[حجية خبر الآحاد]
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[08 - 10 - 06, 02:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
(سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ـالبقرة:32 ـ
خبر الآحاد:
1 - تعريفه لغة: " الآحاد جمع أحد بمعنى الواحد، وخبر الواحد هو ما يرويه شخص واحد " (1).
2 - تعريفه اصطلاحا: وأما تعريفه اصطلاحا فقد عرفه الحافظ ابن حجر (ت852هـ) بأنه الحديث الذي لم يجمع شروط المتواتر (2). ويوضح ابن حزم (ت456هـ) ذلك فيشير إلى أنه ما ينقله من الأخبار واحد عن واحد (3).
3 - حكمه: يرى ابن حزم (ت456هـ) أن خبر الآحاد إذا اتصل برواية العدول إلى الرسول? وجب العمل به ووجب العمل بصحته أيضا، (1) وهو رأي الإمام مالك (ت179هـ) والحسين بن علي الكرابيسي (ت245هـ) (2) والحارث المحاسبي (ت 243هـ) (3)، وهو قول الإمام أحمد (ت241هـ) أيضا. (4)
وأما الجمهور فيرون أنه حجة يجب العمل به وإن أفاد الظن: "وقال الحنفيون والشافعيون وجمهور المالكيين وجميع المعتزلة والخوارج: إن خبر الواحد لا يوجب العلم. ومعنى هذا عند جميعهم أنه قد يمكن أن يكون كذبا أو موهوما فيه ... وقال سائر من ذكرنا: إنه يوجب العمل" (5).
وأما ابن تيمية (ت728هـ) فيرى أن جمهور العلماء على اختلاف مذاهبهم يرون أن خبر الآحاد يوجب العلم إذا تلقته الأمة بالقبول. "ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له أو عملا به أنه يوجب العلم. وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة، ومالك والشافعي وأحمد إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل العلم أنكروا ذلك. ولكن كثيرا من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء وأهل الحديث والسلف على ذلك. وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق (1) وابن فورك (2) " (3).
ويورد ابن تيمية (ت728هـ) أسماء علماء المذاهب الأربعة الذين قالوا إن خبر الآحاد يوجب العلم:" والأول هو الذي ذكر الشيخ أبوحامد (ت505هـ) (4)، وأبوالطيب (ت450هـ) (5)، وأبو إسحاق (ت476هـ) (6) وأمثاله من أئمة الشافعية، وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب (ت 422 هـ) (1) وأمثاله من المالكية، وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي (ت 483 هـ) (2) وأمثاله من الحنفية. وهو الذي ذكره أبو يعلى (ت 358 هـ) (3) وابو الخطاب (ت 510 هـ) (4). وأبو الحسن بن الزاغوني (ت 527 هـ) (5) وأمثالهم من الحنبلية " (3).
كما يذكر أسماء من أنكر ذلك من العلماء. "وأما الباقلاني (ت403هـ) (6) فهو الذي أنكر ذلك وتبعه مثل أبي المعالي (ت478هـ) (1)، وأبي حامد (ت 505 هـ) (2)، وابن عقيل (ت 513 هـ) (3)، وابن الجوزي (ت 597 هـ) (4)، وابن الخطيب (ت 606 هـ) (5)، والآمدي (ت 631هـ) (6)، ونحو هؤلاء" (7).
وقد بين ابن تيمية (ت 728هـ) أنه لا قيمة لمخالفة هؤلاء لإجماع أهل العلم بالحديث لأن العبرة بأصحاب الاختصاص في الحديث الذين وقفوا حياتهم لخدمة هذا العلم الجليل: " وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث، كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة " (1).
ويرى ابن تيمية (ت 728 هـ) أن مما يوقع الغلط في الحديث، نوعان من الناس:
أحدهما: أشخاص لا صلة لهم بعلم الحديث، ومع ذلك فإنهم يقتحمون رحابه، فيقولون فيه أقوالا، ويصدرون فيه أحكاما على غير هدى، ولا بصيرة ولا علم، فيصححون الضعيف، وقد يضعفون الصحيح، ويعتمدون ذلك في مقالاتهم ومناظراتهم. ويأتي على رأسهم المتكلمون ومن على شاكلتهم.
والثاني: أدعياء علم الحديث الذين ينتسبون له وليسوا من أهله، بحيث لم تتكون لديهم خبرة واسعة به، ولم يملكوا بعد ملكة نقدية، ولا حسا حديثيا يمكنهم من دراسة الحديث من حيث السند والمتن، " فكلما وجدوا لفظا في حديث رواه ثقة، أو رأوا حديثا بإسناد ظاهره الصحة يريدون أن يجعلوا ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذوا يتكلفون له التأويلات الباردة، أو يجعلوه دليلا له في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط " (1).
وكأن ابن تيمية (ت 728 هـ) -رحمه الله - يلمح للمفسرين أن لا يسارعوا في الحكم على الحديث، ويبنوا عليه أحكاما، أو يحملوا عليه معنى آية من آي الذكر الحكيم إلا بعد أن يستفتوا أهل العلم بالحديث، ويعملوا بفتواهم، فهذا هو المنهج القويم الذي يتعين على المفسر العمل به وصولا إلى الحقيقة، وعملا بالعلم لا بالظن الباطل، أو الزيغ والهوى.
وقد بين ابن تيمية أن كثيرا من المفسرين قد جانبوا الحقيقة وبعدوا عن الصواب لما تنكبوا هذا الطريق.
ـ[عمر بن نوح الدمري]ــــــــ[14 - 11 - 06, 11:53 ص]ـ
بارك الله فيك
¥