إطلاق التوثيق من الأئمة المتقدمين أكثر شمولاً منه عند المتأخرين .. سؤال
ـ[أبوصالح]ــــــــ[13 - 11 - 06, 10:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده ..
أحسن الله إليكم، استوقفتني عبارة في كتاب ضوابط في الجرح والتعديل للشيخ عبدالعزيز العبداللطيف (رحمه الله) ص 90:
قد يرد إطلاق التوثيق من الأئمة المتقدمين أكثر شمولاً منه عند المتأخرين، وهو عند المتأخرين أكثر تحديداً لدرجة الراوي. اهـ
هل يعني أن المتأخرين أكثر دقة في إطلاق وصف (الثقة) .. أم أنّ الشيخ أراد معنىً لم يتضح لي ..
وهل بالإمكان لو نتذاكر بعض النماذج العملية في ذلك .. ؟
ـ[أبو زيد الشمري]ــــــــ[17 - 11 - 06, 11:55 م]ـ
قال الذهبي رحمه الله تعالى في الموقظة: (ويمتاز الثقة بالضبط والإتقان).
ثم قال الشيخ عمرو عبد المنعم سليم معلقاً على ذلك: وكأنه هنا -رحمه الله- يرد على من ادعى أن الثقة هو من ثبتت عدالته, وإن لم يرد مايدل على ثبوت ضبطه, وهو مذهب كثير من الفقهاء والأصوليين وبعض المحدثين كابن حبان -رحمه الله- وأما جماهير أهل العلم فعلى ثبوت العدالة والضبط جميعاً.
من كتاب تحرير قواعد الجرح والتعديل
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - 11 - 06, 01:29 ص]ـ
قد يرد إطلاق التوثيق من الأئمة المتقدمين أكثر شمولاً منه عند المتأخرين، وهو عند المتأخرين أكثر تحديداً لدرجة الراوي. اهـ
هل يعني أن المتأخرين أكثر دقة في إطلاق وصف (الثقة) .. أم أنّ الشيخ أراد معنىً لم يتضح لي ..
وهل بالإمكان لو نتذاكر بعض النماذج العملية في ذلك .. ؟
مقصوده - والله أعلم - أن المتقدمين يطلقون كلمة (ثقة) على درجات مختلفة من القبول، فقد يطلقونها على من حديثه حسن، وقد يطلقونها على من هو أعلى من ذلك، وقد يطلقونها على المتقن، أما المتأخرون فهي عندهم تختلف عن المقبول والصالح والحسن، وتختلف عن الحجة والثبت؛ لأن الأمر صار اصطلاحات ثابتة بعد تقعيد هذا الفن على يد ابن الصلاح ومن تبعه.
ومن مُثُل ذلك عند المتقدمين: أن ابن معين أحيانا يقول في الراوي: ثقة، وأحيانا يقول عنه: لا بأس به.
ومن مثل ذلك أيضا أن أبا حاتم يقول أحيانا في الراوي الثبت: صالح الحديث، وأحيانا يقول في الراوي المقبول: صالح الحديث، وأحيانا يقول في الراوي اللين: صالح الحديث.
ويعرف هذا الأمر بالموازنة بين أقوال أبي حاتم وأبي زرعة مثلا أو أقوال أبي حاتم وأحمد بن حنبل.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[21 - 11 - 06, 03:37 م]ـ
مقصوده - والله أعلم - أن المتقدمين يطلقون كلمة (ثقة) على درجات مختلفة من القبول، فقد يطلقونها على من حديثه حسن، وقد يطلقونها على من هو أعلى من ذلك، وقد يطلقونها على المتقن، أما المتأخرون فهي عندهم تختلف عن المقبول والصالح والحسن، وتختلف عن الحجة والثبت؛ لأن الأمر صار اصطلاحات ثابتة بعد تقعيد هذا الفن على يد ابن الصلاح ومن تبعه.
نعم هذه هي العلة في الفرق المشار إليه بين المتقدمين والمتأخرين في إطلاق لفظة (ثقة)، فجزى الله أخانا الحبيب أبا مالك خيراً.
ولكن إن سأل سائل عن سبب هذا الفرق وأصلِه، وأراد معرفة سبب عدم حرص المتقدمين على الدقة البالغة أو التقسيم الرياضي المنطقي لما يستعملونه من اصطلاحات في نقد الرواة، وسأل عن سبب مخالفة المتأخرين لجادة المتقدمين في ذلك فكيف تكون إجابته؟
يتبين سبب ذلك الفرق من معرفة منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين في نقد الرواة والأحاديث.
إن الفرق بين كلمة (ثقة) وكلمة (صدوق) عند المتقدمين ليس فرقاً كبيراً، لأنهم لا يعتمدون في نقد حديث الراوي على ما قيل في ذلك الراوي من ألفاظ نقدية أكثر من اعتمادهم في ذلك على استقراء طرق ذلك الحديث وتتبعها، ولو كان ذلك الراوي هو الزهري أو مالك بن أنس أو عبدالرحمن بن مهدي أو غيرهم من الثقات المتقنين، ومن باب أولى أن يدرسوا حديث الصدوق قبل افتراض كون حديثه حسناً، فقد يكون حديث الثقة شاذاً أو معللاً، وقد يكون حديث الصدوق صحيحاً ولو تفرد به.
وهكذا نجد الفرق غير كبير - أو في الأقل غير كبير جداً - بين من يقال فيه: صدوق وبين من يقال فيه: ثقة؛ وذلك بخلاف الأمر عند المتأخرين فجُلّ علمهم في الحكم على الأحاديث مستند إلى أقوال النقاد في رجال ذلك الحديث.
ثم إن المتقدم من علماء الحديث مجتهد أو أكثر اجتهاداً أو أقرب إلى الاجتهاد، وليس كذلك المتأخرون، فصار تعويل المتأخرين على الألفاظ ومعانيها كبيراً، وهو نظير مبالغتهم في التعويل على القواعد والأصول وتعميمها.
إن الأصل في أحاديث الثقة عند المتأخرين هو الحكم لها بالصحة، ولا يكادون يخرجون عن هذا الأصل، وأما المتقدمون فالأصل عندهم دراسة حديث كل راو دراسة وافية قبل الاعتماد على الأصل المذكور، مع أنهم لا يغفلون ذلك الأصل أصلاً، ولكنهم لا يستغنون به عن الدراسة المتبحرة والبحث الوافي، وكان ذلك يسيراً عليهم، بحمد الله.
¥