض الأئمة والحفاظ في بعض مروياتهم، ولذلك أسباب ليس هذا موضع ذكرها، ومنها: الرواية عن أهل بلد غير بلده.

وقد مرَّ بي تنبيه بعض الأئمة على أوهام للإمام عبد الله بن المبارك في روايته عن أهل الشام، ثم وجدتُه خالف أهل الشام في بعض مروياته، فلعل هذا من شيء في روايته - رحمه الله - عن الشاميين، وكأن في روايته عنهم أخطاء وأوهامًا.

ولم أجد البخاريَّ ومسلمًا خرَّجا في صحيحيهما رواية ابن المبارك عن الشاميين، إلا ما خرجاه في المتابعات عنه عن الأوزاعي، وما خرجه مسلم في المتابعات أيضًا عنه عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأراد به إعلاله كما سيأتي، فليس اعتمادهما في ذلك على روايته.

ولم أجد أحدًا من الأئمة - متقدمهم ومتأخرهم - نصَّ على أن في روايته عنهم أوهامًا، ومن وجد فليحسن به علينا، أحسن الله إليه.

وهذا ما وقفت عليه من الأوهام:

أولاً: أخرج الترمذي في السنن (1050) قال: حدثنا هناد، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها».

قال أبو بكر الأثرم - كما في تاريخ دمشق (10/ 161) -: سمعت أحمد بن حنبل - وذكر حديث أبي مرثد الغنوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تصلوا إلى القبور ... » فقال: "إسناد جيد"، قلت له: ابن المبارك يدخل فيه أبا إدريس؟ فقال: "نعم، وقال غيره عن بسر بن عبيد الله قال: سمعت واثلة"، فقال الهيثم بن خارجة: "ما صنع ابن المبارك شيئًا، هذا صدقة والوليد - وذكر ثالثًا - عن بسر بن عبيد الله ليس فيه أبا إدريس".

وقال الترمذي عقب إخراجه الإسناد الأول: حدثنا علي بن حجر وأبو عمار، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بسر بن عبيد الله، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، وليس فيه (عن أبي إدريس)، وهذا الصحيح.

قال أبو عيسى: قال محمد: "وحديث ابن المبارك خطأ، أخطأ فيه ابن المبارك وزاد فيه: (عن أبي إدريس الخولاني)، وإنما هو بسر بن عبيد الله عن واثلة، هكذا روى غير واحد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وليس فيه (عن أبي إدريس)، وبسر بن عبيد الله قد سمع من واثلة بن الأسقع".

وقال في علله الكبير (ص151 رقم 259 - ترتيبه): سَألْتُ مُحَمدًا عن هذا الحديث، فقال: "حديث الوليد بن مسلم أصح، وهكذا روى غير واحد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن بسر بن عبيد الله عن واثلة بن الأسقع". قال محمد: "وبسر بن عبيد الله سمع من واثلة، وحديث ابن المبارك خطأ إذ زاد فيه: (عن أبي إدريس الخولاني) ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير