تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معنى تكنية بعض الأئمة عن بعض الرجال المقرونين في أسانيدهم بكلمة "وآخر"]

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[16 - 01 - 07, 12:14 م]ـ

الحمد لله.

كان بعض أئمة الحديث عندما يرِدُ في تضاعيف الإسناد راويان مقرونان أحدهما ثقة والآخر مجروح ربما يُسقط اسم المجروح من الإسناد ويذكر الثقة ثم يقول: (وآخر) كناية عن المجروح؛ وإليك شرح ذلك الصنيع وبيان حقيقته ودلالاته.

ذكر الشوكاني في (الفوائد المجموعة) (رقم 33) حديث (إن لقيتم عشارًا فاقتلوه)، ثم قال في تخريجه:

(هو موضوع؛ قال [السيوطي] في (اللآلئ): أخرجه أحمد، وفيه ابن لهيعة ذاهب الحديث؛ وقال في (الوجيز): في إسناده مجاهيل، وأخرجه البخاري في (تاريخه) والطبراني.

وابن لهيعة أخرج له مسلم، وسائرُ رجاله معرفون؛ قال السيوطي: والصواب أنه حسن ----).

فقال العلامة المعلمي متعقباً إطلاق السيوطي نسبة الإمام مسلم إلى الرواية عن ابن لهيعة:

(هذا إطلاق منكر، إنما وقع لمسلم في إسناد خبرين عن ابن وهب "أخبرني عن (1) عمرو بن الحارث، وابن لهيعة "، سمع مسلم الخبر هكذا، فحكاه على وجهه، واعتماده على عمرو بن الحارث، فإنه ثقة؛ ويقع للبخاري، والنسائي نحو هذا فيكنيان عن ابن لهيعة، يقول البخاري: "وآخر"، ويقول النسائي: "وذكر آخر"؛ ورأى مسلم أنه لا موجب للكناية، مع أن ابن لهيعة لم يكن يتعمد الكذب، ولكن كان يدلس، ثم احترقت كتبه وصار من أراد جمَعَ أحاديثَ على أنها من رواية ابن لهيعة، فيقرأ عليه، وقد يكون فيها ما ليس من حديثه، وما هو في الأصل من حديثه لكن وقع فيه تغيير، فيقرأ ذلك عليه، ولا يرد من ذلك شيئاً، ويذهبون يروون عنه، وقد عوتب في ذلك فقال: "ما أصنع؟ يجيئونني بكتاب فيقولون: هذا من حديثك فأحدثهم"؛ نعم إذا كان الراوي عنه ابن المبارك أو ابن وهب وصرح مع ذلك بالسماع فهو صالح في الجملة، وليس هذا من ذاك، فأما ما كان من رواية غيرهما ولم يصرح فيه بالسماع وكان منكراً فلا يمتنع الحكم بوضعه)؛ انتهى.

وعقد الخطيب في (الكفاية) (ص378) باباً أسماه (باب في المحدث يروي حديثاً عن الرجلين أحدهما مجروح هل يجوز للطالب أن يسقط اسم المجروح ويقتصر على حمل الحديث عن الثقة وحده؟)، فقال فيه:

(ولا يستحب للطالب أن يسقط اسم المجروح ويجعل الحديث عن الثقة وحده، خوفاً من أن يكون في حديث المجروح ما ليس في حديث الثقة؛ وربما كان الراوي قد أدخل أحد اللفظين في الآخر أو حمله عليه).

ثم قال: (وكان مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما يسقط المجروح من الإسناد ويذكر الثقة ثم يقول: "وآخر" كنايةً عن المجروح؛ وهذا القول لا فائدة فيه، لأنه إن كان ذِكْر الآخر لأجل ما اعتللنا به [يعني عدم جواز إسقاط اسم المجروح] فإن خبر المجهول لا يتعلق به الأحكام، وإثبات ذكرِه [أي بلفظة "وآخر"] وإسقاطه سواء، إذ ليس بمعروف؛ وان كان عوَّل على معرفته هو به فلِمَ ذكره بالكناية عنه وليس بمحل الأمانة عنده؟ ولا أحسب إلا استجاز إسقاط ذكره والاقتصار على الثقة لأن الظاهر اتفاق الروايتين على أن لفظ الحديث غير مختلف واحتاط مع ذلك بذكر الكناية عنه مع الثقة تورعاً، وإن كان لا حاجة إليه، والله أعلم). انتهى كلام الخطيب رحمه الله.

قلت: أظن مسلماً لم يكن يفعل ذلك في طبقة شيوخه، ولكن في الطبقات الأخرى، وممن كان يكني عنه بالصيغة السابقة (ابن لهيعة)، كما تقدم في كلام العلامة المعلمي؛ وهذا من حسن صنيع مسلم وكمال أمانته، فإنه لم يستحسن حذفه فيغير سياق الرواية تغييراً كبيراً وقد يكون ضاراً، ولم يستحسن ذكره صريحاً فيظن ظان أنه يحتج به أو يستشهد به؛ وهو إنما علم أن اللفظ للثقة الذي سماه فسماه وذكر المقرون به، بالكناية عنه، فحقق المقصود واحترز مما يحذر.

وليس هذا تدليساً، لأنه لا إيهام فيه؛ ومسلم مشهور بتدقيقه في الألفاظ وتمييزه الاختلاف الواقع بين روايات الحديث الواحد عندما يجمعها في سياق واحد.

وأقول تكميلاً لكلام الخطيب: ومما هو أدعى إلى عدم الإسقاط أن يكون الثقة مدلساً وقد عنعن ففي تلك الحالة يقوم الاحتمال على أنه قد سمعه من ذلك المجروح فدلسه، فتابع أحدهما الآخر فسمعهما الراوي عنهما فقرن بينهما في سياق الإسناد ووحد المتن.

**************************************************

(1) كذا العبارة في دفتري فلتحرر من مطبوعة الفوائد فليست قريبة مني الآن.

ـ[أبوصالح]ــــــــ[23 - 01 - 07, 03:00 م]ـ

ومما هو أدعى إلى عدم الإسقاط أن يكون الثقة مدلساً وقد عنعن ففي تلك الحالة يقوم الاحتمال على أنه قد سمعه من ذلك المجروح فدلسه، فتابع أحدهما الآخر فسمعهما الراوي عنهما فقرن بينهما في سياق الإسناد ووحد المتن.

((ووحد المتن))

بارك الله فيكم شيخنا الكريم وأحسن إليكم وأجزلَ لكم المثوبة والأجر ..

ليس لدي مثال أذكره وأطبّق عليه وإن كنت أحبّذ ذلك

لكن في قولكم ((ووحد المتن)) هل يعني أن متن الثقة ومتن المجروح اختلطا وصارا واحداً؟

وجه الاشكال لدي:

أنني قد أرى السند وفيه ثقة وفيه مجروح مقرون غير مسمّى

وإذا رأيت المتن فإنه ينصرف ذهني إلى أن المتن = متن حديث الثقة وحده .. وهذا معناه أن مرتبة المتن الذي في إسناده ثقة ومجروح مقرون، لا يكون في مرتبة المتن الذي إسناده ثقات ولا يكون فيه قرناء ..

وهذا يشكل علي بحسب السؤال الذي وضعته أعلى.

هل ما فهمته من كلامكم صحيح؟

ولكم ألف تحية وسلام.

محبكم

أبوصالح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير